بوادر أزمة تجارية بين مصر وروسيا تضاف إلي أزمة سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر من العام الماضي وكان عليها 224 راكباً روسياً حيث سقطت في سيناء. والقصة ترجع إلي ان مصر رفضت شحنة قمح مصابة ب "الأرجوت" ولم تبلغ السلطات الروسية بها في وقت مناسب حتي تم شحن 60 ألف طن قمح مصدرة إلي مصر وبها نسبة من "الأرجوت"!! وكانت النتيجة أن روسيا أوقفت صادرات مصر من الخضر والفاكهة نتيجة لوجود بعض الاختراقات في الشحنات المصدرة مما يمنحها الحق في وقف الاستيراد. وقد تلقت مصر خطاباً من روسيا بهذا المعني يوم 3 سبتمبر الحالي.. كما تلقت خطاباً آخر يتعلق بعقد لقاء عاجل لبحث أزمة رفض مصر إدخال 60 ألف طن قمح مصابة بالأرجوت وفق النسب المسموح بها عالمياً. وكانت وزارة الزراعة قد أصدرت قراراً بمنع استيراد القمح المصاب بالفطر بأي نسبة.. ولم يتم إبلاغ الجانب الروسي بالقرار قبل صدوره بوقت كاف في الوقت الذي يتم فيه التفاوض حالياً لعودة السياحة الروسية لمصر. وذكرت مصادر مسئولة ان منظمة الصحة العالمية ومنظمة "الفاو" تسمحان باستخدام القمح المصاب ب "الأرجوت" بنسبة 5 في الألف نظراً لعدم تسببها في أضرار صحية. وكانت روسيا قد امتنعت عن إرسال سائحيها إلي مصر منذ حادث الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء.. وأعلنت مصر أنها مستعدة لاستقبال لجان فنية روسية للتفتيش علي الإجراءات الأمنية في المطارات. وظلت الوفود الروسية تأتي إلي مصر وأجرت تفتيشاً علي معظم مطارات مصر ابتداء من شرم الشيخ حتي الغردقة والقاهرة والأقصر.. ومع ذلك ظلت مترددة في إرسال السياح إلي مصر.. وفي كل مرة كانت تعد بعودة السياحة ولم توف حتي الآن بوعودها. ورغم ان روسيا احتجت بشدة علي إسقاط مقاتلة روسية فوق الأراضي السورية بواسطة الطيران التركي وتم قتل قائدها عمداً.. إلا أن العلاقات الروسية التركية سرعان ما عادت إلي طبيعتها وذهب السياح الروس إلي تركيا وكأن شيئاً لم يكن!! السؤال هو: لماذا التعنت مع مصر إلي هذه الدرجة.. مع ان مصر فضلت السلاح الروسي علي السلاح الأمريكي.. واختارت روسيا لبناء المفاعل الذري في الضبعة.. والعلاقات بين القيادتين الروسية والمصرية وبين الشعبين علي أفضل ما يرام.. ومع ذلك نجد تعنتاً من روسيا في تعاملها مع مصر. كان من الممكن التفاوض مع مصر حول صفقة القمح المصاب بنسبة "الأرجوت" في حدود 5 في الألف وإقناع مصر بأن منظمة الصحة العالمية و"الفاو" تسمحان باستخدام هذا القمح لأنه لا يضر بالصحة بدلاً من افتعال أزمة بمنع الفاكهة والخضراوات المستوردة من مصر بحجة أن بها بعض الاختراقات في الشحنات المصدرة. علي أي حال نرجو ان تمر الأزمة التجارية بين مصر وروسيا بما يتناسب مع حسن العلاقات بين القيادتين السياسيتين وحسن علاقات الصداقة بين الشعبين. عبدالحميد الدمرداش رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية قال إن السوق الروسي مهم للغاية ويأتي في المرتبة الثانية للصادرات الزراعية بنسبة 20 في المائة. مؤكداً ان حجم صادرات الحاصلات والمنتجات الزراعية يقدر بپ2.4 مليار دولار لكمية 6 ملايين طن سنوياً. وقال عبدالحميد الدمرداش إنه كان يتم استيراد القمح المصاب بنسبة لا تزيد عن 5 في الألف وفق منظمتي الصحة العالمية والفاو.. مشيراً إلي أن الجانب الروسي اعترض علي عدم إبلاغه بتغيير مواصفات الحجر الزراعي بفترة كافية. أكد مصطفي النجاري أمين صندوق المجلس التصديري للحاصلات الزراعية ان المجلس سيعقد اجتماعاً عاجلاً لبحث الخطاب الوارد من روسيا حول وجود بعض الاختراقات في الواردات الزراعية المصرية. والمنتظر لحل هذه المشاكل ان تحدد روسيا موعداً محدداً لعودة السياحة الروسية إلي مصر.. كما ينتظر ان تحل مشكلة القمح الروسي الذي تستورده مصر وحل مشكلة الحاصلات الزراعية المصدرة من مصر إلي روسيا في أقرب فرصة.