** في ظل السموات المفتوحة وتحول البث التليفزيوني إلي الديجيتال أو الرقمي.. وكذلك في ظل انتشار الأقمار الصناعية وغزو الفضائيات مجهولة النسب.. وعفوا أن قلت لقيطة.. فإن صناعة الاعلام في مصر أصبحت تواجه مأزقا شديدا يهدد هذه الصناعة ويضربها في مقتل. ولعلنا نري بأم أعيننا شاشة التليفزيون مليئة هذه الأيام بالعشرات من بالوعات المجاري الفضائية التي طفحت بها مستنقعات الفضاء الإعلامي تحت مسمي قنوات فضائية أغلبها مجهولة النسب لا نعرف لها "أب شرعي" وأغلب من ينسبونها لأنفسهم هم من فصيلة "محجوب عبد الدايم" في رائعة المخرج الراحل صلاح أبو سيف فيلم "القاهرة 30". ومن يتابع ما يجري حاليا علي الساحة الاعلامية يري العجب العجاب.. فالتليفزيون المصري "الرسمي" تراجع كثيرا بسبب ما يعانيه منذ 25 يناير 2011 وحتي الآن وتحولت السطوة الاعلامية لعدد غير قليل من بالوعات المجاري الفضائية التي تهب رائحتها من الفضاء وليس من مواسير الصرف الاعلامي الأرضية.. كما يحدث في طفح المجاري في كل بلاد العالم. وما نراه اليوم هو ظاهرة انضمام عدد من الشبكات التليفزيونية مما يعد تحولا كليا لإعادة صياغة الخريطة الاعلامية المصرية.. وهذه التكتلات الاعلامية التي تحدث حاليا تتم لصالح فئة معينة غير معلومة الاهداف أو التوجهات وإن كان ظاهرها الاستحواذ علي كعكة وسوق الاعلانات.. أما باطنها ففي نفس "يعقوب"..! وقد تكون فكرة الدمج بين أي قناتين أو شبكتين من الناحية المهنية وعلي المستوي الاعلامي والتليفزيوني أمرا جيدا وخطوة في الطريق الصحيح في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها كثير من دول العالم. وإذا كان الاعلام الخاص يتجه بمثل هذه التكتلات إلي ناحية الصوت الواحد.. والسيطرة علي العقل المصري.. فإن هذه التجربة اثبتت عدم نجاحها.. لذا يجب علي تليفزيون الدولة أن يقوم بتطوير وتجديد نفسه ومحتواه الموجود حاليا بتقديم برامج متميزة وهادفة وقوية سواء سياسية أو اجتماعية أو ثقافية.. فتليفزيون الدولة يمتلك مقومات وقدرات لا يستهان بها ويستطيع بسهولة المنافسة بقوة أمام الكيانات الاعلامية "مجهولة النسب" التي تريد الاستحواذ والسيطرة علي العقل المصري وسوق الاعلانات!! وبرأيي.. فإن التكتلات الاعلامية أو الاحتكارات التي تسعي إليها بالوعات المجاري الفضائية تأتي بسبب غياب التشريع الذي يجب أن يفطن المسئولون عن وضعه إلي ما يجري حاليا علي الساحة الاعلامية وما تمثله هذه التكتلات من خطورة علي الاعلام المصري لصالح أصحاب رؤوس الأموال الذين سيطروا علي الفضاء الاعلامي ببالوعاتهم الفضائية لهدم تليفزيون الدولة والاعلام الوطني الذي يئن من أزماته المالية. وأنا علي يقين بأن تليفزيون الدولة والاعلام الوطني أكبر بكثير من أن يدخل في منافسة مع هذه القنوات لأن دوره يركز علي معايشة قضايا واهتمامات الجماهير معايشة كاملة تدعم وتقوي قنوات الاتصال بينه وبين وسائل اعلامه معتمدة في ذلك علي الصدق والموضوعية والأمانة والمهنية ومصارحة الجماهير وكشف الحقائق بما يساعد علي تدعيم الايجابيات ومواجهة السلبيات وهذا اسهام في دعم الصناعة والتعامل مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع ضرورة تلبية المتطلبات المستقبلية للاعلام الوطني القومي المملوك للدولة. ويجب علينا أن نتحرك سريعا بإصدار التشريعات الاعلامية الجديدة وأن يقوم مجلس النواب بصياغة هذه التشريعات وإقرارها في دور الانعقاد الثاني.. انقاذا للاعلام المصري.. وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.