تباينت آراء نخبة من نجوم الإعلام العربي حول أسباب الانفلات الحاصل حاليا في أجواء الفضاء والبث التلفزيوني العربي، ففي الوقت الذي أرجعه عدد من هؤلاء الى الحكومات العربية وممولي الفضائيات، داعين الى مقاطعة القنوات السيئة، على اعتبار أن المقاطعة أضعف الإيمان، القى البعض الآخر بمسؤولية ذلك على عاتق المشاهد الذي بإمكانه الاختيار في المشاهدة من عدمها، لكنهم قالوا إن المقاطعة صعبة جدا والأصعب منها فرض الرقابة في زمن «السماء المفتوحة»، لافتين الى أن الأمر برمته يجب أن تحكمه ضوابط أخلاقية ومبادئ تتربى عليها الأجيال في البيت والمدرسة. «القبس» التقت العديد من نجوم الإعلام العربي الذين شاركوا في منتدى الفضائيات والتحدي الأخلاقي الذي اختتم أعماله في الدوحة أمس الثلاثاء، ومن بين هؤلاء الإعلامي الشهير في تلفزيون المستقبل اللبناني زاهي وهبي، الذي يرى أن بعض الفضائيات العربية تؤثر بشكل سلبي في الشباب والجيل العربي الناشئ، وتساهم في تمييع ثقافتهم وقيمهم وتسطيح فكرهم واستغلال مواردهم المالية من خلال الوسائط المتعددة المستخدمة في برامج تلك الفضائيات. ويعتقد وهبي أن الغالبية العظمى مما تبثه الفضائيات العربية في الوقت الراهن يبعث على الاشمئزاز والغضب، خصوصا القنوات التي تبيع الأوهام وبرامج المسابقات وتبث برامج السحر والشعوذة التي أصبحت تنتشر بشكل يدعو إلى القلق، موضحا أن هذا النوع من الفضائيات يعتمد في تحصيل إيراداته وتواصله مع الجمهور على الرسائل القصيرة فقط. وطالب وهبي بضرورة التصدي لمثل هذه الفضائيات من خلال سن القوانين والتشريعات الصارمة للحد من تأثيرها في المجتمع، ولكن بشرط عدم المساس بحرية الإعلام. وقال: يجب أن نمنع تلك الفضائيات من تمييع فكر الشباب وقيمهم واستنزافهم واستغلالهم ماديا وتوعيتهم إزاء مخاطر ما تبثه تلك القنوات الفضائية الهابطة. زاهي وهبي ينظر الى مسألة تزايد الفضائيات العربية من زاويتين، إيجابية من منطلق أنها تقوم بتشغيل أعداد هائلة تقدر بالآلاف لخريجي وخريجات كليات الإعلام في العالم العربي، وسلبية بسبب طغيان الكم على النوع والجودة فيما يتم تقديمه من برامج. المال يتحكم في كل شيء وبالنسبة للإعلامية اللبنانية نجاة شرف الدين، فإن هناك دورا ومسؤولية تتحملها وسائل الإعلام المحافظة في مواجهة خطر الفضائيات الهابطة، موضحة أن التمويل هو الذي يتحكم في كل شيء، المال هو صاحب القرار في كل الفضائيات العربية، حيث ان ممولي الفضائيات هم الذين يسيطرون على ما تبثه تلك الفضائيات، وليس الإعلاميون العاملون فيها، ولو أن هناك جانبا من المسؤولية يتحملها هؤلاء من خلال هامش الحرية الممنوح لهم. وتساءلت شرف الدين عن مدى قدرة العالم العربي على استيعاب الفضائيات العربية البالغ عددها 400 محطة، غالبيتها العظمى ليس لها رسالة واضحة وتبث برامج ليس لها مردود مادي ولا ثقافي ولا أي فائدة. لكن شرف الدين أكدت أن مثل هذه القنوات الفضائية لن تصمد طويلا، وستخلق أزمة في المستقبل، لأننا سنعود الى مسألة دمج الفضائيات بهدف الوصول الى مختلف شرائح المشاهدين في العالم العربي. وتابعت شرف الدين قولها: يجب ألا نحمل المسؤولية كاملة لتلك الفضائيات، لأننا نتحمل جزءا كبيرا من تلك المسؤولية، يجب علينا ألا نركز على القضايا التافهة فيما تبثه الفضائيات. المشكلة في المجتمع أما الإعلامي زافين قيومجيان فينظر الى القضية من منظار آخر، فهو يعتقد أن المشكلة في الفضاء العربي ليست في الفضائيات إنما في المجتمعات العربية. ويرى قيومجيان أن أصحاب الفضائيات العربية هم دول وحكومات، وقد أوجدوا القنوات الترفيهية لخدمة شريحة كبيرة جدا من المشاهدين، مطالبا المشاهدين أنفسهم بالاختيار بين القنوات الترفيهية أو المحافظة. وقال: عندما يرى المشاهد أن هناك محطات هابطة لا تؤدي أي رسالة وتؤثر فيه بشكل سلبي، فعليه مقاطعتها، لأنه بذلك يساهم في إغلاقها بعد أن يقاطعها المعلن وتصبح بلا مورد مالي. وأضاف قيومجيان: إن المسؤولية الأساسية فيما يتوجب علينا مشاهدته أم لا، يجب أن تنطلق من البيت الذي يعد المدرسة الأولى والأساسية. ووفقا للإعلامي المصري حمدي قنديل، فإن الواقع الراهن للفضاء العربي يوجب ضرورة وجود مرصد يمثل ضمير المجتمع، لنراقب من خلاله الفضائيات العربية التي خرج بعضها على كل الأعراف بعد أن تحول الى التطرف أو الفجور. وقال: اننا يجب أن نحمي أسرنا من أخطار تلك الفضائيات، مطالبا بمقاطعة الفضائيات الإباحية لأن ذلك أضعف الإيمان. الدول تتحمل المسؤولية ويرى الإعلامي المصري أحمد منصور في قناة الجزيرة، أن الدول التي تملك أقمارا صناعية هي التي تتحمل المسؤولية الأولى بالنسبة لفوضى الفضائيات العربية وفيما تبثه، وقال إن حجم ما تبثه الفضائيات الهابطة أكبر من المقدرة على صده من قبل البيت أو المدرسة، داعيا الى تكاتف مختلف أطراف المجتمعات العربية من أجل الوقوف صفا واحدا في وجه هذا السيل الجارف من الفساد الذي يطال المجتمع عبر تلك الفضائيات، ويجمع الأموال في جيوب قلة قليلة من المستفيدين والمتنفعين. وقال منصور إن ما من مشكلة في التشريعات، وإنما المشكلة في الإرادة السياسية التي يجب أن تتوافر لدى الحكومات العربية ولدى الحكام من أجل وضع حد لهذه الاختراقات، مضيفا أن الفساد الذي يأتي عبر هذه الفضائيات العربية أكبر من الفساد القادم من الخارج. من جانبه، قال الإعلامي حافظ الميرازي انه ينبغي على الحكومات العربية التي تطالب الفضائيات بالالتزام أن تطبقه على القنوات الخاصة لديها أولا والتي لا تعرض سوى العري والإباحية. وطالب الميرازي بتشجيع نظام الكيبل في العالم العربي بالنسبة للبث التلفزيوني، وذلك حتى لا يضطر المشاهدون لرؤية كل المهازل التي تقدمها الفضائيات، وقال إن الرقابة هنا ليس المقصود منها السياسي، وإنما تمثل نظاما يتم من خلاله مراعاة نوعية القنوات التي تعرض على الأسرة