نساء النبي صحابيات فضليات جليلات وقد شرفهن الله بصحبة نبيه صلي الله عليه وسلم وجعلهن أمهات للمؤمنين فقال تعالي: "النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه أمهاتهم" وحرم علي المؤمنين نكاحهن بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم لأنهن أمهاتهم كما اسلفنا وقد ذكرهن الله تعالي في عدة مواضع من القرآن الكريم ومنها الآية السابقة وقد كن كلهن ثيبات عدا السيدة عائشة وكانت أولاهن السيدة خديجة التي تزوجها الرسول قبل بعثته وكانت تكبره بخمس عشرة سنة ولم يتزوج عليها الرسول حتي ماتت سنة عشر من البعثة ثم تزوج بعدها السيدة سودة بن زمعة ثم تزوج بعدها عدة نساء هن عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأم حبيبة رملة بن أبي سفيان وميمونة بنت الحارث الهلالية. وقد كانت كل زيجة لها اسبابها الخاصة فمثلاً: السيدة سودة مات عنها زوجها وكان أهلها مشركين وكان عمرها حينئذ ستة وستين عاماً فلم يتركها لأهلها وتزوجها رغم أنها كانت تكبره بخمس عشرة سنة مثل السيدة خديجة والسيدة عائشة رأي في المنام أنها زوجته وقد ورد في ذلك في الحديث الذي ذكرناه في كلامنا عنها وكان زواجه منها هي والسيدة حفصة اكراماً لوالديهما أما السيدة أم سلمة فقد كانت من أصحاب الهجرتين "الحبشة والمدينة" وقد مات عنها زوجها أبو سلمة وله من الفضل ما له وكان في حجرها يتامي يحتاجون للرعاية فكان زواجه منها اكراماً لها علي صبرها وسبقها في الإسلام واكراماً لزوجها برعايتها بعده ورعاية أولاده. وكان من رحمته صلي الله عليه وسلم أنه في ليلة زواجه منها لم يجد أبناءها فسألها عنهم فأخبرته أنهم ذهبوا لخالهم فأمرها بردهم وقال: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" وكان يلاطفهم ويلاعبهم ويضعهم علي حجرة ويأكل معهم أما السيدة أم حبيبة "رملة بنت أبي سفيان" فقد ذاقت من ابيها واخيها الويلات وهاجرت مع زوجها إلي الحبشة وهناك تنصر زوجها فأصبحت وحيدة فبعث الرسول صلي الله عليه وسلم للنجاشي ان يخطبها له اكراماً لها فلو أنها رجعت لأهلها لساموها سوء العذاب والسيدة زينب بنت جحش "بنت عمته عاتكة" زوجها الله له لإنهاء التبني الذي كان سائداً قبل الإسلام والسيدة جويرية بنت الحارث كانت ضمن سبي غزوة بني المصطلق وكانت بنت سيدهم فأعتقها الرسول وتزوجها فكانت بركة علي قومها لأن الصحابة اعتقوا كل من في ايديهم من أسري بني المصطلق "وكانوا نحو مائة" إكراماً لاصهار النبي صلي الله عليه وسلم. والسيدة زينب بنت خزيمة كانت أسن منه وكان زوجها قد استشهد في غزوة أحد ولم يكن لها أحد يؤويها فتزوجها اكراماً لها ومواساة ورحمة وقد كان في كثرة بيوتات النبي صلي الله عليه وسلم مصادر لنشر الدين والاخلاق والتشريع وخاصة في أمور النساء التي لا يعرفها الرجال وقد صبرت امهات المؤمنين مع الرسول علي معيشة التقشف والزهد التي كان يحياها وحين طلبن منه زيادة النفقة أمره الله ان يخيرهن بين الطلاق أو البقاء معه علي هذه الحياة فقال تعالي: "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا "28" وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً" فاخترن كلهن الله ورسوله والدار الآخرة فرضي الله عنهن وأرضاهن.