لا تستطيع أن تعرف الحقيقة بالضبط في واقعة سفر النائب محمد أنور السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب ومعه وفد من أعضاء اللجنة للمشاركة في جلسات استماع وحضور محاضرات لإحدي المنظمات الحقوقية في جنيف بسويسرا. أتحدث من باب "التنظيم" وليس أبداً من باب التشكيك أو التخوين. عدد من أعضاء البرلمان قالوا إن سفر النائب وزملائه تم "دون علم البرلمان" ورئيسه.. ولن أزيد علي هذه النقطة مما قالوه عن الرحلة والاجتماعات شيئاً. فهذه النقطة وحدها تكفي. رد "السادات" علي من قالوا ذلك ببيان أكد فيه أن سفره والوفد المرافق له تم "بعلم البرلمان" ووزارة الخارجية المصرية. وجهات أخري رسمية. ولن أزيد شيئاً أيضاً علي هذا الجزء من الرد.. فهذا يكفي. أحد النواب المحترمين. واسمه أيمن أبو العلا. كشف عن أنه كان هناك اتفاق مسبق قبل سفر هذا الوفد. ومع كل أعضاء البرلمان. بأن يتم إخطار البرلمان قبل أي سفر يشتمل علي اجتماعات أو مؤتمرات. لم أقرأ. شخصياً. أو أسمع حتي كتابة هذه السطور بعد ظهر أمس أن رئيس البرلمان قد حسم هذا الجدل. وهو الوحيد الذي يملك ذلك. وبكلمة واحدة هي "نعم". أو "لا" في رد علي سؤال: هل تم سفر الوفد بعلمه وعلم البرلمان أم لا. ومع ذلك لن أعتبر نفسي معياراً للحقيقة فقد يكون قال وأنا الذي لم أقرأ أو أسمع. المهم. أنه سواء قال أو لم يقل. فنحن أمام سابقة خطيرة. إن تنظيم سفر النواب للخارج لحضور فعاليات تتصل بعملهم البرلماني لا ينبغي أن يترك أمره لمبادرة شخصية يقوم بها أو لا يقوم. النائب أو الوفد المسافر. بإخطار البرلمان ورئيسه. كما لا يكفي فيه اتفاق شفهي يتم بين أعضاء البرلمان بضرورة الإخطار قبل السفر. إن نتيجة ذلك. هي هذا اللغط الذي دار ومازال مستمراً حول زيارة وفد لجنة حقوق الإنسان لحضور مؤتمر حقوقي دولي في جنيف. فتنظيم هذه العملية منصوص عليه بمواد مفصلة في صلب اللائحة الداخلية للمجلس. وتتضمن هذه النصوص أن يكون المجلس ورئيسه عالمين مسبقاً بهدف الرحلة. وبالجهة الخارجية الداعية. وبطبيعة المهمة. وبتشكيل الوفد المسافر. وبمدة الرحلة إلي آخره. بل وتنص اللائحة علي ضرورة أن يقدم الوفد المسافر ورئيسه بعد عودته تقريراً مفصلاً لرئيس المجلس عما أنجزه وما لم ينجزه. ولرئيس المجلس أن يحيل التقرير إلي اللجنة المختصة. أو يعرضه في جلسة عامة. وفقاً لطبيعة المهمة. وأن يجري ضم التقرير في النهاية إلي وثائق المجلس. وهذه ليست بدعة. فلا أعتقد أن أي وزير بالحكومة يستطيع أن يسافر وحده أو علي رأس وفد من وزارته إلي أي دولة أو مؤتمر في الخارج يتعلق بعمل وزارته دون أن يخطر رئيس الوزراء مسبقاً بتفاصيل الرحلة. فهذه مسائل تنظيمية لا غني عنها لتجنب فوضي سفر وفود بلا ضوابط. وفي واقعة سفر السادات وزملائه. فإن علم وزارة الخارجية أو أي جهة رسمية أخري في الدولة بهذه الرحلة ومهمتها لا يفيده كثيراً في دفع الادعاء عليه بأنه لم يخطر البرلمان ولا رئيسه . لأن السادات ليس موظفاً بالخارجية أو تابعاً لأي جهة من الجهات التي لم يسمها وقال إنها كانت علي علم بالمهمة. عضو البرلمان نائب عن الشعب. وجزء من السلطة التشريعية.. وهذه السلطة لها رأس يقودها ومسئول عن عملها. ولذلك فإن علمها المسبق بأي نشاط خارجي لأي عضو فيها يعلو علي علم أي جهة أخري في الدولة.