هؤلاء الفتية ذكرهم الله تعالي في سورة الكهف. ولم يذكر أسماءهم لعدم أهميتها في مضمون القصة. وقد استهل الله هذه الآيات بقوله تعالي: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً". أي أن قصتهم علي غرابتها لا تعد عجيبة بالنسبة لقدرة الله جل وعلا. بل إن في مخلوقاته وبديع آياته ما هو أعجب منها. ويقال: إن هؤلاء الفتية كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم. وأنهم خرجوا يوماً في بعض أعياد قومهم. وكانوا يعبدون الأصنام. والطواغيت. ويذبحون لها. وكان لهم ملك جبار يقال له دقيانوس وكان يأمر الناس بذلك ويحثهم عليه ويدعوهم إليه. فلما خرج الناس لعيدهم. وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم. ونظروا إلي ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم.. عرفوا أن هذا الذي يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغي إلا لله الذي خلق السماوات والأرض. فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه وينحاز إلي ناحية. وتجمعوا بقدر الله تحت شجرة. وكانوا في أول الأمر خائفين أن يفصحوا لبعضهم عما يجيش في صدورهم. ثم شرح الله صدورهم لذلك. واتفقوا علي كلمة واحدة. وهي أن يتخذوا لهم معبداً يعبدون الله فيه. فعرف بهم قومهم فوشوا بأمرهم إلي ملكهم. فاستحضرهم بين يديه. فسألهم عن أمرهم وما هم عليه. فأجابوه بالحق. ودعوه إلي الله عز وجل فأبي عليهم وتهددهم وتوعدهم. وأجلهم لينظروا في أمرهم. لعلهم يرجعون عن دينهم الذي كانوا عليه. وكان هذا من لطف الله بهم. فإنهم في تلك المهلة توصلوا إلي الهرب منه. والفرار بدينهم من الفتنة. ثم آووا إلي كهف يستترون به عن أعين الناس. ومعهم كلبهم الذي نام علي بابه وكأنه يحرسهم. وقد بحث عنهم قومهم. ولكن الله أعماهم عن الوصول إليهم. نام هؤلاء الفتية في الكهف ليستريحوا من التعب. ولكن الله سبحانه وتعالي قدر لهم ألا يستيقظوا إلا بعد أكثر من ثلاثمائة سنة. وجعل الشمس تدخل غارهم لتطهره. ولكن لا تصيب أبدانهم. وجعلهم يتقلبون لئلا يصابوا بما يسمي قرح الفراش. وألقي عليهم المهابة حتي إذا رآهم أحد أصابه الذعر فلا يستطيع القرب منهم. وكان الملك قد هلك خلال هذه الفترة وزال ملكه. وجاء بعده ملك صالح اسمه يندوسيس. ولما استيقظوا رأوا أنفسهم علي الحالة التي ناموا عليها لم يتغير منها شيء. فلم يظنوا أنهم مكثوا كل هذا الزمن. فبعثوا أحدهم ليشتري لهم طعاماً طيباً ببعض الدراهم الفضية التي اصطحبوها معهم. ونصحوه بمحاولة التخفي عن الأعين. ففوجيء بأن كل معالم القرية قد تغيرت.. الأبنية. والناس وكل شيء وتعجب البائع من هذه الدراهم الغريبة. وسأله عن حكايته. فقصها عليه. ثم انتشر الخبر في القرية حتي وصل إلي الملك. ويقال: إن الملك وأهل القرية حينما وصلوا إليهم وجدوهم قد ماتوا. فقرر أهل الرأي فيهم أن يبنوا عليهم مسجداً.