تصريحات الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب وأعضاء المجلس عن أوضاعهم المالية تستفز الناس أيما استفزاز.. فهم يتحدثون كثيرا عن أحوالهم المعيشية الصعبة رغم الزيادات الكبيرة التي حصلوا عليها في المكافآت والبدلات.. وهو ما لم يتحقق لفئات أخري كثيرة في المجتمع تطالب بشيء من العدالة في الدخل ولا تجده. وفي سبيل الدفاع عن حق المجلس في الحصول علي الزيادات المالية قال الدكتور علي عبد العال إن ما يحصل عليه الأعضاء أقل بكثير مما يحصل عليه أعضاء البرلمانات في دول أخري.. وهي مقارنة خاطئة من عدة أوجه لعل أولها أن المقارنة الصحيحة تكون مع دخول الفئات المماثلة في نفس المجتمع.. وليس مع مجتمع آخر له ظروفه الأفضل بالقطع من ظروفنا. أما النائب إيهاب الطماوي أمين لجنة الشئون التشريعية والدستورية فقد غضب جدا عندما سئل عن الانتقادات الموجهة للمجلس بعد اقتراب موازنته من المليار جنيه.. وقال لمحرر "الشروق": "أعتبر أن تلك الانتقادات تأتي في إطار النيل من مؤسسات الدولة الدستورية"!!.. وتحديدا حديث العهد منها. ومن ضمنها مجلس النواب الذي يحوم حوله المتآمرون والحاقدون الذين لا هم لهم إلا تصدير الاحباط إلي صدور المصريين.. علي الرغم من البرلمان المصري يأتي في ذيل القائمة بالنسبة لموازنات برلمانات العالم.. والنائب المصري يندرج تحت فئة محدودي الدخل.. وأحذر من أن كل ما يشاع في هذا السياق الهدف منه تشويه صورة النواب وزرع الفرقة بين الشعب المصري ونوابه". هل هذا منطق معقول أو مقبول؟ كل من ينتقد الزيادات المالية لمجلس النواب.. والطريقة التي تمت بها.. والتصريحات التي تثار بشأنها متآمر وحاقد.. ويريد زرع الفرقة بين الشعب ونوابه؟!.. إذن الصمت هو الأفضل.. وهو الذي يضمن لنا الشهادة بأننا وطنيون مخلصون!! الحقيقة اننا كنا نتصور أن مجلس النواب سوف يركز علي زيادة ميزانيات الوزارات الخدمية التي تطالب دائما بزيادات ولا يستجاب لها.. مثل التعليم والصحة والتموين.. وأن يقف بكل قوة ضد أية أعباء جديدة علي المواطنين باعتباره برلمان الغلابة.. لكنه سارع إلي تأمين زيادة ميزانيته قبل مناقشة الموازنة العامة للدولة لعام 2016/2017.. فزادت ميزانيته من 885 مليون جنيه إلي 998 مليونا في السنة.. يعني حوالي مليار جنيه.. بما يعادل 83 مليون جنيه شهريا.. وقد اعتمدت وزارة المالية هذه الزيادة بعد شكوي رئيس المجلس من عجز الموازنة وفقر البرلمان الذي يعد في ذيل قائمة برلمانات العالم من حيث المرتبات والمكافآت. وتشير التقارير المنشورة إلي أن ميزانية مجلس النواب للعام المالي 2017 موزعة كالتالي: 708 ملايين جنيه أجورا ومكافآت. 271 مليون جنيه للسلع والخدمات. 18 مليون جنيه استثمارات. 190 مليونا و387 الف جنيه بدل اشتراكات السكة الحديد للأعضاء وبدل حضور الجلسات واللجان بزيادة قدرها 45 مليون جنيه و487 الف جنيه عن العام الماضي. و11 مليون جنيه ايجار جراجات التحرير والفلكي والسيدة زينب التي يترك فيها النواب سياراتهم. و198 مليون جنيه و350 الف جنيه للخدمات الطبية. 193 مليونا و406 آلاف جنيه رواتب تمثيل رئيس المجلس والوكيلين ورؤساء اللجان النوعية.. وأوصت لجنة الموازنة بالمجلس بعودة وثيقة التأمين علي الحياة لأعضاء المجلس. ويقول رئيس المجلس إن مكافأة النائب لا تتجاوز 5 آلاف جنيه شهريا.. لكنه لم يذكر أن هناك 6200 جنيه يتقاضاها النائب من صندوق الأعضاء.. و300 جنيه بدل الجلسة الواحدة و4700 بدل اعباء عضوية.. بما يتجاوز 15 ألف جنيه شهريا. وإلي جانب ذلك يؤكد رئيس المجلس انه لا يجوز لوزارة المالية التدخل في موازنة المجلس من قريب أو بعيد باعتباره سلطة مستقلة. علي حد قوله. داعيا الوزارة إلي عدم المساس بهذه الموازنة.. ولا يجوز لأي جهة رقابية أو مالية مراقبة ميزانية البرلمان.. وقبل ذلك طالب باعتمادها في الميزانية رقما واحدا كما لو كانت سرا عسكريا مثل موازنة القوات المسلحة!! هل هذه هي الشفافية يابرلمان الغلابة؟!