إنشاء 100 جامعة جديدة كما أعلن المجلس الأعلي للجامعات هل ينقذ التعليم الجامعي لدينا من السلبيات العديدة التي يعاني منها من تكدس في أعداد الخريجين ونقص في أعداد هيئات التدريس وخريجين لا يواكبون سوق العمل؟ "المساء الأسبوعية" ناقشت الخبراء في هذه القضية فأكدوا أنه قرار صائب بشرط أن تضم هذه الجامعات تخصصات جديدة تناسب سوق العمل. طالبوا بتعديل نظم الدراسة والامتحانات في هذه الجامعات للابتعاد عن النمطية بجانب مراعاة عدالة التوزيع بين المحافظات لنحصل علي خريج مؤهل ومدرب. أكدوا أن الجودة المطلوبة في التعليم الجامعي لن تتحقق في ظل الوضع الحالي وان التوسع في أعداد الجامعات لتواكب النسب العالمية سيساهم في القضاء علي الكثير من المشاكل والسلبيات التي نعاني منها. * د. ضياء القاضي - نائب رئيس اتحاد الجامعات العربية السابق - قال إن السبيل الوحيد أمامنا لمواكبة التطور العالمي في هذا المجال هو زيادة عدد الجامعات لتصل إلي النسب العالمية وتستطيع استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب سنويا والقضاء علي التكدس الطلابي في الكليات سواء العملية أو النظرية مما يعيق التواصل المطلوب بين الاستاذ والطالب. أضاف لكن يشترط ونحن نتوسع في أعداد الجامعات أن نعد أولا استراتيجية أو دراسة لمعرفة نوعية التخصصات المطلوبة لأننا نعاني حاليا من وجود تخصصات كثيرة لا تناسب سوق العمل الحالي مما يساهم في استفحال ظاهرة البطالة وتزايد آثارها الاجتماعية المدمرة. قال إننا نعاني الآن من عدم التأهيل الجيد لطلابنا خاصة طلاب الكليات النظرية للانضمام لسوق العمل وحتي بعد التخرج يرفض خريجو هذه الكليات مبدأ التدريب التحويلي ليجد فرصة عمل ومن ثم لا يستفيد الطالب بأي صورة من الصور لما درسه طوال 4 سنوات. طالب بالاستفادة من تجربة جامعة القاهرة في سنوات سابقة حيث عقدت مؤتمرا كبيرا شارك فيه مجموعة كبيرة من أصحاب الشركات والقطاع الخاص للتعرف علي الاحتياجات المطلوبة من الخريجين لأنهم هم الأقدر علي تحديد هذه الاحتياجات وعلينا أن نبدأ من الآن لأن هذا الأمر يستغرق سنوات طويلة حتي نحصل علي الخريج المناسب لسوق العمل. أيضا يجب ألا تعتمد الدراسة في الجامعات الجديدة علي الدراسات الأكاديمية والنظرية فقط ولكن لابد من تنمية مهارات الطلاب أثناء الدراسة من خلال التدريب بشرط وجود تقييم حقيقي للتدريب لمعرفة مدي استفادة الطالب من التدريب ومساعدته علي تنمية مهاراته. أشار إلي أهمية وجود شراكة بين الدولة والقطاع الخاص لتوفير التمويل اللازم لانشاء هذه الجامعات لأن الدولة بمفردها لن تستطيع تحمل التكلفة العالية كما أن القطاع الخاص هو المستفيد الأول من وجود خريج متميز. النسب العالمية * حسام كامل - رئيس جامعة القاهرة السابق - يقول إن البدء في التوسع في عدد الجامعات قرار صائب 100% خاصة أن لدينا خطة للتطوير في كافة القطاعات وهي استراتيجية مصر 20/30 ومن ثم يجب أن يكون التعليم الجامعي علي رأس اهتمام المسئولين في الدولة لتوفير الاحتياجات لتنفيذ هذه الاستراتيجية وأيضا الوصول إلي النسب العالمية وهي جامعة لكل مليون نسمة. أضاف أن جامعاتنا الحالية سواء الحكومية أو الخاصة البالغ عددها حوالي 72 جامعة تعاني تكدسا رهيبا في الأعداد ويكفي أن جامعة القاهرة بها ما يزيد علي 420 ألف طالب وبالتالي أي اصلاح في مجال التعليم الجامعي دون وجود أماكن لاستيعاب الأعداد المتزايدة لن تؤتي ثمارها خاصة أن مصر من الدول كثيفة السكان وبالتالي يزداد عدد الطلاب سنويا. أوضح أن الحصول علي خريج علي مستوي متميز لن يحقق فقط متطلبات السوق المحلي ولكن يمكن تصديره إلي أي مكان في العالم فالكل الآن يبحث عن التميز ويكفي أن هناك دولا في المنطقة سحبت منا البساط لأن مستوي الخريجين لدينا أصبح ضعيفا. طالب أثناء التوسع في عدد الجامعات بتطبيق نظم جديدة في الدراسة مثل نظام الساعات المعتمدة الذي يطلق حاليا ولكن علي نطاق ضيق في بعض الكليات مثل الهندسة. كذلك يجب أن نسمح للطالب باختيار المواد التي يدرسها فليس مفروضا أن طالب الطب مثلا تقتصر دراسته علي العلوم الطبية ولكن من المهم أن يختار بعض المواد مثل الفنون أو الفلسفة لصقل شخصيته وتنمية قدراته الذهنية حيث لا نحتاج في هذه الأيام إلي الخريج النمطي الذي يعتمد علي الحفظ والتلقين. طالب قبل تنفيذ خطة التوسع بالبحث عن حلول عملية لمشكلة نقص أعضاء هيئة التدريس وتغيير أنظمة الامتحانات. تكدس كبير * د. مديحة خطاب - عميد طب قصر العيني سابقا - قالت إن الوضع الحالي بزيادة أعداد الطلاب بصورة مستمرة جعلنا نفتقد لعدالة التوزيع حيث توجد حتي هذه اللحظة محافظات وتحديدا 5 محافظات وهي الأقصر وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسي مطروح والوادي الجديد ليس بها جامعات مستقلة ولكن مجرد فروع للجامعات. أضافت أن الجامعات الحكومية تعاني من تكدس كبير لا نجده في الجامعات في دول العالم المختلفة التي لا تزيد الأعداد بها علي 40 ألف طالب بينما جامعة مثل جامعة القاهرة يقترب عدد الطلاب بها من نصف مليون طالب. أوضحت ضرورة مراعاة عدالة التوزيع الجغرافي عند إنشاء هذه الجامعات في مختلف المحافظات ومعرفة النشاط الذي يمارس في هذه المحافظة والموارد التي تتمتع بها حتي تضم الجامعة تخصصات تعتمد علي هذا النشاط والموارد لنضمن بذلك الحد من الهجرة الداخلية بحثا عن فرصة عمل. أشارت إلي أهمية ان يراعي في هذه الجامعات ألا يكون هدفها فقط مواكبة النسب العالمية في هذا المجال ولكن الأهم أن يكون المنتج النهائي من هذه الجامعات وهم الخريجون علي درجة من الجودة. كذلك يجب مراعاة تطبيق معايير الجودة في هذه الجامعات بالحصول علي خريج مؤهل ومدرب ومثقف قادر علي المشاركة في مسيرة التنمية والتطوير وليس مجرد حافظ للمعلومات فقط مع مراعاة أن تضم هذه الجامعات تخصصات غير نمطية تواكب ما وصل إليه العالم من تطور. أيضا يجب أن نراعي ترشيد اقتصاديات التعليم بمعني انك عندما تنفق مبالغ لانشاء جامعة يجب أن تكون واعيا للعائد الذي يتحقق من ذلك فالأمر ليس ضخ أموال بلا عائد أو حساب. خطة تدريجية * د. ياسر صقر - رئيس جامعة حلوان - يؤكد أهمية التوسع الذي سيكون بعيدا عن نمط الجامعات القائمة حيث سيراعي وجود تخصصات جديدة وبرامج وآليات ومناهج مختلفة لتحقيق الجودة المطلوبه في التعليم والتي لن تتحقق في ظل الوضع الحالي من تكدس ومناهج تقليدية وطرق تدريس غير متطورة. أضاف أن ال 100 جامعة لن تظهر للنور مرة واحدة ولكن هناك خطة تدريجية بجدول زمني محدد للإنشاء بحيث إن كل جامعة يكون لها شكل ونمط مختلف لتلبية احتياجات الأقليم الموجودة فيه فهدفنا هو الحصول علي خريج متميز مطلوب في السوق الداخلي والخارجي. أوضح أنه لن يتم اهمال الكليات النظرية مثل التجارة والآداب والحقوق ولكن سيتم إضافة تخصصات جديدة ببرامج لها محتوي مختلف فمثلا كلية التجارة ستتعرف علي احتياجات البنوك والشركات الاستثمارية في الخريج وسيراعي ذلك في المناهج. كما سيتم تطوير العلوم الإنسانية من فنون وآداب لتنمية الثقافة العامة للمجتمع وهي في غاية الأهمية لأنها تمثل القوي الناعمة التي تحتاجها مصر في عهدها الجديد. أشار إلي أن هذه الجامعات ستراعي المعايير العالمية فهدفنا ليس فقط استيعاب اعداد ولكن هدفنا أن نكون منافسين حقيقيين للجامعات الدولية فالمستقبل مرهون بتجويد القدرات البشرية.