بالرغم من أنها واحدة من أقدم وأكبر قري البحيرة إلا أن قرية نديبة. تعد منسية علي جميع الأصعدة. فلا وجود لها علي خريطة الخدمات. بالعكس فقد تراجعت كثيراً عما كانت عليه في الماضي. إذ يذكر الكثيرون من أبناء المدينة و"البندر" أن نديبة كانت متنزهاً لهم. وكانت مدارس دمنهور تنظم الرحلات إليها وإلي حدائقها ومبانيها التاريخية. قبل أن يعبرها الزمن ويتركها حزينة. تعيسة. وصل بها الحال. حد أنها تتسول الماء بعد أن كانت "بلد الباشاوات". ويبلغ عدد سكان قرية نديبة حالياً قرابة 50 ألف نسمة. وآخر احصاء رسمي لها يعود إلي العام 2006. ويشير إلي أن عدد سكانها 27 ألفاً. لكن نديبة لا يمكن النظر إليها وحدها. فهي مجلس قروي كبير يتبعه قرابة 300 قرية وعزبة صغيرة. أبرزها حفص والبرنوجي والعمرية والغلالبة والشفلق وحبيب وحمودين والحمدية. وغيرها الكثير. ما يقفز بالتعداد السكاني لأكثر من 100 ألف نسمة. وإذا كان الحال في نديبة الأم كما سبق. فهو في تلك القري والعزب أشد ضراوة وأنكي واقعاً. تفتقد نديبة إلي كل شيء تقريباً. فعلي صعيد البنية التحتية. ليس بها صرف صحي. وشبكة المياه متهالكة ولا تغطي معظم الأماكن. وحالة الطرق مزرية.. أما علي صعيد التعليم فليس في نديبة سوي مدرستين قديمتين. إحداهما ابتدائية. والأخري إعدادية. إضافة إلي معهد ابتدائي أزهري. وأما الصحة فهي في أسوأ حال. فالمستشفي الذي كان يجري العمليات الجراحية في السبعينيات. أصبح ملاذاً للكلاب والقطط والفئران والبوم.. لم يعد سوي مبني منذ أن حلت عليه لعنة "التكامل" وكشوف عريضة من الأطباء والممرضين والإداريين الذين لا يراهم أحد. وخلاف ذلك لا شيء سوي قوافل الموت اليومية. بسبب الأمراض التي توطنت بين الناس بفعل تدني الخدمات واختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي العشوائي. حول أبرز مشاكل القرية وتوابعها. يقول أشرف خليل رئيس مجلس قرية نديبة إن مياه الشرب هي مشكلتنا الرئيسية حالياً. إضافة إلي الصرف الصحي. مؤكداً أنه لو تم حل هاتين المشكلتين سيصبح كل ما بعدهما سهلاً. كما أكد وجود مشاكل أخري. أبرزها عدم رصف الطرف. الأمر الذي يعوق انتقال الناس خاصة في الشتاء. وكذا عدم وجود مدارس ثانوية أو فنية. بالرغم من أن المدرسة الإعدادية مؤهلة لبناء فصول ثانوية. وكذا ما وصل إليه حال المستشفي الذي يفتقد الامكانيات لخدمة وعلاج الناس. أضاف أشرف خليل أنه مجلس القرية يعمل في ظل امكانيات محدودة وبالرغم من ذلك حقق بعض الايجابيات. لا سيما علي صعيد النظافة. ولكن هذا لا يمنع أن المطلوب كثير. لافتاً إلي مشكلة عدم وجود أراضي أملاك دولة بالقرية وتأثير ذلك علي عدم اقامة مشروعات أو منشآت خدمية بها. صراخ الأهالي الحديث مع الأهالي في نديبة أشبه بالصراخ. فالناس ضجت ولم تعد تحتمل. وكلهم أجمعوا علي أن قريتهم "موعودة بالعذاب" فلا أحد يسأل فيها. خاصة بعد أن أصبحت بلا نائب في البرلمان. وحتي عندما كان لها نواب. ظلت مهمشة وبعيدة عن الخدمات. وكأنها ليست من مصر. يقول رجب خليل خليفة: الحال في نديبة يغني عن الكلام.. لا شيء فيها سوي الحزن والأموات الذين نودعهم كل يوم. وبعضهم رحل وهو عطشان لأن المياه مقطوعة. ومنه لله من كان السبب. وقال نور محمد سلطان: الأمور من سيئ لأسوأ. ويكفي أن الترعة التي تروي البلد باتت مكباً للنفايات وللصرف. ولا أحد يتحرك. وقد جاءنا الدكتور محمد علي سلطان محافظ البحيرة منذ أكثر من عام وتفقد القرية. وتوقعنا جديداً. ولكن الأمور مازالت علي حالها وربما أسوأ. ويري محمد فرج الجمل أن القري أصبحت خارج حسابات المسئولين. الذين يهتمون بالمدن فقط. والسوء كله في القري التي تدفع ثمن صبرها وكفاح أهلها. أضاف المهندس محمد محمد الشحات عبيد: وجود المقابر وسط القرية عنوان لحياتها. فنحن أموات نجاور أمواتاً.. بالعكس فإن من رحلوا استراحوا من العذاب الذي نعاني منه صباح مساء. وأكد أشرف أبو غالي أن طلبات الناس بسيطة. ولكن المسئولين يستكثرون هذه الطلبات. ويقفون عاجزين عن تحقيقها. والناس تدفع الثمن من راحتها وحياتها أحياناً. وطالب صبري أبو نعيم المسئولين بالنظر بعين الرحمة إلي معاناة الناس. وخاطب الدكتور محمد علي سلطان محافظ البحيرة. قائلاً: بالله عليك هل يرضيك عطش الناس. وهل يرضيك مرضهم وهل مكتب علينا الحرمان من كل شيء. واختتم عبدالشافي السعداوي. قائلاً: هي أيام نقضيها في الدنيا.. لن يفعلوا شيئاً.. مكتوب علينا الشقي. وهو عمر ويعدي والحمد لله إن المقابر قريبة مننا.. في وسط البلد. وواخدين عليها والحبايب فيها كتير. وعند ربنا العوض.