ارفض دوماً ومن تلقاء نفسي "الامارة بالسوء والخير احياناً" ان اكتب عند الغضب. ولذا عندما انقطعت المياه عن بلدتنا وقري مجاورة. تعاملت مع الامر بحسن نية.وخضت المعترك الذي يخوضه كل الناس المحبين لوطنهم وبلدهم. والذين يعذرون الناس. فاتصلت بشركة مياه البحيرة وتواصلت مع عدد من مسئوليتها. الا رئيس الشركة الذي لم اتمكن من الوصول اليه. لانه في مدارات من الصعب ان يصل اليها مثلي فما بالكم ببقية الناس ممن لاسلطان لهم ولا "قلم". المياه في قريتنا "نديبة" لاتصل الا بيوتاً علي تماس مع الخطوط الرئيسية وماعدا ذلك لاتصل. واذكر ان انقطاعها تواصل عن بيتنا القابع في وسط القرية سنوات عدة. ورغم ذلك دفعت بيدي لابيد غيري اكثر من 60 فاتورة كان اهلي يرفضون دفعها لانهم لايشربون ولهم كل الحق في ذلك. لكنني كنت عائداً لتوي من الخارج. متسامحاً. متفائلاً. وفي جيبي بعض من دراهم. المهم اننا بعد هذه المرحلة دخلنا علي مرحلة شرب المياه المدعمة بفيتامينات "الصرف الصحي".. نعم صرف صحي. ولم اكن اصدق في البداية. لاني لا اعرف كيف يكون طعم الصرف الصحي في المياه. وان عرفت لونه وشممت بعضاً من رائحته وانا ارفع الكوب إلي فمي. وشكونا كثيراً للشركة دون جدوي ولم يعد امامنا سوي ان نسافر كل يوم إلي مكان قريب لجلب المياه في "جراكن" او ان نشتري المياه المعدنية. قلت انني تواصلت مع اكثر من مسئول بشركة مياه البحيرة. ولكن دون جدوي. وفجأة خطر علي بالي ان اقول لهم ما لاينتظرون والذي منه يرتعدون: قلت لاثنين منهم: اعذروني فطالما ان الامور علي حالها وصبر الناس قد نفد. سنضطر إلي الكتابة عن معاناة الناس. وكانت المفاجأة الكبري لي. والتي بقدر ما هزتني. ابهرتني.. قالوا لي: والله عندك حق.. اكتب. إلي هذه الدرجة وصلت لامبالاة المسئول وباتت الصحف مجرد اوراق يطويها النسيان والاهم انه لم يعد يكترث بالناس ولا معاناة الناس. والادهي ان الشكوي دائماً من "الغلابة". بينما الكبار في كل مكان وزمان لاشكوي لهم. لان الامور عندهم "تمام" ليس فقط علي صعيد مياه الشرب. وانما ايضاً المياه التي تروي ملاعب الجولف وتملأ حمامات السباحة. منذ ايام جاء إلي قريتنا د.عادل لبيب وزير الادارة المحلية. لحضور جنازة قريب له في قريتنا. واثناء وجوده. نصحه "فلاح فصيح" بألا يشرب ماء من عندنا طوال فترة وجوده بالقرية. واخرج له زجاجة ماء من جيبه ملونة بالسواد تفوح منها رائحة الصرف الصحي. ولم يحدث جديد. سوي ان المياه انقطعت بالكلية. لا ادري الآن لمن ارفع شكوي الآلاف الذين يشكون صباح مساء إلي الله. وظني ان الدكتور محمد علي سلطان محافظ البحيرة. لن يرضيه هذا الحال. وسيتدخل علي الفور لانقاذ الناس من العطش. ** ما قبل الصباح: إذا لم تستح فافعل ما شئت.