طالب خبراء اقتصاد الحكومة باتباع سياسات تستهدف الحد من الآثار السلبية لحادث طائرة مصر للطيران وذلك من خلال التركيز علي قطاعات الاقتصاد الحقيقي مثل الصناعة والزراعة والصناعات التحويلية والخدمية بهدف زيادة الإنتاج والحد من الواردات ورفع معدلات التصدير لتقليل عجز الميزان التجاري وتخفيف الضغط علي استخدامات النقد الأجنبي. كانت مصر قد تعرضت خلال الشهور الستة الأخيرة لثلاثة حوادث في مجال الطيران كان لها تأثيرها السلبي علي السياحة المصرية التي خسرت جانباً كبيراً من مواردها. ورغم ان حادث سقوط الطائرة الروسية بشرم الشيخ بعمل إرهابي كان الأكبر أثراً علي السياحة إلا أن الأسابيع الأخيرة كانت بصدد تبديد غالبية سلبياته علي السياحة بعد إعلان ألمانيا استعادة رحلاتها إلي شرم الشيخ حتي داهمتنا الحادثة الأخيرة والتي راح ضحيتها 66 راكباً بمن فيهم طاقم الطائرة. تري الدكتورة أمنية حلمي أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان الاقتصاد المصري منذ سنوات طويلة يعتمد علي المصادر والقطاعات التي من السهل تعرضها وتأثرها بالصدمات الخارجية مثل السياحة والبورصة. وذلك علي الرغم من التنوع الكبير الذي يميز هذا الاقتصاد ويشمل الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات وهو ما يطلق عليه الاقتصاد الحقيقي مشيرة إلي ضرورة التركيز علي هذه القطاعات المهمة التي تخلق فرص عمل مستدامة وتدر عملة صعبة من خلال زيادة الانتاج والتصدير. لفتت حلمي إلي أهمية قطاع الصناعات التحويلية وعلاقته بالزراعة وما يقوم عليه من انتاج مواد غذائية مصنعة تقبل عليها الأسواق الخارجية. فضلاً عن صناعة الأثاث وتطويرها من خلال مشروع مدينة الأثاث بدمياط مما يدفع صادرات هذه الصناعة العريقة التي كانت تشتهر بها مصر وكانت تصدر إلي العديد من الأسواق الأوروبية. سياسة زراعية مستقرة تؤكد أمنية حلمي ضرورة وجود سياسة زراعية مستقرة يتم الإعلان عنها قبل بدء المواسم الزراعية خاصة المحاصيل المهمة مثل القمح والأرز والقطن وتهدف هذه السياسة إلي تشجيع المنتجين من الفلاحين بدلاً من الإضرار بهم كما رأينا في قضية توريد القمح لأن اتباع هذه السياسات من شأنه الحد من الآثار السلبية المتوقعة علي خلفية حادث طائرة مصر للطيران. تدعو الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بكلية تجارة عين شمس إلي ضرورة الاعتماد علي قدراتنا الذاتية خلال الفترة الحالية تجنباً للآثار السلبية الحالية أو المنتظرة بعد الحادث الأخير مشيرة إلي أهمية استغلال الطاقات الانتاجية العاطلة سواء في قطاع الأعمال العام أو الخاص لافتة إلي أن شركات القطاع العام تزخر بطاقات إنتاجية هائلة يمكن استغلالها من خلال المشاركة مع القطاع الخاص أو الاستثمار الأجنبي ضاربة لا بالشركة الشرقية للدخان التي تؤجر خطوط انتاجها لشركات تبغ عالمية تبيع في السوق المصري وتمثل مصدرا محترما لموارد الضريبة ويمكن أن يتكرر ذلك مع شركات الغزل والنسيج والملابس وصناعة الدواء بما يؤدي إلي زيادة الانتاج وزيادة فرص العمل وأجور الأيدي العاملة وهو ما يترك آثاراً تراكمية إيجابية علي الاقتصاد المصري. تشغيل الطاقات الإنتاجية العاطلة تؤكد "الحماقي" علي ان تشغيل الطاقات الانتاجية القائمة حالياً هي أكبر جاذب للاستثمار الأجنبي بدلاً من اعتماد خطة التنمية علي الاستثمارات الأجنبية التي تتأثر بالأحداث الداخلية والخارجية يجب الاعتماد علي تنمية القدرات الانتاجية الذاتية. مشيرة إلي ضرورة التحرك علي المدي القصير. فعلي الرغم من أهمية المشروعات الضخمة وآثارها الإيجابية علي المدي الطويل والمتوسط إلا أن التركيز علي المشروعات قصيرة الأجل مطلوب في الوقت الحالي لاتاحة فرص عمل للشباب وتخفيض معدلات البطالة وحتي يشعر الشعب خاصة الفئات الفقيرة والمتوسطة بما يسمي "النمو الاحتوائي" الذي تتحدث عنه الحكومة ويعني استفادة جميع فئات الشعب من ثمار النمو. تري الحماقي ضرورة الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة وتحويل المبادرات التي تم الإعلان عنها لدعم هذا القطاع إلي خطط تنفيذية علي الأرض مع سرعة وتبسيط الإجراءات الخاصة بحصول القطاع علي التمويل الميسر. لافتة إلي ضرورة اتباع طرق غير تقليدية للتسويق للسياحة المصرية وطرق أسواق جديدة مثل آسيا الوسطي إلي جانب التركيز علي السياحة العربية. ثورة اقتصادية ووفقاً للدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد والبنوك بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية. فإن النهضة الاقتصادية لدولة في مثل ظروفنا لن تتحقق إلا بتنمية الاقتصاد الحقيقي وزيادة الانتاج من سلع صناعية وزراعية إلي جانب تطويرالتجارة والخدمات لافتاً إلي حتمية اتباع ترشيد جاد وحقيقي للسلع المستوردة باستثناء الخامات ومستلزمات الانتاج والسلع الضرورية التي يوجد بها فجوة بين الانتاج والاستهلاك لافتاً إلي أن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تراعي الظروف الاستثنائية للدول التي تمر بظروف مثلنا ولابد أن نستفيد بذلك حتي نستطيع "الوقوف علي قدمينا". خاصة ان هناك عجزا هائلا يعاني منه الميزان التجاري ولا يستطيع تحمله الاقتصاد القومي. "نحتاج ثورة اقتصادية بمعني الكلمة" بحسب ما يقول شريف قاسم مؤكداً ضرورة الاعتماد علي الذات بقدر الإمكان والعمل علي زيادة الصادرات وزيادة الانتاج الزراعي لتقليل الواردات الغذائية. ويري قاسم ان ذلك يتطلب سياسات اقتصادية واضحة وواقعية تأخذ في حساباتها المشاكل الجمة التي يعاني منها الاقتصاد القومي. علي أن تستهدف هذه السياسات توجيه الاستثمارات العربية والأجنبية إلي القطاعات الانتاجية التي تحتاجها الدولة بدلاً من توجيه مليارات الدولارات إلي مشروعات التطوير العقاري والمنتجعات الفاخرة والمولات الضخمة ودعا قاسم إلي تعديل السياسات الزراعية الحالية واحياء التعاونيات الزراعية الحقيقية التي تنحاز للفلاح وتعطيه حقه بدلاً من السياسات الحالية التي تسببت في تحقيق خسائر للفلاحين خاصة مزارعي المحاصيل الرئيسية.