في هذه الأيام تتعطر الأجواء بذكري مناسبة عزيزة علي قلب كل مسلم وتتمثل في تحويل قبلة المسلمين في الصلاة من المسجد الأقصي إلي المسجد الحرام بأم القري وقد سجل القرآن الكريم هذا الحدث وكل ما أحاط به من أمور وملابسات. وتلك الآيات تذكر أهل الايمان بمدي تكريم الله للرسول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ونبه القرآن بعبارات قاطعة إلي أن السفهاء ستكون لهم أقاويل يرددونها فلا يجب الالتفات إليها بأي حال من الأحوال والمضي في تنفيذ تعليمات الله بثبات وعزيمة فهكذا شأن السفهاء دائما في متابعتهم لأي عمل عام السخرية والاحباط هو ديدنهم وقد كشفت الآيات الكريمة هذه الأساليب والأقوال الساخرة التي رددها هؤلاء السفهاء بكل وضوح وفي ذلك اشارة لأهل الايمان بضرورة الثبات علي الحق والاستمرار في طريق طاعة الله وتنفيذ أوامره وازاحة ما يردده السفهاء بعيدا عن أفكارهم. عندما صدرت التعليمات لرسول الله صلي الله عليه وسلم بتحويل القبلة في الصلاة للمسجد الحرام انطلقت أقاويل السفهاء وأخذوا يرددون لماذا تحولوا عن قبلتهم الأولي. ثم أين الثواب والأجر عن صلواتهم في الاتجاه للقبلة الأولي. إلي غير ذلك من الأقاويل التي تثير الاحباط في النفوس وقد جاء الآيات لتوضح الحقائق كاملة. وأن ما يردده السفهاء إنما هي أقاويل لا يجب الالتفات إليها وأن الأمر كله لله وتعليماته يجب أن يجري تنفيذها علي الوجه الذي اراده سبحانه وتعالي بلا أي تأخير والابتعاد عن أي معوقات أو أقاويل لهؤلاء السفهاء حقائق واضحة وتكليفات لابد من تنفيذها. وقد أكدت الآيات في سورة البقرة علي أن تحديد الاتجاه في الصلاة خاضع لإرادة الله وتعليماته يقول الحق تبارك وتعالي "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم" ومضت الآيات توضح معالم الطريق لكل المسلمين في كل زمان ومكان "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وان كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم" توضيح ورد علي كل المزاعم التي أثارها هؤلاء السفهاء الذين اطلق عليهم الله صفة السفه تحقيرا لشأنهم وتفنيدا لمزاعمهم وأباطيلهم. وفي اشارة لتكريم الله سبحانه وتعالي لمعلم البشرية الأول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم "قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره.." رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يتطلع إلي ربه وفي داخله رجاء يتردد في صدره يتضمن أن يحول الله اتجاهه في الصلاة إلي المسجد الحرام لكنه لم يفصح عن ذلك بلسانه وإنما كان محتفظا بهذا الرجاء في مكنون نفسه ورب العالمين يعلم ما تكنه الصدور وما تخفيه الأعين وقد استجاب سبحانه لرجاء الرسول صلي الله عليه وسلم وحقق طلبه الذي يتردد في صدره ومنذ نزل امين وحي السماء بهذه الآيات الكريمة تم التحول في الصلاة إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة. وفي ذلك تكريم للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أيما تكريم. وفي هذه المناسبة يخرج أهل الايمان بدروس متعددة لكي يستلهمها هؤلاء الرجال في مسيرتهم في مقدمتها أن السفهاء في أي مجتمع يطلقون الأقاويل للنيل من أي عمل جاء أو تنفيذ لأوامر الله عز وجل ففي البداية ألقم الحق تبارك وتعالي السفهاء حجرا في أفواههم موضحا أن الاتجاه في الصلاة لله عز وجل لانه وحده هو الذي بيده هذا الأمر كما رد علي مزاعمهم في مصير الاتجاه في الفترة السابقة علي التحويل للمسجد الحرام أن كل شيء محسوب ومقدر لهؤلاء المغرضين مؤكدا رب العالمين أن الأجر والثواب لا يضيع عند الله سبحانه ويحفظ كل ذلك لعباده الصالحين ويجب علي أهل الايمان الاستفادة من هذه الدروس متعددة الجوانب ويجب أن تنير لهم الطريق خلال رحلتهم في أداء العبادات أو الأعمال الخيرية وعدم الالتفات إلي هؤلاء السفهاء الذين يثيرون الاحباط في النفوس والمضي في طريق الحق وابتغاء الله في كل عمل أو عبادة. إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد.