هذا الملك الصالح جاء ذكره في قول الله عزوجل: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا" والسبب في جعله ملكا هو أن بني إسرائيل طلبوا من نبيهم شمويل "أو شمعون" أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه أعداءهم. فقال لهم نبيهم: "هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا" فقالوا له: " وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا" ولكنهم لم يوفوا بما وعدوا به علي عادة اليهود "فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم" ولما أخبرهم نبيهم بأن الله جعل لهم طالوت ملكا. اعترضوا عليه قائلين: "أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال" فرد عليهم قائلاً: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم" أي أنه أعلم منكم بفنون الحرب والقتال. وأقوي جسداً. وأخبرهم بأن الله سيجعل لهم علامة علي اختياره لهم ملكاً " وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون تحمله الملائكة" ثم خرج بهم طالوت لملاقاة عدوهم. وأخبرهم بأن الله سيختبرهم بالظمأ. وأنهم سيمرون بنهر الشريعة "وهو نهر بين الأردن وفلسطين" واشترط عليهم ألا يشترك معه في القتال إلا من شرب من هذا النهر قدراً يسيراً " فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده" ولكن معظمهم لم ينصاعوا لأمره "فشربوا منه إلا قليلاً منهم" وبقية القصة مذكورة في سورة البقرة. ولا نستطيع سردها كلها في هذه السطور. ولكننا نستخلص منها العبر التي نستضيء بها في حياتنا. وهكذا كل قصص القرآن لم تأت للتسلية ولا لملء الفراغ. ولكن لنستخلص منها العبر والعظات التي تنفعنا في حياتنا وآخرتنا. ومن أهم العبر التي في قتال طالوت وجنوده من ناحية. وجالوت وجنوده من ناحية أخري. أن النصر من عند الله. وألا نعتمد علي الأسباب وحدها. بل لابد من الثقة بالله سبحانه وتعالي. والاستعانة به. والتوكل عليه. وطلب النصرة منه " فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين "249" ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين "250" فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت واتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء"