ونمضي مع سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء عليه الصلاة والسلام في رحلة الابتلاء "وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات" روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال عن خليل الرحمن إبراهيم: ابتلاه الله بالمناسك وروي عنه أيضاً قال: ابتلاه الله بالطهارة. خمس في الرأس وخمس في الجسد. في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان وغير ذلك مما يجعل الإنسان جميلاً في المظهر والمكانة بين البشر لكي يتضح ان المسلم الحق طاهر حساً ومعني. وقد جاء في الصحيحين: عن أبي هريرة رضي عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان. والاستحداد. قص الشارب وتقليم الأظافر. وإزلة الشعر تحت الإبط ورب قائل يقول وما علاقة كل ذلك بالمرء المسلم. والجواب ان الإسلام والحنفية السمحة تحرص علي ان يبدو المسلم في أبهي صورة سمتاً طيباً وبهاء في جسده ونظافة حتي في أظافره أرأيتم كيف يحرص شرع الله علي إحاطة المسلم بكل العناية وذلك لكي يتعلم المرء المسلم ضرورة الحرص علي مظهره في ملابسه وهيئته بحيث يصبح نموذجاً طيباً لكل بني البشر. ويبتعد عن المناظر التي تنفر الناس منها. فليس الذي أشرت إليه من باب المظاهر وإنما من الأمور الرئيسية التي لابد من الالتزام بها لكي يتطلع العالم إلي رجالات هذا الإسلام بكل التقدير والاحترام. في هذا الإطار ألزم الله عباده المسلمين بأن يأخذوا أبهي ملابسهم وزينتهم في غير خيلاء وهم يتوجهون إلي بيوت الله لكي يبدوا في أكمل مظهر مسلحين بعقيدة في قلوبهم ومؤكدين الالتزام بذلك في كل شئونهم. فيتطلع اليهم الآخرون لكي يقتدوا بهم. والعبد المسلم حينما يسترجع أي جانب من حياة سيدنا إبراهيم فإنه يلمس الإشراق ويتسلل إلي القلب النور "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين" وذلك علي خلاف ما كان عليه الناس من اختلاف وفرقة وكان الإمام الحسن بن علي كرم الله وجهه ورضي الله عنهما يقول: أي والله لقد ابتلي إبراهيم بأمر فصبر عليه. ابتلاه بالكواكب والشمس والقمر فأحسن النظر في ذلك وابتلاه بذبح ابنه إلي غير ذلك من صنوف الابتلاء وقد تلقي سيدنا إبراهيم كل ذلك بصبر وحكمة مدركاً نور الله الذي استكن في قلبه. وبذلك يتضح من تلك الإشارات العاجلة: ان العب يستحق الدرجات العلي علي أساس من الالتزام والعمل الجاد وتطبيق المباديء السامية علي نفسه بعيداً عن أي مظاهر تشير إلي النفاق بأي وجه ويكون العبد طاهر القلب والمظهر مخلصاً محباً للخير. يتحلي بكل مكارم الأخلاق بحيث يكون جامعاً للصفات التي توصله لنيل تلك الدرجات ليس عند العباد فقط وإنما عند رب العالمين. فها هو ربنا قد منح سيدنا إبراهيم درجات عالية "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين. شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلي صراط مستقيم" وتلك الأمثال نضربها لأجيالنا في القرن الحادي والعشرين لكي يتعلموا من هذه النماذج الطيبة. "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد".