كشفت واقعة القبض علي كل من عمرو بدر ومحمود السقا داخل مقر نقابة الصحفيين عن فوضي المواقع الإلكترونية حيث أصبح في مقدور أي شخص أن ينشيء موقعاً إلكترونياً يقول فيه ما يشاء دون أية محاسبة ويزعم أنه صحفي كما حدث مع "السقا" رغم أنه حاصل علي دبلوم صنايع الأمر الذي يساهم في الإخلال بأخلاقيات المهنة في ظل غياب القوانين التي تنظم الأمر والجهات التي تقوم بضبط الإيقاع. "المساء الأسبوعية" ناقشت القضية مع الخبراء والمتخصصين فأكدوا أن من يديرون هذه المواقع يغتصبون المناصب والألقاب ويكتفون بالقص واللزق دون أدني احترام للقواعد ويساهمون في نشر الشائعات والأخبار المغلوطة. قالوا إنها ظاهرة عالمية ليس هناك خطر من وجودها فالمشكلة فيمن يديرها حيث إن معظمهم من الهواة الذين لا يمتلكون مؤهلات ممارسة العمل الصحفي. أضافوا أننا نحتاج إلي قوانين فاعلة لمواجهة هذا الانفلات وتفعيل المحاسبة في مواجهة جريمة متكاملة الأركان من انتحال الصفة والتزوير. ألقوا بالمسئولية في استفحال الظاهرة علي نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة حيث تخليا عن دورهما في التنظيم والتنسيق مطالبين بالتعليم من التجارب الخارجية وعلي رأسها تجارب الدول العربية. * د.حسن عماد وكيل المجلس الأعلي للصحافة قال إن الفوضي المتمثلة في المواقع الإلكترونية وانتحال القائمين علي إدارتها صفة رؤساء تحرير وصحفيين في الإخلال بأخلاقيات المهنة وزادت هذه الافة بعد ثورة 25 يناير بشكل متنامي بسبب السيولة التي نعانيها في كل شيء لدرجة أن أي شخص ليس دارساً للصحافة أو مؤهلاً لممارسة هذا العمل أصبح ينتحل صفة الصحفي. أرجع السبب في هذه الفوضي إلي عدم وجود تشريعات وضوابط تنظم هذا العمل وتضع اشتراطات لممارسته وتحدد المعايير الواجب توافرها في الشخص الذي يدير هذه الأماكن التي شئنا أم أبينا تلعب دوراً لا يستهان به في تشكيل وعي قطاع كبير من المواطنين ويمكن أن تساهم بشكل كبير في نشر أفكار مغلوطة أو تبني شائعات من شأنها الإضرار بالاستقرار والسلم الاجتماعي أو حتي خدمة مصالح خارجية تتعارض مع المصالح العليا للبلاد. قال: لقد آن الأوان أن يتم تنقية مجال الصحافة الإلكترونية من مغتصب ومدعي المناصب وإصدار مدونة تضبط الايقاع بأن تتضمن قواعد وشروط ممارسة هذا النشاط بدلاً من ترك الحبل علي الغارب لكل من ليس لديه مهنة لممارسة دور الصحفي دون أي سند من القانون. * د.نرمين الأزرق أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة.. تلقي بالمسئولية علي هذا التردي الذي نعيشه في منظومة الصحافة الإلكترونية علي غياب نقابة الصحفيين عن الساحة المهنية سواء فيما يتعلق بالصحافة الورقية أو الإلكترونية ولم تحاول ممارسة الدور الذي يجب أن تلعبه في مواجهة أي سلبيات أو قصور واكتفت بالدخول في معارك سياسية لا تخدم المهنة بأي شكل من الأشكال. أضافت أن هذه الفوضي ليست وليدة سنوات قليلة ولكنها تعود إلي زمن طويل لم نر أي تصد لها والغريب أن النقابة لم تفكر في وضع أسس لعمل هذه المواقع بحجة عدم وجود تشريع وهذا غير منطقي حيث يجب أن تبادر بأن يكون لها موقف إيجابي خاصة أن بعض العاملين في هذه المواقع يطلقون علي أنفسهم لقب رئيس تحرير أو مشرف علي التحرير ومعظمهم من انصاف المتعلمين وليس لديهم أي إلمام بمهارات العمل الصحفي. أشارت إلي أن الخطورة الأكبر تكمن في أن عدد المواقع الإلكترونية سوف تزداد بشكل كبير خلال سنوات قليلة لأن العالم يتجه إليها بشدة ويقوم بوضع ضوابط لعملها لأنها ستكون خلال ال 10 سنوات القادمة هي المسيطرة الأولي علي الإعلام بينما نحن لا نتحرك منتظرين أن تصدر لنا القوانين أو يتم تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام. طالبت بعدم الانتظار أكثر من ذلك وأن يتم فوراً إعداد دورات للعاملين في هذه المواقع لتعلم أساسيات المهنة وأخلاقيات الإعلام بشرط أن يتولي هذه الدورات جهة مشهود لها بالكفاءة في هذا المجال وأن يكون التدريب متكاملاً حتي يصل بالقائمين علي هذه المواقع إلي ممارسة المهنة باحترافية واحترام. أوضحت أن المجلس الأعلي للصحافة أيضاً يتحمل جزءاً لا يستهان به في تنامي الظاهرة حيث تخلي عن دوره الذي يجب أن يلعبه بأن يكون المنسق بين هذه المواقع والجهات الأكاديمية فنحن علي سبيل المثال في كلية الإعلام بجامعة القاهرة نعد ورش عمل لدراسة الظاهرة ونضع توصيات للحفاظ علي المهنة ولكن للأسف كل الحضور يكون من أساتذة الجامعات والباحثين بينما الممارسون للعمل غائبين تماماً عن ذلك لسبب بسيط وهو عدم وجدو الجهة التي تتولي التنسيق. أكدت أنه لا يوجد حصر رسمي بعدد المواقع الإلكترونية ونوعية العاملين فيها وتخصصاتهم وهل تمتلك تراخيص أم لا ومشروعية عملها من الأساس وهذا الدور كان يجب أن يمارسه إما نقابة الصحفيين أو المجلس الأعلي للصحافة ولذلك يجب علينا الإسراع بكل قوة لإصدار التشريعات التي تنظم هذا العمل خاصة أن التطور التكنولوجي في هذا المجال سريع بدرجة مذهلة تفوق القرارات وعلينا أن ندرك أننا إذا لم نسرع بالتحكم في هذه المواقع وإدارتها بشكل علمي منظم من خلال ضوابط واشتراطات محددة ستكون هي المتحكمة في كل شيء ولا نعرف إلي أي طريق سوف تأخذ بنا. * مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق يري أن هناك خلطاً بين مفهوم الصحافة الإلكترونية والمواقع والمدونون فالمواقع يتجاوز عددها الآلاف والمدونين عشرات الآلاف بينما عدد الصحافة الإلكترونية لا يتجاوز المئات وهؤلاء لا ينتمون إلي نقابة الصحفيين ويسعون لذلك بشتي السبل لكن النقابة في ظروفها الحالية غير قادرة علي استيعاب هذا العدد الكبير خاصة في ظل غياب التعريف الدقيق لمفهوم الصحافة الإلكترونية رغم انتشارها بشكل كبير بسبب سهولة النشر علي الإنترنت وعدم وجود تكلفة مادية.. أضاف أن الكثير من المواقع أو الصحف الإلكترونية تكتفي بالقص واللزق للأخبار وإعادة نشرها دون أدني احترام لقواعد الكتابة الصحفية والمهنية المتمثلة في المصداقية والشفافية والموضوعية في تناول الحدث. أشار إلي أنه من أبرز التحديات التي تواجه المواقع الإلكترونية ضعف المهنية ولأننا لن نستطيع حجبها لأن ذلك يمثل عدواناً صارخاً علي حرية الفكر والرأي فليس أمامنا إلا تأهيل العاملين بها بصقل قدراتهم لممارسة المهنة بشرط أن يكون هناك التزام بالأخلاقيات والقواعد حتي نصل في النهاية إلي مستوي أداء جيد. أوضح أن المجلس الأعلي يجب أن يلعب دوراً في تنظيم هذه المواقع والمهنة ككل حتي نستطيع ملاحقة التطور السريع في المجال الإلكتروني حيث تركنا الظاهرة والمشكلة تنمو بحجة أننا ننتظر وجود جهة مسئولة عن الإعلام في مصر أو وجود قوانين تنظيم الإعلام وتعيد هيكلته وإلي أن يتم ذلك يجب علي الأقل أن نقوم بوضع إطار أخلاقي عام تعمل هذه المواقع من خلاله وعدم ترك الأمر بدون تنظيم لأن هذا يسبب خسارة كبيرة للمهنة ككل.. * د.عادل عبدالغفار عميد إعلام بني سويف سابقاً وعميد إعلام جامعة النهضة يري أن العالم كله يتجه الآن إلي الاعتماد بشكل كبير علي المواقع الإلكترونية للحصول علي المعلومة نتيجة ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا الحديثة المتمثلة في تطور أجهزة التليفون المحمول والتابلت وغيرها وأصبح عدد المستخدمين لهذه المواقع يقدر بالملايين ومن ثم يجب أن يكون لدي المسئولين عن هذه المواقع الوعي بأهمية اختيار رذيس التحرير أو المحررين من المؤهلين علمياً أو علي الأقل سبق لهم ممارسة المهنة في الصحف الورقية وليس مجرد هواة أو أشخاص فشلوا في الانتماء للصحافة الورقية. قال إنه بسبب غياب التشريعات يوجد آلاف المواقع التي تطلق علي نفسها جريدة إلكترونية دون أن تمتلك المقومات لذلك من فهم لطبيعة المهنة وضرورة الالتزام بالأخلاقيات لأن غياب التشريعات يساعد علي تنامي هذه المواقع لأننا لا نجد قوانين تحدد طريقة عملها أو جهات تمنحها الترخيص مزاولة المهنة وهذا علي عكس ما يحدث حتي في بعض الدول العربية التي سارعت بإعداد تشريع ينظم عملها. أشار إلي أهمية سد الثغرة الموجودة حالياً في عمل هذه المواقع حيث يجب أن تطبق عليها الشروط التي تطبق علي العاملين في الصحف الورقية من الحصول علي المؤهل الجامعي والمحاسبة علي ترويج أو نشر أي أخبار أو شائعات من شأنها الإضرار بالمصالح العليا للبلاد. * حاتم زكريا عضو مجلس نقابة الصحفيين قال نحن نعيش حاليا عصر الانتشار العشوائي للمواقع الإلكترونية ما جعلنا نعيش في فوضي غير مسبوقة مثلما يحدث حتي في الصحافة الورقية التي تشكر هي الأخري من الدخلاء. أضاف أن المطالبة بتدخل النقابة ليس في محله لأن هذه الكيانات لا تعمل بشكل منظم بأن تكون مثلاً تحت عباءة شركات مساهمة ومن ثم لا نستطيع مقارنتها بالمؤسسات الصحفية وكل ما يمكن فعله الآن هو أن نضغ ضوابط لممارسة هذا العمل مثل الضوابط التي تطبق علي الصحف الورقية حتي تستطيع الانضمام إلي النقابة حتي وعلي شكل فرع داخلها وبالتالي يمكن محاسبتها وفي نفس الوقت الحد من ظاهرة استخدام ألقاب صحفية علي هذه المواقع مثل مشرف أو مدير التحرير أو رئيس التحرير لأن ذلك يمثل بشكل كبير وصريح جريمة انتحال صفة وهو فعل مؤثم بنص قانون العقوبات. طالب القائمين علي وضع تشريعات الإعلام بضرورة الانتباه لهذه القضية التي تمثل خطورة علي الصحافة والصحف والصحفيين باندساس دخلاء علي المهنة لا يملكون أي مقومات لممارستها وهو ما يتطلب أيضاً من مجلس النواب أن تكون التشريعات الخاصة بتنظيم الإعلام والصحافة علي رأس أولوياته في المرحلة القادمة. * د.عزه هيكل عمد كلية إعلام الأكاديمية العربية قالت: إن هذه القضية شغلت الساحة الإعلامية العالمية لأنها تندرج تحت وسائل الاتصال الحديثة والخطر ليس في وجود هذه المواقع ولكن الخظر يتمثل في الأشخاص الذين ينتحلون صفة صحفية ومن ثم يجب محاسبتهم علي ذلك بغض النظر عن وجود تشريع ينظم عمل هذه المواقع من عدمه لأن انتخال الصفة هنا يخضع للقانون الجنائي. أضافت أن هذه المواقع تسيء إلي الوطن ككل لأنها تعبير صارخ علي الفوضي والسيولة التي نعيش فيها ودليل علي غياب الانضباط في العديد من أنشطة الإعلام ونحن هنا لا نستطيع أن نطالب بمنع هذه المواقع لأن ذلك ممكن تكنولوجياً ولأن هذا يمثل اعتداء علي حرية الرأي والفكر في وقت شهدت فيه مصر ثورتين من أجل الحرية والديمقرطية ولكن المطالبة هنا بوجود آلية تنظيمية تضمن ألا تخرج هذه المواقع عن السياق القيمي والأخلاقي للمجتمع. طالبت بالاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال وأن يلعب المجلس الأعلي للصحافة دوراً في ضبط إيقاع العملية الصحفية سواء الورقية أو الإلكترونية لأنه أحد الجهات المنوط بها ذلك وأن يتخلي عن الاهتمام بالبحث عن زعامة سياسية أو حزبية لأن هذا ليس في صالح المهنة ولا يرتقي بها.. * د.رفعت الضبع مؤسس الإعلام النوعي ومستشار البرلمان الدولي.. يري أن الغالبية من هذه المواقع ضلت الطريق وخرجت عن الأهداف الأساسية لها من نشر المعلومة الصادقة والتثقيف وأصبحت مليئة بالمعلومات المغلوظة وانتحال صفة الصحفيين بالإضافة إلي نشر الشائعات الكاذبة وهذا مرفوض سواء من الناحية الأخلاقية والدينية أو حتي وفقاً للدساتير الوضعية ومواثيق العمل الإعلامي.. أضاف أننا في حاجة ماسة إلي مراجعة التشريعات الخاصة بتنظيم عمل هذه المواقع واستحداث قوانين جديدة بحيث يتم تشديد العقوبة في حالة ارتكاب هذه المواقع لجرائم الانفلات الأخلاقي ونشر معلومات كاذبة وعدم تقديس الأديان واحترام الدساتير والقوانين مع ضرورة الإسراع في إصدار مواثيق الشرف الإعلامية لتكون الفيصل في محاسبة هذه المواقع.. أيضاً يجب أن يكون هناك آلية جديدة يتم من خلالها تقييم أداء هذه المواقع ومدي التزامها بالضوابط التي يتم وضعها من عدمه ويمكن أن تلعب المصنفات الفنية دوراً في هذا الأمر بشروط أن يعاد هيكلتها لتضم خبراء في الإعلام وأساتذة جامعات متخصصين حتي تأتي النتائج مرضية وتنجح في وقف ما يرتكب من انفلات أخلاقي في كثير من الأحيان وانتحال للصفة في حالات أخري عديدة. * د.مرعي مدكر أستاذ الإعلام يلقي بالمسئولية علي نقابة الصحفيين التي من وجهة نظره لم تستوعب الصحافة الإلكترونية من البداية وتقوم بتكوين شكل موسسي لها يمكن من خلاله محاسبة من يخطيء إلا تستفحل الأمور ونصل إلي ما نحن فيه الآن من مشكلة أصبحت تمثل أزمة تتطلب سرعة مواجهتها. أضاف أن العديد من الدول العربية وعلي رأسها الأردن تنبهت للظاهرة وقامت بالاعتراف بها ونظمت عملها بشكل قانوني مؤسسي يمكن من خلاله أن تلعب هذه النوعية من الصحافة دوراً في صياغة فكر المجتمع علي النحو الصحيح.. يري أن مواجهة المشكلة تطلب حزمة من الإجراءات تبدأ بألا يتم السماح بإصدار أي صحيفة إلكترونية ما لم تكن تابعة لصحيفة ورقية معترف بها وحاصلة علي ترخيص.. أيضاً يجب أن تشمل القوانين القادمة التي تنظم المجلس الوطني لتنظيم الإعلام نصاً واضحاً لتقنين هذه المواقع. أضاف صحيح أن القوانين وحدها ليست كافية ولكنها مهمة في هذه المرحلة لردع المتجاوزين ويجب أن يصاحب ذلك ثقافة مجتمع تلفظ التجاوزات وتجرم أي خروج علي القانون وعادات وتقاليد المجتمع. قال إن الفجوة الموجودة بين المجتمع العلمي والجامعات والمؤسسات الصحفية ساعدت علي زيادة حدة المشكلة لأنه يوجد العديد من الدراسات الجامعية التي تعالج الظاهرة دون أن تجد طريقها للتطبيق رغم ما يمكن أن تحققه من علاج لظاهرة استفحلت وأصبحت تتطلب مواجهة حاسمة فليس منطقياً أن كل العقوبات في جرائم النشر تطبق فقط علي المنتمين للصحافة الورقية وترك الحبل علي الغارب بدون تنظيم للصحافة الإلكترونية.