أسعدني الصديق العزيز د. خالد عزب رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية بأن أهداني نسخة من المجلد القيم "نقابة الصحفيين.. منارة الحرية" الذي أصدرته المكتبة بمناسبة احتفال نقابة الصحفيين بعيدها الماسي ومرور 75 عاما علي إنشائها. والدكتور خالد عزب له باع طويل في علم التوثيق والتدقيق التاريخي.. وقد حصل كتابه "فقه العمران.. العمارة والمجتمع والدولة في الحضارة الإسلامية" علي جائزة أفضل كتاب لهذا العام من مؤسسة الفكر العربي.. وجاء هذا المجلد - الكتالوج - الذي أشرف علي تحريره تحفة فنية وعلمية وتوثيقية عالية القيمة.. سواء فيما يتعلق بالموضوعات والمعلومات التي تضمنها بشأن نشأة الصحافة ونشأة نقابة الصحفيين.. وأهم المعارك التي خاضتها النقابة علي مدي تاريخها.. وأبرز الأسماء التي شغلت منصب النقيب إلي جانب مجموعة نادرة من الصور للرواد الأوائل في هذه المهنة الذين جعلوا منها عينا للشعب يراقب من خلال كل سلطات الدولة.. فصارت سلطة شعبية فوق السلطات. وساعد في تحرير المجلد التاريخي - الكتالوج - كل من الزملاء أيمن منصور ومحمد حجازي وأحمد عبد العاطي.. وكتب مقدمته الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية.. كما كتب نقيب الصحفيين الزميل الاستاذ يحيي قلاش مقدمة أخري إضافية أشار فيها إلي الدور التاريخي الذي قامت به رموز وقامات صحفية كبيرة قادت حركة التنوير في محيطها العربي والاقليمي في الفكر والثقافة والأدب.. والنضال التاريخي الطويل الذي خاضته أجيال من الصحفيين حتي انتزعوا حقهم في إنشاء كيانهم النقابي. ومن أروع الصفحات التي تضمنها هذا المجلد الفريد تلك الصور العديدة لمجلات وصحف كثيرة ظهرت واندثرت ربما لم نسمع عنها.. ومجلات وصحف أخري سمعنا عنها ولم نر الشكل الذي كانت تصدر به.. وأيضا لمجلات وصحف قديمة نشأت وتطورت ونجحت في أن تساير العصر الذي نحن فيه عبر رحلة طويلة من الجهد والعرق والعلم لأجيال وهبت نفسها لمهنة البحث عن المتاعب.. واقنعت الجمهور بأنها تعمل فعلا في بلاط صاحبة الجلالة.. وذلك لأنها جعلت من الصحافة رسالة للتنوير والوعي وتحرير العقل والدفاع عن الحق وكشف الحقائق ومقاومة الظلم والاستبداد والطغيان والفساد.. وليست مجرد وسيلة لكسب العيش والشهرة والنفوذ والاقتراب من السلطة. والواقع ان هذا التاريخ العريق للصحافة ولنقابة الصحفيين يلقي بمسئولية ضخمة علي عاتق نقابتنا ونقيبنا الزميل يحيي قلاش ونحن نحتفل بالعيد الماسي لعلاج الثغرات والسلبيات التي تشوه الكيان الصحفي ككل.. وأولها تدهور مستوي مهمة الصحافة وضياع المعايير والضوابط التي تحكم الأداء المهني.. واقتحام كثير من الدخلاء هذا المجال الرفيع حتي قيل إن الصحافة صارت مهنة من لا مهنة له.. اضف إلي ذلك تدهور مستوي الصحفي الذي يجب أن يكون مؤهلا بما فيه الكفاية لحمل الرسالة التي تقتضيها مهنته.. مؤهلا من حيث العلم والوعي والثقافة والمقدرة والكفاءة. من أجل ذلك.. يجب التدقيق جيدا في المستوي العلمي والثقافي لمن سيمارس المهنة ومن سيحمل لقب صحفي.. ولا يترك هذا الأمر للمؤسسات والصحف التي درجت علي مجاملات مخزية بتعيين السكرتيرات والاتباع.. ويرتبط بذلك أيضا وضع برامج للتدريب المستمر في النقابة حتي يتوفر لدينا الصحفي الذي يمتلك أدواته العلمية والثقافية واللغوية والتكنولوجية.. والقادر علي مسايرة عصر الكمبيوتر والصحافة الالكترونية.. وعلاج الخلل الكبير في دخول الصحفيين وأجورهم الذي يدفعهم - أو يدفع فريقا منهم - إلي العمل في الإعلانات التجارية أو التكسب من الأجهزة الحكومية والوزارات بالمخالفة للقانون.. أو البحث عن عمل إضافي في الإعداد البرامجي.. وهذا كله مما يضعف الحس الرسالي لديه. لابد أن تعود نقابة الصحفيين إلي دورها المتكامل يا نقيبنا العزيز في حماية الصحفي والدفاع عنه وتأمين السبل الكفيلة بأن يؤدي رسالته النابعة من ضميره وحريته دون خوف.. وتأمين مستوي لائق لمعيشته برفع مستواه المادي الذي تدهور بشكل كبير.. فمن يمد يده لا يمد رجله.