ما إن كشفت الحكومة النقاب عن اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وانضمام جزيرتي تيران وصنافير إلي المملكة العربية السعودية حتي تحول فجأة كل مصري إلي خبير استراتيجي وأستاذ تاريخ وتبارت وسائل الإعلام المختلفة ما بين مؤيد ومعارض للاتفاقية فمنها من استعان بالخبراء الذين أكدوا علي أحقية مصر فيهما وأنهما أراض مصرية 100% بينما خرج علينا خبراء آخرون ليعلنوا عن أصلهما وفصلهما وأنهما كانتا تابعتين للسعودية حتي عام 1950 ثم طلبت المملكة من مصر حمايتهما وتنازلت عنهما بشكل مؤقت خوفا من الاحتلال الاسرائيلي الذي قام بالتهام ميناء "أم الرشراش" فخشيت علي الجزيرتين من الاحتلال واستعانت بمصر لتحمي لها أراضيها.. ولم يقتصر الجدل علي وسائل الإعلام والشارع فحسب بل وصل التراشق إلي مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلي ساحة حرب بين من يؤيد الاتفاقية ومن يرفضها. لاشك أن كثيراً من الشعب المصري أصابته الحيرة واللخبطة بعد كل هذا اللغط ولم يعد يدري هل تيران وصنافير مصريتان أم سعوديتان؟.. في الوقت الذي لا يتحدث فيه أحد عن الجسر البري المزمع انشاؤه ليربط بين الدولتين وما سيدره من منافع مشتركة وما سيضيعه علي إسرائيل من خطط خبيثة ترسمها في المنطقة لخنق قناة السويس. ان قضية الجزيرتين تاريخية لا يجب لأحد غير الخبراء الإدلاء بدلوه فيها سواء كانوا من التاريخيين أو القانونيين أو غيرهم ممن يمتلكون الخبرة في هذا المجال.. أما أن يتحدث كل من هب ودب عن هذا الموضوع فإن ذلك لن يؤدي إلا إلي الفوضي والتشاحن وتعبئة النفوس بالغضب والحيرة والاحباط. لا يمكن لأحد أن يشكك في وطنية واخلاص الرئيس عبدالفتاح السيسي فهو عسكري في المقام الأول والجيش علمه أهمية الحفاظ علي كل ذرة تراب من أرض الوطن ومنذ أن تولي مقاليد الحكم في البلاد والرجل يبذل قصاري جهده من أجل الارتقاء بالبلد ويعمل كل ما في صالحها.. لذلك آن الأوان ان يخرج علينا الرئيس بخطاب يوضح فيه حقيقة الأمر ويحسم الجدل الدائر في الأوساط الاجتماعية قبل أن ينفلت زمام الأمور فالشعب من حقه يفهم. ان المرحلة الراهنة التي تعيشها البلاد والظروف الاقتصادية الصعبة لا تحتمل الفرقة والاختلاف خاصة أن هناك من يتربصون بالوطن ويحترفون الصيد في الماء العكر وعلينا ان نفوت عليهم هذه الفرصة التي يتذرعون بها لشحن الشعب ضد قيادته وحكومته. إشارة حمراء الإعلام المصري "ما يصدق يلاقي جنازة ويشبع فيها لطم".. فكلما أثيرت قضية "يلت ويعجن" مثلما حدث عندما سقطت الطائرة الروسية في سيناء وكذلك قضية اختطاف الطائرة المصرية أو مقتل الشاب الإيطالي وغيرها من الحوادث التي تتعلق بالغرب وتتناولها فضائياتنا المصرية بصورة فجة ومبالغ فيها أكثر من الغرب نفسه.. وهم لا يدركون أننا بذلك نشوه صورتنا في الخارج بأيدينا.. نقول للإعلام المصري: كفاية "لت وعجن".