تشتهر محافظة أسوان بتصنيع وتجارة "الفسيخ" والذي يوجد بكثافة في المناطق الجنوبية من بحيرة ناصر.. والعجيب أن الصيادين يؤكدون أن الأسماك التي يصنع منها الفسيخ تتميز بأنها أسماك تعشق المجازفة والسباحة ضد التيار!!! يقول محمد حسن سمكة عضو بجمعية الصيادين الأم بأسوان ان رحلة تصنيع الفسيخ تبدأ فور صيد الأسماك التي تصلح للتمليح وهي أسماك "الراية" و"كلب البحر" والتي تنتشر في جنوب بحيرة ناصر بداية من منطقة عنيبة إلي الحدود المصرية السودانية. حيث يقوم الصياد بعملية تصنيع الفسيخ داخل الخيمة التي يقيم فيها علي بحيرة ناصر وذلك فور صيدها مباشرة وذلك عن طريق نزع الأحشاء من البطن ثم الشطف بالمياه والملح. حيث يتم رص الأسماك في صفوف متتالية بينها طبقات من الملح داخل براميل أو صفائح لمدة تتراوح ما بين أسبوعين أو ثلاثة حتي تصل إلي مرحلة النضج. أضاف: صفائح الفسيخ أو "الملوحة" كما يطلق عليها في أسوان تنقل من بحيرة ناصر إلي مخازن التجار في مدينة أسوان لإعادة تصنيعها مرة أخري عن طريق فرز الفسيخ واخراج الأسماك التالفة. ووضع الأحجام المتشابهة مع بعضها البعض. ثم تشطف مرة أخري بمياه مركزة جداً بالملح حتي لا تفسد لانه في حالة شطفها بالمياه العادية يفسد الفسيخ. ويباع كيلو الفسيخ للمستهلك في المحلات ما بين 20 جنيهاً و45 جنيهاً لبعض الأنواع. وأوضح ان أسماك الراية وكلب البحر التي يصنع منها الفسيخ تعتبر من الأسماك التي تحب المجازفة وتسبح دائماً ضد التيارات المائية وتزداد أعدادها مع ارتفاع منسوب بحيرة ناصر خلال الفترة من 15 يوليو حتي شهر أكتوبر من كل عام. وتزدهر تجارة الفسيخ في فصل الصيف أكثر من الشتاء ومن الممكن أن تصل صلاحية الفسيخ إلي عام كامل في حالة اتباع إجراءات التخزين والتمليح السليمة. وهبة شحات زيدان "صياد": أسوان تشهد حالياً ظاهرة غريبة وهي استيراد كميات من أسماك الفسيخ المجمدة من السودان الشقيق والتي يتم تمليحها في أسوان داخل بعض المخازن مما يعرضها للتلف وذلك بخلاف أسماك الفسيخ المصرية التي يتم تصنيعها فور صيدها مباشرة بدون أي تجميد. وطالب بأن تمنع السلطات المختصة دخول أسماك الفسيخ المجمدة من السودان إلي أسوان وأن يقتصر الأمر علي دخول صفائح الفسيخ المملحة كما كان يحدث في السابق. لأن الفسيخ يجب أن يبدأ تصنيعه فور صيده مباشرة بدون أي تجميد أو الدخول في الثلج. وأشار إلي أن صيادي بحيرة ناصر لديهم خبرة كبيرة في تصنيع الفسيخ ويقومون بوضع كميات كبيرة من الملح لضمان الحفظ لمدة طويلة حيث تصل درجة التمليح إلي 36%. وذلك بخلاف أسماك البوري والرنجة في الوجه البحري والتي تكون عرضة للتلوث أو التلف نظراً لانها تأتي مجمدة ثم يتم تمليحها بعد ذلك وتبلغ درجة التمليح فيها 8% فقط. أم عبدالرحمن جمال "موظفة" ومن أهالي النوبة: جميع أبناء أسوان يحرصون علي شراء الفسيخ في موسم شم النسيم ثم يقومون بتجهيزه عن طريق اخلائه من الشوك ووضع الخل والزيت والشطة والطحينة والطماطم عليه ثم تناوله في الحدائق أو المنازل في شم النسيم. أضافت: أبناء النوبة القديمة كانوا يحرصون علي تناول الملوحة عن طريق جمع الأسماك صغيرة الحجم "السردين" ثم تنظف وتوضع لفترة داخل براميل أو صفائح ومعها كميات كبيرة من الملح والشطة وكان يطلق عليه اسم "طركين" باللغة الكنزية للنوبيين وتؤكل مع عيش فرن الدوكة الشهير. أوضحت ان البعض في البلاد النوبية كان يأكل الملوحة عقب إضافتها إلي السبانخ أو الملوخية ويطلق عليها اسم "كورتيد".