مما لاشك فيه ان الدول المتحضرة تهتم بالطفل اذ انه عماد المستقبل. وطفل اليوم هو رجل الغد. فيجب علينا ان نعده الإعداد الجيد والصحيح لذلك. بدنيًا وعقليًا وثقافيًا. وبالرغم من آلاف الدراسات التي اهتمت بذلك. الا اننا لا نهتم بتلك الدراسات الإهتمام الجيد. ولا نلتفت الي نتائجها او توصياتها. وذلك اما لعدم الوعي او قلته بقيمة الطفل. او لكثرة الحجج الواهية بضعف الإمكانات!! وتعد الدكتورة اماني الجندي. مدير تحرير سلسلة "آفاق عريبة"التي تصدر عن الهئية العامة لقصور الثقافة. ابرز من حاولوا في نهاية العقد الأول من الألفية حتي يومنا هذا. الاهتمام بثقافة الطفل وتوجيهه التوجيه الحقيقي. واعداده ليعي ما يدور من حوله والنهوض بذلك الدور. وتأهيله ليكون انسانًا مؤثرا فيمن حوله.. وقد اشرفت واعدت الكثير من الورش والمؤتمرات. التي اهتمت بالطفل وتنمية مواهبه الثقافية والفنية والإبداعية. كورش المسرح. الكتابة. الرسوم المتحركة. اعمال الصلصال. الكورال. البينالي. والأراجوز. كما حصلت علي شهادة تقدير من جمعية الصداقة المصرية الليبية. لمساهمتها الفعالة في تلك المجالات. وقد قامت بكتابة عدة مؤلفات عن الطفل وثقافته. منها"اطفالنا والمسرح". و"فنون الفرجة المسرحية وثقافة الطفل. و"الجدة الحكاءة..وثقافة الطفل". وفي كتابها الأخير. المنشور بسلسلة "اقرأ"التي تصدر عن دار المعارف. تقول: هل رأيت مولودا في مهده يصدر مناغاة من فمه ويحرك يديه وقدميه وكأنه يحكي ويتكلم؟ إنه الحكي الذي يعبر الطفل به عن نفسه في صور مختلفة بالصمت حينا وبالصوت حينا آخر..ومن ثم كان شغفه بالاستماع إلي الغير يحكي له.. يأخذ منه ثم يحاول أن يعيده علي نفسه مرة آخري.. أما من هذا الذي يحكي؟ فقد يكون الأب أو الأم أو الجدة أو الأخت الكبري أو الأخ الأكبر. المهم في هذا الأمر أن الشعار هنا يحث أي فرد من الأسرة علي "القراءة" للصغير اي الحكي أو القص.. وإذا كان عنوان هذا الكتاب هو "الجدة الحكاءة" فقد قصد به بالطبع الرمز لعودة دور أفراد الأسرة إلي العناية بثقافة الطفل في البيت. وليس حتماً المعني الحرفي للعنوان. وإن كانت الجدة عبر التاريخ القديم والحديث. هي الآقرب إلي أحفادها في الوصول إلي عقولهم. إنني أعترف اننا نعيش اليوم عالماً مختلفاً تماماً عن اي عصر مضي. عالماً تملؤه الأساليب الحديثة والتكنولوجيا والزحام الإعلامي الذي قد يبعدنا تماماً عن رعاية الصغار في البيوت. بل صار أمراً مألوفاً. أن يعيش اطفال اليوم في دور الحضانة. وتفقد الأسرة هذا التواصل وهذه المسئولية في تثقيف أبنائها. لكن هنا الاعتراف لا يثنينا عن العودة إلي الثوابت والأصول والجذور. وسيجد القاريء اننا لم نضن بأي معلومة تاريخية أو أدبية أو فنية تفيدنا في تأصيل هذه الظاهرة التي كادت تضيع وتتبدد في ساحة الزحام والتكنولوجيا التي تبعد الأسرة عن دورها الحقيقي في بناء شخصية الطفل الثقافية.