إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلي أطفالها وشبابها تتضح لك الرؤية المستقبلية لهذا البلد. وقديماً كان الاهتمام ببناء وتنمية الطفل من الأمور المهمة حتي تخلفنا إبداعياً بصفة عامة وعن عمد. هذا التخلف لا يعني عدم وجود المبدعين وإنما يعني عدم وصول المبدع الحقيقي ومنتجه إلي مستحقيه سواء كان طفلاً أو كبيراً. والسبب حالة من التشظي الثقافي والانهيار الحضاري لدولة كانت من أرقي الدول وأكبر الحضارات. تلك النظرة لا تدعو للسوداوية بقدر ما تدفعنا للبحث خلف الأسباب ومحاولة علاجها ومحاولة التغير ومن ضمن أهم الأشياء التي يجب النظر إليها بعد ثورة علي الفساد والظلم والتخلف والتراجع عن كل ما يجعلنا في مصاف الدول العظمي هو ثقافة وتعليم الطفل المصري.. وجه المستقبل لوطننا الذي عاني لسنوات طويلة من الشللية واستخدام الكتابة للطفل كبوابة خلفية سريعة للظهور علي اعتقاد خاطئ بأن الطفل عجينة لينة سهل تشكيله. ثقافة الطفل المصري هي موضوع صالون "المساء الثقافي" لهذا الشهر الذي استضاف د.عفاف طبالة رئيس قناة النيل للدراما والأستاذة بكلية الإعلام جامعة مصر وكاتبة الأطفال. ود.إيمان سند رئيس المركز القومي لثقافة الطفل. وأحمد سويلم رئيس شعبة أدب الأطفال باتحاد كتاب مصر. وأحمد زحام نائب رئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق. وعبده الزراع رئيس تحرير مجلة قطر الندي. ود.كمال الدين حسين والسيد القماحي ود.أماني الجندي وميرفت بكر وعبدالناصر العطيفي ومني ماهر ومحمود السيد وثريا عبدالبديع.. حيث قالوا: د.عفاف طبالة: هناك عدة مفاهيم يجب أولاً تصحيحها منها عدم الحديث عن الطفل المصري ككتلة.. فهناك المتعلم والمتسرب والجاهل وهذا علمياً خطأ. المفهوم الثاني الخوف من التكنولوجيا في إفساد الأبناء فهي كما أضرت أفادت. المفهوم الثالث هو تدريب الأبناء وتأهيلهم للعولمة وهذا لا يعني إلغاء مفهوم الوطن والانتماء إليه بل يجب أن يكون هناك ثنائية في التعامل مع الطفل. علينا نحن أن ندرس المستقبل ونؤهل الطفل له ليس التعامل فقط مع حاضرنا وعلينا أن نغير مفاهيمنا نحن. فبدلاً من كلمة نبني الطفل المصري نستخدم مفردة تنمية الطفل المصري. فأبناؤنا ليسوا كتل صخرية أو طوباً وآحجاراً بل هم عقول وأرواح ننميها للمستقبل. د.إيمان سند: المشكلة الحقيقية أننا نمتلك الأفكار الجديدة ولكننا لا ننتج للطفل بما يتناسب مع الأفكار التي ننظر لها.. فمثلاً في قطاع السينما لا يوجد إنتاج يمثل الطفل المصري. بينما مهرجان الشارقة مثلاً لديهم مائة وعشرون فيلماً إنتاج عربي متنوع ليس لنا مشاركة مصرية فيه. وفي النشر مطبوعات الطفل توزع كهدايا وقد قررت منذ توليت المركز القومي لثقافة الطفل بيع الكتب والمشاركة بها في المعارض الدولية وسنشارك في معرض الشارقة والكويت ولأول مرة يشارك المركز وهذا منجز لدعم ثقافة الطفل المصري. فربما تلك المشاركات توقعنا للجودة التي تنافس والتي بالطبع تصب في مصلحة الطفل. علينا أن نفكر في طرق جذب الطفل للقراءة وهذا لن يكون إلا بكتاب طفل متخصصين ومهتمين وليس بالفئة التي تسعي للمكسب والخسارة في دور النشر الخاصة. علينا أيضا وهذا ما قدمته من خلال المركز أيضا أن نعقد البروتوكولات مع جميع الوزارات لدعم ثقافة الطفل. فمن وزارة الري كان البروتوكول الأول واتفقت معهم للنشر عن نهر النيل واثيوبيا وعقد مسابقات عن النيل كتابة ورسماً وهي مسابقة حتي سن الثامنة عشرة تمتد إلي الواحد والعشرين. واستجابت الوزارة وقدمت الدعم المادي لهذه المسابقة وقمنا كذلك باتفاقية مع وزارة التعليم ووزارة الصحة لعمل قوافل صحية وطبية. وأيضا نحن ندعوهم للاهتمام بالحرف. خاصة للمتسربين من التعليم الرافضين له ونقدم هذا من خلال الحدائق الثقافية. * أحمد سويلم: علينا أن ندرك أن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس.. فاليوم هناك عنف وعدم تعليم وإعلام سييء وأسرة غير مهتمة. كل تلك المنظومة تجسد الخطر الذي نتعامل فيه مع الأطفال ولكي ينال هذا الطفل الفائدة التثقيفية لابد أن نجيد التعامل في مرحلة تنمية عقله ووجدانه ونجعله مشاركاً وليس الجانب السلبي المتلقي فقط. وهناك مؤسسات كثيرة مهتمة بالطفل ولكنها كلها تعمل في جزر منعزلة لا يوجد تعاون. لابد إذن من خلق خطوط التقاء بحيث نوحد الجهد والرؤي الإبداع لدي الطفل يتفجر عندما يكون مشاركاً وليس مستقبلاً لما نريد. * أحمد زحام: أذكر من واقع خبرتي من الهيئة العامة لقصور الثقافة أن هناك إدارتين تحتفي بالطفل إدارة المواهب وإدارة ثقافة الطفل لنفس المجال ونفس العمر المستهدف ومعهم مشروع أتوبيس الفن الجميل. هذا الجمع يعمل في اطار الجزر المنعزلة وهذا داخل مؤسسة واحدة. يحدث التكرار بشكل غير تنظيمي وفي نفس السياق للجزر المنعزلة. فكتاب الأطفال يكتبون ولا يلتقون بالأطفال المستهدفة من الكتابة. ولذلك نطالب بعدة أشياء وخاصة من المؤسسات أولا التنسيق مع بعضها.. ثانيا نطرح هذا السؤال المهم ونجيب عليه هل مقدم الخدمة الثقافية داخل المؤسسة الحكومية مؤهل لتقديم هذه الخدمة؟! وأجيب من واقع الخبرة.. لا.. فلا يتم الإعداد للقائمين علي هذا النشاط.. فما بالنا بمن يمسكون الإدارة العامة لابد من وضع معايير.. فهل يعقل أنه لا يوجد مهرجان لمسرح الطفل وسط كل هذه المهرجانات.. تلك كارثة أخري!! عبدالزراع: إذا أردت العمل والنجاح سيحدث ذلك والدليل نجاح الفنان سليم سحاب في اختيار سبعمائة طفل من أطفال الشوارع لتكوين أوركسترا من هؤلاء الأطفال.. فكرة معجزة حقا.. إذن لا يوجد موانع لمن يريد العمل فقد توفر له الإمكانيات المادية لهذا العمل.. إن المجلات الخاصة بالطفل مشروع له أهميته بالنسبة للطفل القاريء.. أما عن مهرجان المسرح فقد أقيم لدورتين بغاية السوء وبدلا من تطويره قام سعد عبدالرحمن بتخفيض ميزانية شريحة مسرح الطفل وبهذا اختفي المهرجان وظلم المؤلف ظلما كبيرا!! د.كمال الدين حسين: بداية الخيط هو كيفية تحويل المادة المنتجة إلي وسيط تثقيفي وهذا لن يكون إلا بمعرفة الطفل المصري ودراسته وإيجاد خطاب ثقافي للطفل المصري الحديث ونضع البرامج التي تساعد علي ذلك لنحصل علي طفل بعد خمسة وعشرين عاما يكون امتدادا لنماذج بشرية اختفت من هذا المجتمع هناك انعدام مصداقية في العمل الثقافي وخاصة ثقافة الطفل ويظهر هذا من تكرار المؤتمرات والمهرجانات وتتجاهل أن الطفل المصري مر في السنوات الثلاث الماضية بقضايا كبيرة وتجربة خطيرة. السيد القماحي: كنا نتعلم في مدارس النجع في بلدتنا كيف نصنع العطور والزبادي وكيف نقرأ ونعرف الموسيقي هذا الكلام من ستين عاما المدارس الآن ليس بها أي أنشطة فأين حصة الرسم والتربية الزراعية والمكتبة والموسيقي والاقتصاد المنزلي؟ لم يعد هناك قد تكتب في الجدول لكنها غير موجودة.. إنني أكتب منذ خمسين عاما ولكنني انتقلت الآن للعبة التعليمية لأنها الأقرب للطفل ولكن ما جدوي ذلك وهناك عملية تحميل مناهج علي عقل الطفل لا تعليم.. ومثل هذا الغياب للنشاط يولد طاقة سلبية تترجم الآن في الشخبطة علي الحوائط وتكسير الكراسي. د.أماني الجندي: علي الجميع أن يسعي من خلال موقعه.. الكاتب يكتب ومتخصص المسرح يقدم الفرجة وقبل كل هذا لابد من الوصول للطفل كيف نعلمه الانتماء للوطن والحفاظ علي تلك القيمة بكل السبل الأغنية المسرحية والرقصة ورش الحكي والمطبوع الثقافي علينا ألا ننس شريحة كبيرة ومهمة الأطفال بلا مأوي وأطفال الملاجيء لابد من فتح قنوات المعرفة أمامهم. ميرفت بكر: أين إعلام الطفل وبرامجه؟ الموجود حاليا في منتهي الفشل ويحرص علي العنف.. علينا أن نعلمهم عن طريق اللعب حتي 12 سنة والأبحاث والدراسات بعد ذلك أما الإثقال بالمناهج فقد أدي إلي الجهل والأمية.. علينا أن ننشط في البرامج والسينما ولا نلجأ للبرامج المعدة "دبلجة" بلهجات غير مصرية أحيانا وثقافة غيرنا. محمود السيد: الثقافة فعل تراكمي من العلوم والمعارف وللثقافة أدوات منها التعليم والإعلام والدين الذي يتحقق به السلام والتوازن الاجتماعي.. ومن عقود طويلة اهتمت الدولة بإصدار مجلات لتثقيف الطفل ومازال بعضها موجودا حتي الآن لكنها لم تتطور وأصبحت لا تناسب الطفل الآن وفي الغالب هي لا تهدف إلا للتسلية. ثريا عبدالبديع: المشكلة ليست جديدة ولكن إدارة المشكلة هي التي يجب أن تكون جديدة.. لابد أن يجد المسئول بداية جديدة ليكون هناك انتشار أكبر وخروج من مركزية القاهرة للقري والنجوع وعلينا أن ندرك أننا الآن تحت منظار التاريخ وأن التطوع موجود لدي الكتاب المهم أن يكون هناك تفاعل لنصل للطفل المستحق لهذا. عبدالناصر العطيفي: تفعيل الأنشطة وثقافة الطفل لابد أن تبدأ من المدرسة والمدارس الآن لا تعلم ولا تثقف لا يوجد نشاط في المدارس وأنا مدرس وأقول ذلك النشاط الوحيد تحية العلم.. نتحدث عن الجرائد فهل تصل للقري؟ علينا التعامل مع شريحة كل الأطفال من طفل الشوارع حتي أطفال القصور من منظور علمي ولابد من التواصل مع الإعلام الذي انحصر دوره فقط علي التخريب. مني ماهر: وسيلة الوصول الأسرع للطفل هي المدرسة فعالم الكتابة والأدب لم يعد مجديا. الطفل لم يعد يقرأ لضيق الوقت.. علينا أن ندرك تلك المتغيرات.. الكتابة للطفل بوابة خلفية لبعض الكتاب.. ومن يكتب للطفل لابد أن يكون واسع الثقافة وليس العكس الأطفال الآن يعرفون ما لايعرفه بعض الكتاب عن طريق التكنولوجيا.