* يسأل رمضان محمد من سوهاج: اقرضت صديقا لي مبلغا من المال لسداد ديونه وبعد ان قام بسدادها كاملة اتصلت به اكثر من مرة وارسلته لرد ما أخذه مني من أموال ولكن دون جدوي فمرة يقول لي غدا ومرة أخري يقول بعد غد وهكذا علما ان تأخره بسداد دينه المستحق قد عاد بالضرر علي وعلي اسرتي كما ان صديقي هذا لديه أموالا وأملاكا يستطيع ان يسدد من خلالها دينه فما رأي الدين في ذلك؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: يحرم علي المسلم ان يماطل أو يتأخر في سداد الدين الثابت في ذمته وهذه من الذنوب العظيمة التي نهي عنها الرسول صلي الله عليه وسلم لأنه داخل في ظلم الأموال وقد عدها بعض أهل العلم من الكبائر ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم فإذا اتبع احدكم علي مليء فليتبع" متفق عليه وقد نص الفقهاء علي ان المماطل فاسق ترد شهادته لظلمه وتهاونه بالحقوق. وهذا التصرف من الصديق يحل لصاحب الدين ان يشتكيه عند القضاء ويحل للقاضي حبسه حتي يوفيه دينه لأنه ظلمه في ماله لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" رواه أبوداود وإذا لم يجد سبيلا عليه ابيح له ان يدعو عليه لأنه مظلوم والشارع جعل للمظلوم دعوة مستجابة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" متفق عليه. والمماطل المذموم شرعا والمستحق للتعزير في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو الغني القادر علي الوفاء بماله أما المعسر الذي لا يجد مالا ولا يستطيع الوفاء فمعذور شرعا ولا يحل شكايته ويجب امهاله إلي ميسرة لأنه معذور ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولذلك قال الله عز وجل: "وان كان ذو عسرة فنظرة إلي ميسرة" سورة البقرة: اية 280 والمماطل الغني إذا امتنع من القضاء بعد مطالبة الدائن يجب علي القضاء ان يستوفي ديون الناس من أمواله ولو ببيع عقاراته واصوله لأن حقوق الآخرين لا تسقط إلا بالوفاء ولأنه في حكم الغاصب يجب استخلاص المغصوب من ماله. واقول للمدين ينبغي للمؤمن ان يتخلص من حقوق المسلمين في الدنيا ويوفيهم أموالهم قبل أن يقتصوا منه يوم القيامة فيأخذوا من حسناته فإن نفدت طرحوا عليه سيئاتهم كما حذر النبي صلي الله عليه وسلم بقوله: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.. رواه البخاري. والمماطل ان نجا من عقوبة الدنيا فلن ينجو من عقوبة الآخرة وهذا يدل علي خطورة الموقف وعظم الحساب فليحذر المؤمن من هذا الأمر أشد الحذر وليحترس. ومن المؤسف ان تري تساهل الرجل الصالح في حقوق الناس مع حرصه علي اداء الفرائض وهذا من قلة الفقه والورع وضعف المروءة لأن حقوق الله مبناها علي المسامحة وحقوق الخلق مبناها علي المشاحة ولا تسقط إلا بالوفاء ولذلك شدد الشارع الحكيم في أمر الدين وعدم سقوطه من ذمة الشهيد مع انه جاد بنفسه وماله كما في صحيح مسلم: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين".