كل فترة وأخري تتجدد دعوة إلغاء مادة التربية الدينية من المدارس واستبدالها بمادة القيم والأخلاق بعد أن تدهورت قيم المجتمع وأخلاقياته في السنوات الأخيرة مما انعكس ذلك علي سلوكيات الناس .. وفي خلال الفترة القادمة سوف يناقش مجلس النواب مشروع القانون التي تقدمت به نادية هنري عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار والتي تطالب فيه استبدال مادة التربية الدينية بمادة "القيم والأخلاق" كخطوة لمنع التمييز والفتن بين الطلاب. هذا الاقتراح لاقي قبولا من البعض بينما عارضه البعض الآخر .. فاستطلعنا رأي بعض علماء الدين والتربية وكانت إجاباتهم من خلال هذه السطور : تقول د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب يجب أن نخرج من هذه الأكلاشيهات التي تعبأ بمفاهيم قديمة نقف عندها .. فالرسول بعث ليتمم مكارم الأخلاق وكان خلقه القرآن وأن جميع الرسالات السماوية تدعو للأخلاق الكريمة .. إذن فالأخلاق تخرج من أصول الدين لذلك من المهم جدا أن من يكتب هذه المادة في المناهج التعليمية يجب أن يكون ملما بعلوم الدين سواء الإسلامي أو المسيحي لأن الأخلاق لابد أن تدور علي النص القرآني والنص المسيحي .. فالهدف ألا تكون هناك مادة تفصل بين المسلم والمسيحي .. فكتابة المادة لابد أن تكون بحرفية كما قلت نابعة من النص القرآني ومن وصايا الجبل في المسيحية لأن هناك من يتصيد الأخطاء ويريد إشعال الفتن والإفساد في الأرض. أكدت د. آمنة أن مادة القيم والأخلاق إذا تمت الموافقة عليها في مجلس النواب لن تخرج عن ثوابت الدين خاصة أن مادة الدين هامشية في المناهج التعليمية ولا تضاف للمجموع وكلنا يعلم أن المادة التي لا تضاف للمجموع لا يهتم بها الطالب. أما عن مسألة أن المادة الجديدة "القيم والأخلاق" سوف تفقد الانتماء للدين تقول إن الشعب المصري متدين بالفطرة ويعرف ثوابت دينه علي أكمل وجه من خلال تربية البيت أولا ومن الإعلام والمكتبات والمساجد والكنائس والمجتمع بصفة عامة. تجديد مادة الدين أكد الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق أن الدين هو عقيدة المسلم أو المسيحي .. فالمسيحي يؤمن بإله واحد وعنده الإنجيل فيه هدي ونور .. والقرآن الكريم جاء مكملا للإنجيل والتوراة والكتب السابقة فلا مانع أبدا من تجديد مادة الدين .. وعندما نتكلم عن الإخاء نأتي بأدلة من القرآن وأدلة من الإنجيل وأدلة من التوراة .. ولاشك أن هذا في مقدور العلماء الذين تخصصوا في الدين الإسلامي لأننا درسنا في الكليات الملل والنحل والفرق والمذاهب والأديان الدينية والأديان الوضعية وعندنا محصول من المعلومات في كل هذا. أضاف أننا يجب ألا نخاف وعلينا أن نعلم حقيقة خالصة أن المجتمعات الآن انفتحت علي بعضها وأصبح الناس يتعايشون مع بعضهم فلابد أن يكون هناك جسر من التفاهم مليء بالعلامات المضيئة من الكتب المقدسة لدي كل فريق .. ولاشك أن هذا سيعطي مساحة للتفاهم والتناغم والمودة والألفة .. وهذا ما تتطلع إليه الدول حتي توقف صوت المدافع وأزيز الطائرات والسيارات المفخخة والقنابل من قبل المتطرفين والإرهابيين ونطرح مكان كل ذلك منهجا أخلاقيا يوحد الصف والكلمة. ونحن نري مدي تأثير خطاب فضيلة الإمام الأكبر في برلمان ألمانيا وهذا الأثر الذي أحدثه والدوي الذي حدث من ورائه يجعلنا نؤمن أن صوت الدين هو أقوي صوت في المجتمع وحتي لا نوسع الخلاف مع بعضنا فيوضع الكتاب الديني شاملا علي معلومات من كل دين بشرط اعتماد النصوص التي توضع من المجمعات المقدسة لدي إخواننا وأما نحن فقرآننا واضح ولا غبار عليه مطلقا. فكرة خاطئة يري د. عبد الغفار هلال عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر أن إلغاء مدة التربية الإسلامية في المدارس فكرة خاطئة لأن الأخلاق جزء من الدين ولا يجوز أن نحول الدين بشموليته ونقتصره في دراسة القيم والأخلاق فقط لأننا يجب أن نعلم أولادنا كيف يعبدون الله حق عبادته ولا نكتفي بالمعاملات الدنيوية فقط. أكد أن تعليم الأخلاق بدون تعليم الدين يخالف ثوابت هذا الدين لأنه يباعد بين الطلاب والمبادئ الأخري التي يدعو لها والشعائر التي يتميز بها .. فالدين يقوي القيم والأخلاق في نفوس الطلاب بينما لا يتم العكس أي لا تقوي الأخلاق قيمة الدين في نفوس الطلاب وليعلم من يدعو لهذا الاقتراح أنه كلما ابتعدنا عن الدين ساءت أخلاقنا ولا تستطيع أي مادة دراسية أن تعيدها مرة أخري. طالب د. هلال بتطوير مادة الدين وإثرائها بمعلومات تؤصل القيم والأخلاق في نفوس الطلاب وترسخ مفاهيم التسامح والوسطية والتعايش السلمي الآمن. قال الدكتور عبد العليم شرف أستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر إن خروج القيم من منظومة الدين سيؤدي إلي خلق جيل يميل إلي التطرف وبالتالي الإرهاب وهو ما يؤدي إلي تهديد استقرار المجتمع وزيادة التوترات فيه لأنه سيفتح المجال أمام التحلل التدريجي من ثوابت الدين سواء المسيحي أو الإسلامي. أضاف أن غرس الأخلاق في نفوس النشء يبدأ من البيت وليس المدرسة مع أول يوم ميلاد للطفل .. كذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي يطالعها أبناؤنا ليل نهار سواء علي الفضائيات أو الانترنت .. فهناك وسائل عدة أصبحت تؤثر علي تربية وتنشئة الصغار أكثر من المادة الدراسية. اقترح أن تضاف مادة القيم مع الاحتفاظ بمادة الدين التي تعلمهم المفاهيم الصحيحة له فهذا يقوي الجانبين العقائدي والأخلاقي في نفوس الطلاب .. وعار علي بلد الأزهر الوسطي ألا تتضمن مدارسه مادة لتدريس الدين.