مع إعلان وزارة الأسرة والسكان عن إعداد كتاب (القيم المشتركة) لتوزيعه علي أطفال المدارس من سن 4 12 عاما، حدث نوع من الانقسامات بين علماء الأزهر حول تأييد الفكرة أو رفضها، فالرافضون وجهوا انتقادات لاذعة لهذا الكتاب لاسيما أن فكرته تطرح فكرة وحدة العقائد، بعيداً عن النصوص الدينية، بينما اعتبره البعض فكرة مقبولة في ظل استمرار مناهج التربية الدينية . الرافضون اكدوا أن إعلان الوزارة عن هذا الكتاب بعد مطالبات من بعض البهائين والطوائف الشيعية وزارة التربية والتعليم باستحداث مادة جديدة تسمي مادة " الاخلاق " وإحلالها بمادة التربية الدينية في المدارس. بينما يحاول الشيعة و البهائيين الترويج إلي أن منهج التربية الدينية يدعو إلي التمييز العنصري حيث ادعي أحمد رسمي نفيس أحد أعمدة الشيعة في مصر ان المناهج تتجاهل تاريخ الشيعة في مصر، كما اقترح بعض البهائيين وعلي رأسهم بسمة موسي تعديل مادة التربية الدينية بمادة الاخلاق بإدخال ألواح من البهائية الي حصة الدين تدلل علي قيم ومبادئ مثل الامانة و الصدق والحق و غيرها. فحول وجهة نظر الرافضين لتدريس مادة للأخلاق بعيدة عن مناهج التربية الدينية يؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية أن فكرة تدريس مادة تسمي " الاخلاق بعيداً عن مادة التربية الدينية يعتبر اتجاهاً خاطئاً و حركة لابعاد دراسة الأحكام الاسلامية من صوم و صلاه و شروطها وكيفيتها فترة بعد فترة، موضحا أن الأخلاق في الاسلام هي التي يتم تدريسها في مادة التربية الاسلامية و كل ما هو أخلاقي نجده بشكل عام في تلك المادة. و يضيف عثمان ان اتجاه تدريس مادة منفصلة للأخلاق يدعم ما يريده البعض من إزاحة الدين الاسلامي عن مواقعه التي يجب ان يكون فيها فلا نتصور ان يتم تناول موضوع أخلاقي بعيدا عن الدين و أحكامه، و من ثم فهذا الاتجاه يشوبه بعض التساؤلات و لا يمكن تبرئته من إمكانية تحريك الاسلام الصحيح حيث انه قد يأتي اليوم علي البعض بالاكتفاء بمادة الاخلاق دون مادة التربية الدينية " الاسلامية " بالاضافة الي عدم وجود حجة مقنعة لتطبيق ذلك القرار في حين انه يمكن زيادة منهج التربية الاسلامية بما يدعم الاخلاق و ذلك بعد عرضه علي مختصين من كبار علماء الازهر دون الفصل بين المادتين. من جهته أكد الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الاسلامية و أستاذ العقيدة بجامعة الازهر أن تلك الفكرة عبث، لأنه قد يكتفي بعد ذلك بتلك المادة بعيدا عن مناهج التربية الدينية وهو ما يؤدي لفتح باب الفتنة الطائفية في المدارس بين الاطفال و هي سن خطيراً جداً تتكون فيها شخصية الفرد و مكوناته و معتقداته الاخلاقية كذلك فلابد من احترام للأكثرية سواء كانوا مسلمين او مسيحيين خاصة. واكد أن وضع مثل هذه المادة سيفسر بلا شك دعما لمطالب البهائيين في مصر الذين لا يتعدي عددهم 50 فردا بالاضافة الي ان البهائية ليست ديانة من الاصل حتي يتم تدريس منهجها في المدارس. وتتفق الدكتورة إلهام شاهين الاستاذ بجامعة الأزهر علي أن وضع مادة للأخلاق بعيدا عن الدين هي محاولة لزحزحة الدين من المنهج التربوي، واستبداله بمفاهيم جديدة، ومع ذلك تري الدكتورة إلهام أن مادة التربية الدينية في المدارس يجب ان تتم إعادة النظر فيها وتطويرها بحيث تصبح مادة أساسية تحسب درجاتها و ان يتم عمل اختبارات شهرية لها وتتضمن المادة مفاهيم جديدة عن الاسلام مثل التسامح و قبول الاخر و يوسع المنهج الاهتمام بالعلماء المسلمين و كيف أعلي الاسلام من قيمة العلم . رأي مخالف بينما توافق د. أمنة نصير استاذ العقيدة بجامعة الازهر علي وضع مادة للأخلاق بجانب منهج التربية الدينية لكن دون إلغاء للمنهج الديني بالمدارس لأن الإلغاء تحت إطار الاخلاق سيكون مفهوماً واسعاً مطاطا يستغله البعض كالبهائيين للانتشار و نشر أفكارهم و لكن التربية الدينية في المدارس تدرس للمسلمين والمسيحيين و هما الفئتان الموجودتان في المجتمع ولا نحتاج للمزيد. وتؤكد قائلة :" إنه إذا كنا نتحدث عن التطوير فيجب ان يكون تطويراً للمدرس الذي يقوم بتدريس المادة، فالتربية الدينية للأسف تعامل معاملة هامشية في المدارس فيتم أحياناً استبدالها بحصص أكثر أهمية كما يري بعض المدرسين مثل الرياضيات او اللغات و ذلك علي العكس تماماً فمن المفترض ان مادة الدين من أهم المواد فهي تؤسس قيم و شخصية الفرد خاصة في المرحلة الابتدائية حيث يتم غرس اما القيم الفاضلة او السيئة في الاطفال، لذلك فيجب علي المدرس الذي يقوم بتدريس تلك المادة ان يؤسس أولاً علي الاخلاق حتي يقوم بنقلها الي تلاميذه فلا يكتفي بقراءة الموجود بالكتاب المدرسي فقط و تنتهي الحصة بشكل روتيني بحت يجعل التلميذ ينفر من تلك الحصة بل يجب ان يخلط المدرس ما يتلي في الكتاب بأمثلة حياتيه و يفسر الايات القرآنية بشكل يسير و يبسطها للتلاميذ الصغار . بينما يري الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن أي تعديل خاصة في مادة التربية الدينية، أو وضع منهج له علاقة بالأخلاق لابد أن تتم مراجعته من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية لأنهم المنوطون بالأمر، مؤكداً أن القول بالاكتفاء بمادة للأخلاق أمر مرفوض لأنه يلغي ترسيخ الدين الإسلامي في الاطفال من جانب المدرسة و هو الجانب المهم إلي جانب الاسرة فكيف يتعلم الطفل كيفية الصلاة و عدد ركعات كل صلاة و كيفية الوضوء و غيره من مباديء الإسلام بعد إلغاء التربية الدينية و لكن يمكن أن يتم التعديل بإضافة أبواب تتعلق بسلوكيات المواطن في الحياة العامة و ربط الدين بالحياة ليصبح معاصراً وهي أبواب خاصة بالسلوكيات والمعاملات وهنا يكون التكامل بين الإسلام و مظاهره .