لا أدري كيف يصمت وزير الأوقاف أمام الاتهام الموجه إليه بتشطيب شقته الخاصة بالمنيل علي نفقة الوزارة بمبلغ 772 ألف جنيه.. الوزير الذي يتكلم كثيراً في كل المناسبات ويعظ الناس. ويكتب المقالات وعلاقاته وثيقة بكل الصحف ووسائل الإعلام. لا يليق به أن يلوذ بالصمت إزاء هذا الاتهام الشنيع.. ووزارة الأوقاف التي تقوم علي شئون الدعوة وصيانة الدين. لا يليق بها أن تغفل عن ذلك. وتلتزم الصمت.. خصوصاً أن الاتهام لم يصدر عن شخص غير مسئول. وإنما عن نائب في البرلمان يقول إن المستندات وصلت إليه. وعلي ضوئها يجهز لاستجواب الوزير. كثير من الكُتاب انتقدوا الوزير وانتقدوا الوزارة.. وذكروهما بالآخرة.. وبأن الدولة مديونة. وميزانيتها تعاني من عجز هائل.. وأموال دافعي الضرائب. والزكوات. والأوقاف تحرق من يقترب منها.. ومع ذلك لم يصدر من الوزير أو الوزارة بيان يرد علي الاتهام الفظيع. ومع هذا الصمت سوف تتسع دائرة الاتهام. وتزداد الشكوك.. وستعلو حنجرة الناقدين.. ولا بديل عن الحقيقة.. الحقيقة وحدها.. مهما كانت صعبة وقاسية. هي الكفيلة بإغلاق هذا الملف. وحفظ ماء الوجه. ولا أدري كيف تصمت مصر كلها أمام إعلان أثيوبيا بأنها تستعد لبناء سد جديد علي النيل بعد أن خاضت بنجاح معركة سد النهضة.. واستطاعت أن تفرضه فرضاً. وتجعله واقعاً. لم يعد باستطاعتنا أن نفعل إزاءه شيئاً أكثر من البحث في كيفية تقليل خسائره. الصمت الرهيب الذي استقبلت به مصر الإعلان الأثيوبي عن السد الجديد سوف يغريها علي المزيد من التجاوز ضد حقوق مصر المائية.. ويغري غيرها من الدول المتربصة التي تنتظر انتهاء السيناريو الأثيوبي لكي تبدأ معاركها معنا بنفس الطريقة. لقد كشف د.مغاوري شحاتة. رئيس جامعة المنوفية الأسبق. أستاذ مصادر المياه في دراسة نشرتها "أخبار اليوم" علي 3 حلقات أن وزارة الري في عهد د.محمود أبوزيد. "عملت وشاركت" في دراسة جدوي سد مندايا وسد الحدود. الذي هو الآن سد النهضة. ولا مجال لإلقاء اللوم علي أحد سوي أن ما حدث لم يكن في غفلة منا. وها هو التاريخ يعيد نفسه. وخرج المسئولون عن توريطنا في مشكلة المياه والسدود.. ومن حق أثيوبيا للأسف أن تعلن أن "مصر وافقت علي إنشاء سد الحدود. بل وشاركت في دراسة جدواه". الصمت المصري أمام إعلان أثيوبيا عن السد الجديد سوف يكون حجة علينا.. وسوف تفهم منه أثيوبيا أن السكوت علامة الرضا. ولا أدري كيف تصمت الحكومة في مواجهة التصريح الخطير الذي أدلي به أحمد شيحة. رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة.. والذي قال فيه إن هناك توقعات بوصول سعر الدولار إلي 15 جنيهاً خلال الفترة القليلة المقبلة. لقد أصابنا هذا التصريح بالذهول والهلع.. خصوصاً مع الاعتراف العام المعلن بالانخفاض الحاد الذي حدث في مصادر الدولار الثلاثة: عائدات قناة السويس. وعائدات السياحة. وتحويلات المصريين بالخارج.. وقد كان واجباً أن تكون الحكومة جاهزة لمواجهة الموقف بإجراءات جادة وحاسمة.. وتقول للناس إنها لن تسكت حتي يصل الدولار إلي 15 جنيهاً أبداً.. وإذا حدث ذلك فسوف تتقدم باستقالتها علي الفور. صمت الحكومة غير مريح.. ويؤدي إلي مزيد من الاضطراب والتشكيك.. ليس بالنسة لنا نحن الشعب فقط. وإنما بالنسبة للمستثمرين أيضاً. الذين يتم التعويل عليهم لسد الفجوة وإقامة مشروعات بأموالهم توفر العملة. وتوفر فرص العمل للعاطلين. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن ملك البحرين. الشيخ حمد بن عيسي. قوله حين التقي حاخاماً يهودياً في المنامة: إن إسرائيل قادرة ليس علي الدفاع عن نفسها فحسب. بل عن الدول العربية المعتدلة. وأن دول الخليج تدرك الآن أن إسرائيل حليف ضد إيران. وقادرة علي إرساء الاستقرار في المنطقة.. وأن فتح قنوات دبلوماسية مع إسرائيل هي مسألة وقت فقط.. وأن العداوة التي تكنها دول الخليج وإسرائيل تجاه حزب الله وإيران. يجب أن تستغل كفرصة لإنشاء تحالف مشترك". وقد التزم ملك البحرين الصمت. إزاء هذا الكلام الموجع وطنياً وقومياً.. والأمر المؤكد أنه مرفوض شعبياً.. والصمت هنا رهيب. ومعيب.