مع الانحسار الواضح للمجلات الثقافية العربية. الي حد التحذير من احتجاب مجلة العربي الكويتية التي تعد من أقدم وأقوي المجلات الثقافية في الوطن العربي. فان المواقع الثقافية تتزايد علي الانترنت. وتجتذب أعدادا هائلة من الكتاب والقراء. بما يضيف الي أزمة المطبوعات الورقية. يذهب د.عبدالناصر حسن الي أن المواقع الالكترونية تشكل خطورة بالغة. لا يلتفت اليها الكثيرون. اذا عمل أحدهم "هاشتاج" دخل عليه نصف مليون. مما يصنع رأيا عاما. قد يحدث توجيها خاطئا وبلبلة في الرأي العام. لذلك فمن المهم أن تلتفت الدولة الي مثل هذه المواقع. ولابد أن يكون لدينا مواقع ثقافية تدافع عن الهوية المصرية.وتحبط أية محاولة للنيل من استقرار هذا الوطن. واللافت أن بعض تلك المواقع تعرض فيما تقدمه بعض الأفكار أو الأسئلة التي تحاول من خلالها أن تجمع معلومات مهمة عن المجتمع. علينا كذلك أن نعي أن تلك المواقع تضيع الوقت في مواد استهلاكية. فالناس يقضون وقتا طويلا علي الفيس بوك أو التويتر. بهدف التسلية ومتابعة الأخبار الشخصية. وفي هذا خسارة لمصر وبخاصة طاقة الشباب التي تهدر بلا مناسبة. تجدد د.عبير عبدالحافظ أن هذه المواقع فككت المركزية الثقافية للمجلات الورقية. التي صارت مثل المافيا. فكل أسرة تحرير تهيمن علي المجلة. ولا تسمح للآخرين بالكتابة أو النشر. كما ان هذه المواقع لا تخضع للرقابة. وبالتالي فهناك حرية أكبر. وسرعة انتشار باعتبار ان النت أداة للمعرفة. في هذه المواقع منافسة واضحة. بحيث تضع المجلات الورقية في مأزق كبير. ان لم تحاول انقاذ نفسها. المواقع الثقافية تقدم لنا أصواتا شابة جديدة. بالاضافة الي أصوات نسائية شابة. سواء في كتابة الشعر أو القصة. أرض أن تكون دوما ضد كل جديد. لذلك فأنا مع المواقع الثقافية التي تسهم في ظهور أصوات جديدة. ويفرق د.محمد صبري الدالي بين المجلات أو الإصدارات المكتوبة التي تصدر بشكل دوري. وبين المواقع الثقافية التي تعبر عن وجهات نظر غير رسمية. الاصدارات التي تحمل الطابع الرسمي والاستمراري. تحمل كذلك طابع أساليب انتقاء المادة العلمية المنشورة. نتيجة السياسة التحريرية لكل مطبوعة. ثمة نوع من التحكم لصالح أعراف المجتمع وقيمه. ذلك هو الفرق بين النشر الالكتروني وبين الصحف والمجلات الورقية. وبصراحة أنا لا يمكن أن أعول علي هذه المواقع الثقافية للاصدارات الثقيلة. المفروض في المواقع الثقافية انها تنهض بمهمة الاعلام عن صدور كتاب أو ندوة. أما الابداع الحقيقي أوالنقد الحقيقي فلا يوجد الا في الاصدار الورقي. ويجب أن يخضع لمعايير مميزة للجيد والضعف. نافذة وحيدة تقول المبدعة فاطمة يوسف العلي ان المواقع الالكترونية أسهمت بلا شك اسهاما كبيرا كوسيلة تكنولوجية حديثة. في نشر الثقافة بكل أنواعها. كما أسهمت بشكل عام في إحداث مساحة تنويرية للوعي والادراك العربي. خاصة لدي قطاع الشباب الذين يستخدمون المواقع الالكترونية استخدامات عديدة. يأتي في مقدمتها التثقيف ومتابعة الأحداث اليومية. والتواصل الاجتماعي. بالاضافة الي الترفيه والتسلية. مما يؤكد أن المواقع الالكترونية تمثل لدي مستخدميها أهمية كبيرة. لكن هذه الأهمية لم تشبع عطش محبي قراءة المجلات بشكل عام. والمجلات الثقافية بشكل خاص. ونستطيع بالتالي أن تكون علي يقين بأن الفراغ الذي أحدثه غياب المجلات الثقافية لم تملؤه المواقع الالكترونية الثقافية. وسيظل ذلك الفراغ موجودا وقائما. طالما ظل محبو هذا اللون الثقافي علي قيد الحياة. ونأمل أن يأتي الوقت الذي نشعر فيه بأن المواقع الالكترونية الثقافية أصبحتت هي النافذة الوحيدة للتواصل الثقافي. ثمة مواقع ثقافية تقدم انتاجا يخلط بين الغث والثمين. فهل الشباب قادر علي فرز هذا الابداع. وتقديم الابداع الجيد. خاصة أن هذه المواقع تمتلك حرية النشر بلا قيود. ويعني أدباء كبار ونقاد كبار باختيار الابداع الجيد. وتقديمه ونشره في هذه المواقع. التجربة جديدة. وفي كل يوم تظهرمواقع تملي علينا انتظار ماذا ستقدم الي المتلقي. يشير كاتب أدب الرحلات حسين قدري الي أن القراءة الورقية انحسرت كثيرا في السنوات الأخيرة. نتيجة ارتفاع أسعار الكتب ارتفاعا مبالغا فيه. بالاضافة الي القنوات الفضائية التي زحمت شاشة التليفزيون. فكف الشباب عن القراءة. واكتفوا بالتعامل مع النت. الشاشة بما فيها النت لا تعطي ثقافة. الثقافة لا تكون الا علي ورق مطبوع. ومصر كانت رائدة الثقافة في الوطن العربي كله. بأعلامها وكتابها. ثم جاء د.عبدالقادر حاتم فأصدر أربعة عناوين كل ست ساعات. وخرج من تلك السلاسل كتاب من الشباب الواعد. وبارتفاع أسعار الكتب لم تعد القراءة واردة علي أذهان الشباب. لا علي النت ولا غيره. ولو عكسنا هذه المعادلة وأعدنا اصدار كتاب كل ساعات. وخفضنا أسعار الورق. ومن ثم أسعار الكتب. فسيعود الشباب الي قراءة الورق المطبوع. وليس الاكتفاء بقراءة النت. وفي تقدير الروائي منير عتيبة انه لا يوجد كمبدأ شيء يلغي شيئا آخر.. كانوا يقولون ان الاذاعة ستلغي المسرح. وان التلفزيون بديل للسينما. وهو ما لم يحدث لأنه لا توجد وسيلة تحل موضع الأخري. بل ان الوسيلة الجديدة قد تسهم في تطوير الوسيلة القديمة. واستمرارها. الصحافة الالكترونية لا يمكن أن تلغي الصحافة الورقية الا اذا فقدت الصحافة الورقية بريقها. وانفض عنها الجمهور القاريء. أما اذا كانت قادرة علي الاستمرار. ولديها سبل النجاح. فسوف تستمر مع وجود المواقع الالكترونية.لكن اذا عانت الصحافة الورقية من مشكلات. كانكفائها علي ذاتها. ولا نتطلع الي من حولنا من الأقطار العربية. بينما المجلات المصرية منفتحة علي الآخرين. وعرفنا المواطنون العرب بأكثر مما عرفنا من حياتهم. ومن هنا بدأ دورنا في الانحسار علي المستوي العربي. لم يعد لدينا وجود عربي وافريقي قوي. مما عرض صحافتنا الثقافية للجدب. لم نعد ننتج ثقافة. أو بمعني أصح مركزا ثقافيا اشعاعيا. فنحن اذن قد همشنا أنفسنا. علي المستوي الطباعي نحن غير قادرين علي المنافسة المحلية. فما بالنا بالمستوي العربي؟ علي مستوي المادة المنشورة في الصحف الورقية هي مقبولة. لكن أين الدعاية والاعلان والتسويق؟ هناك مجلات لا توزع ألف نسخة. فلمن تنشر الا لأصحاب المواد المنشورة. كل كاتب يشتري نسخة أو نسختين.. أما المواقع الثقافية فغالبيتها للأسف غث. لسهولة النشر. وفقدان الاختيار. كيف أصنع قارئا جيدا ولدينا مشكلة أن الموقع لا ندفع له مقابلا. بينما المطبوعة الورقية ندفع ثمنا للحصول عليها؟. المطبوعة الالكترونية توجد عندي. ولا أذهب اليها. بينما لابد من مغادرة البيت لشراء المطبوعة الورقية. يبقي أن الأدباء في الدائرة التي أتحرك فيها لا يعرفن أنفسهم ككتاب ما لم ينشروا نشرا ورقيا. أي صدر للأديب كتاب. أو كتب. أو نشر في دورية ورقية. النشر الورقي الآن هو النشر الذي نعرفه. له بريق. وان احتاج للاستمرار الي جهد كبير.