من آيات الله في هذا الكون العظيم أن الحق - سبحانه - يقول لعباده إنه هو الذي خلقهم فلا فضل لأي عبد من العباد والخالق هو الذي يتكفل بمخلوقه. فعلي كل إنسان أن يرفع رأسه مؤمنا برب السماء والأرض خالق كل شيء. وهو الذي أنشأ كل الخلائق من العدم. ولكي يعرف الإنسان حقيقة نفسه فعليه أن يتدبر مكونات أي فرد من البشر فتتجلي له قدرة الله في أبهي وأجل صورها. وانطلاقا من تلك الحقائق والمسلمات علي الإنسان أن يهيئ نفسه وأن يكون علي استعداد دائم لمراقبة ربه وتعظيمه لكي تتطهر نفسه وتتغلغل خشية الله في قلب المؤمن فيمضي في الحياة في إطار منهج الخالق العظيم خائفا من سوء العاقبة ويتردد في صدره ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. وقنا عذاب النار. يقول الشيخ محمد الغزالي - الداعية الإسلامية الكبير - رحمه الله: إن هذه الآية العظيمة من أجل نعم الله علي الإنسان إذ لا فضل لأحد علي أي عبد في إيجاده وأن الكبرياء لله والعظمة له وحده وعلي البشر جميعا أن يدركوا هذه المسلمات ولا يخشون أحدا إلا الله فهو يملك المصائر وحده بيده مقاليد كل الأمور ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وعلي العبد ألا يتحكم في مصير أي إنسان ولا يعرضه لأي أذي أو سوء. لأن بطش العزيز المجيد شديد. فهو الذي خلق الناس جميعا وأن مصائرهم بيده وحده. فمن يعتدي علي الخلق فرب الناس قادر علي أن يزلزل الأرض من تحت أقدام أي طاغية وكم رأينا من عروش زالت وأقوام نالهم الغرور فكان بطش الله بهم شديد وما يجري علي أرض الواقع في كل زمان ومكان أبلغ دليل. امتدادا لتلك الحقائق يذكر الله كل إنسان بأن الحق - تبارك وتعالي - هو الذي خلق السماوات والأرض وأجري السحاب وأنزل الماء فأحيا الأرض فجادت بكل الثمرات فعلي العبد - أي عبد - ألا يخضع إلا لله وعظمته ولا يخشي الخلائق فمن أوجده من العدم وبسط له رزقه ولم يجعل لأي إنسان سلطانا في ذلك فعلي هذا المخلوق ألا يشرك بالله شيئا ولا يعبأ بالمخلوقات من حوله طالما أن علاقته ببارئ السماء والأرض راسخة رسوخ هذين الكوكبين العظيمين. فالعبد عزيز علي ربه وهكذا كل الناس وليس لأحد سيطرة عليهم إلا لله - عز وجل - وقد قال ذلك صراحة لرسوله الكريم "لست عليهم بمسيطر" إن في ذلك لعبرة لمن يخشي.