ليست أوضاعنا الاقتصادية والأمنية والسياسية هي فقط التي تحتاج إلي إصلاح.. وإنما أوضاعنا الاجتماعية ربما تحتاج إلي إصلاح أسبق وأكثر إلحاحا.. ذلك أن مشاكلنا وأزماتنا وعلاقاتنا الداخلية تحولت إلي صراعات بين الأسر.. بل بين الأسرة الواحدة.. بل بين الزوج والزوجة.. ولأسباب مادية في كثير من الأحيان. وما أسهل أن نلقي بمسئولية هذه الصراعات الأسرية علي غياب الضمير أو عجز القوانين عن مسايرة مشكلات العصر.. أو تغير القيم والعادات التي كانت تحكم العلاقات الأسرية وتضمن لها قدرا كبيرا من الاستقرار.. وما أسهل أن تلقي بالمسئولية علي التقلبات الاقتصادية العنيفة التي يعيشها المجتمع.. وبالذات أزمة البطالة.. لكن الحقيقة.. أو ما هو أقرب إلي الحقيقة في تصوري أن المسألة لها علاقة بالانحدار الثقافي والفراغ الفكري اللذين يهيمنان علي حياتنا.. فلا يجعلان لهذه الحياة قيمة. في هذا الإطار وصلتني رسالة من المواطن السكندري السيد شلبي يؤكد فيها - بناء علي خبراته أو تجاربه - أن سبب خراب الحياة الزوجية وحالات الطلاق التي كثرت هذه الأيام هي "قائمة المنقولات" التي تستخدمها الزوجة - أو أهلها - سيفا علي رقبة الرجل. تقول الرسالة: قائمة المنقولات الزوجية شيء مهم وأساسي لكل شاب وفتاة.. وبصفة خاصة لأهل العروس الذين يجدون فيها أمان ابنتهم المقبلة علي زيجة في علم الغيب.. وعند زواجي رحبت عن طيب خاطر بكتابة قائمة منقولات والتوقيع عليها كما فعلت في زواج شقيقاتي.. وبعد تجربة مريرة من الزواج ومشاكل لا حصر لها تم الاتفاق مع زوجتي وأهلها علي الانفصال وتسليمهم قائمة المنقولات محملة علي سيارة نقل كبيرة.. لكن زوجتي افتعلت معي مشاجرة علنية واستعانت ببلطجية استولوا علي "العفش" عنوة وتمكنت من شقة الزوجية بصفتها حاضنة في نفس اليوم دون قرار تمكين من النيابة.. وبعد ثلاث سنوات ومع خسارتها لإحدي القضايا "ونادرا ما تخسر المرأة دعوي أمام محكمة الأسرة" فوجئت باتصال تليفوني منها تبلغني فيه نيتها رفع دعوي تبديد منقولات ضدي رغم استيلائها علي هذه المنقولات في مظاهرة شعبية اهتز لها حي السيوف السكندري بالكامل منذ 3 سنوات.. ولولا ردي الجاف والصارم عليها ومعرفتي بقوانين الأسرة لنفذت تهديدها. وبعد هذه التجربة المؤلمة عوضني الله خيرا بإنسانة ذات خلق ودين.. اصطدمت مع والدها في البداية عند مناقشة موضوع القائمة.. واقترحت عليه ضمانا لحق ابنته أن "يثمن" الأثاث وكل ما قامت بشرائه من مالها ومال أبيها وزدت عليه خمسة آلاف جنيه وكتبت هذا الرقم المالي في صورة مؤخر صداق ففرح الرجل ونفذنا الاقتراح ونعيش حياة هادئة سعيدة تقترب من 4 سنوات. إن وجهة نظري - هكذا يقول - إن قائمة المنقولات تحولت إلي مستند قانوني يقدمه الزوج بإرادته لزوجته كي تسجنه به.. والنفس أمارة بالسوء.. والذي لا يعرفه كثيرون أن كلمة تبديد المنقولات تعني قانونا خيانة الأمانة.. والحد الأدني لعقوبتها الحبس 6 شهور.. ويتساوي ضياع شوكة أو سكين مع استهلاك حجرة نوم بالكامل.. وأحيانا ترفض الزوجة استلام المنقولات بحجة ضياع جزء منها.. ولا يجبرها القانون علي الاستلام.. وترفع الزوجة دعوي التبديد إما بتحرير محضر بقسم الشرطة أو بإقامة جنحة مباشرة. ويقترح الأخ السيد الشاذلي علي كل شاب مقبل علي الزواج أن يقتدي بتجربته الثانية.. ويكتب قيمة الأثاث في صورة مؤخر صداق ليصبح ما عليه مجرد حق مدني وليس جنحة.. لكي يعيش الأزواج في أمان مع زوجاتهم بمحض إرادتهم بدلا من العيش تحت التهديد بمقصلة قائمة المنقولات. وأنا - من جانبي - أتفهم دواعي المحنة التي عاشها الأخ السيد الشاذلي وكثيرون غيره.. لكن في ذات الوقت هناك كثيرون عاشوا محنة عكسية.. حيث عانت الزوجة من تعسف الزوج وإجرامه.. وكانت قائمة المنقولات هي وسيلة الانقاذ الوحيدة أمام جبروته وظلمه.. بما وفر لها القانون من قوة ونفاذ. وعندما يعرف كل من الزوجين واجباته قبل حقوقه سوف تحل عليهما السعادة.. فالزواج مودة ورحمة وليس مباراة ملاكمة.. هذا ما يجب أن نعلمه لأبنائنا وبناتنا.