في محافظة الشرقية المتوهجة دائماً إبداعياً كان التنافس علي تنظيم الأحداث الثقافية وخاصة المؤتمرات محصورا بين ديرب نجم صاحبة أول فكرة لإقامة مؤتمر اليوم الواحد وأكبر تجمع للمبدعين والنقاد من ناحية ومن ناحية أخري مدينة الزقازيق بصفتها عاصمة المحافظة وتحظي بوجود عدد مهم من المبدعين كذلك. وبعد ان تجاوز مؤتمر ديرب نجم سن الرشد ودخل عقده الثاني ووراء مهرجان الربيع الذي كان في الأساس مهرجانا شعرياً فحولته الزقازيق إلي مؤتمر مؤخرا دخلت مدينة فاقوس حلبة المنافسة وأقامت مؤخراً أول مؤتمر لها لمدة يوم واحد يحمل عنوان" دور الإبداع في صنع الثورات" ليواكب نجاح ثورة 25 يناير. هناك مفارقة غريبة في هذا الصدد فديرب نجم مركز النشاط الثقافي بالشرقية تخلو من قصر للثقافة ومنذ عدة سنوات ينتظر أبناؤهم ترميم قصرهم وتسليمه إليهم ولم ينتظروا وجود مقر لهم بل سعوا بجهودهم حتي حققوا السبق بإقامة مؤتمر اليوم الواحد وانتظامه علي مستوي الجمهورية بينما فاقوس الجديدة في هذا المجال تملك قصراً للثقافة فارهاً وشبه مجهز بالامكانات لكن لا شك في ان معوقات أخر تقف أمامهم طوال السنوات الماضية منها تمويل مثل هذه المؤتمرات التي لا تكفيها الميزانية المخصصة لها غالبا وقد تخطوا هذه العقبة بالحصول علي بعض التبرعات من بعض أبناء المدينة فهناك مصادر انفاق لابد منها مثل كتاب الابحاث وانتقالات الباحثين وبعضهم انتقل من جيبه!! وبعض الملصقات الدعائية ومكافآت الباحثين وأصحاب الشهادات وميزانية المؤتمر المرصودة من فرع ثقافة الشرقية برئاسة محمد مرعي لا يمكن ان تكفي كل هذه الوجوه. وإذا كانت المشكلة المالية تحل من خلال التبرعات فإن مشكلة أخري صعبة الحل هي العنصر البشري فالجمهور في فاقوس طبقا لما شاهدنا في المؤتمر ليس معنيا بالثقافة بدرجة كبيرة ولم يكن مقبلا علي هذا المؤتمر وأصبح جمهوره هو الأدباء أنفسهم من محافظات الشرقية والدقهلية ودمياط والقاهرة وحتي القاعدة الأدبية هناك ليست متسعة ولا يبرز من المبدعين سوي محمد عبدالله الهادي ومحمود أحمد علي أمين عام المؤتمر وحولها بعض المبدعين والشباب الموهوبين. رغم كل هذه الظروف الصعبة أصر محمود أحمد علي كرئيس لنادي الأدب وأمين للمؤتمر ومعه أمانة من الأدباء إبراهيم مصطفي والسيد زكريا وسامح شعير ومصباح خيري ومحمد عبدالحفيظ وعبدالرحمن الشاعر علي إقامة مؤتمرهم هذا الذي نراه قد حقق نجاحاً قياساً إلي الصعوبات التي لقيها وبرغم غياب بعض الباحثين وأصحاب الشهادات فرن آخرين مهمين قد حضروا وشاركوا وناقشوا وأثروا جلسات المؤتمر الذي انعقد برئاسة د. مدحت الجيار. ألقي عبدالسلام فاروق شهادة جرئية حول الوضع المتدني للصحافة الأدبية ومحاربتها من رؤساء تحرير ما قبل الثورة كسياسة كانت متبعة ضد كل أشكال الاستنارة والوعي وأشار عبدالسلام إلي دور "المساء" تحديداً وكفاحها طوال السنوات الماضية لتصويب خطوات العمل الثقافي وتبني المواهب. قدمت دراسات في مجالات القصة القصيرة وشعر الفصحي والعامية كباحثين: د.شريف الجيار "الفجر يفتح بابه والشاعر يجيب" حول دواوين لثلاثة شعراء هم: حلمي علي سالم وسامح شعير والسيد زكريا توفيق ودراسة د. نادر عبدالخالق حول ثلاثة دواوين للشعراء : يحيي عبدالستار وأحمد سيد أحمد ومصباح خيري: وفي العامية دراسة أحمد رشاد حسانين عن الشعراء: أحمد الخولي وشعبان عبدالعزيز ومحمد عبدالحفيظ ودراسة ثانية لمحمود الديداموني عن الشعراء: إبراهيم مصطفي ود. محمد أمين جمال وعبدالسلام هاشم أما القصة القصيرة فقد كانت سيئة الحظ لغياب د. جمال عبدالناصر الذي كان عليه ان يعد دراسة حولها تتناول إبداعات الكتاب: محمود أحمد علي وخيرية خيري ومحمد الحديدي. وتحققت لفتة وفاء في المؤتمر للأحياء والأموات فالأحياء من النقاد والمبدعين والإعلاميين تم تكريمهم بناء علي دورهم الريادي في خدمة الثقافة أو تشجيعا لهم بالنسبة لأبناء فاقوس لكي يستمروا وهؤلاء المكرمون هم مع صفحة "الناس والثقافة" كل من صلاح والي ود. صلاح غراب ومحمود الديداموني وعبدالسلام فاروق ويحيي عبدالستار وعمر المختار حميدة وإبراهيم حامد وإبراهيم مصطفي والسيد زكريا وسامح شعير ومحمد عبدالحفيظ أما الراحلون فقد أعدت نبذات عن حياتهم وإبداعهم نشرت بكتاب الأبحاث وهم: عبدالسلام سلام والشيخ كامل العوضي والشوادفي الباز وعاطف عواد وعصام بدوي ومحمد طنطاوي رحمهم الله جميعاً.