هبطت بنا الطائرة في مطار الملكة عالية الدولي.. استقبلتنا نسمات خريفية.. وشاب يرتدي بدلة سوداء، يحمل بين يديه لافتة مكتوب عليها «أسماؤنا».. رفيقتي «إيمان القصاص».. وأنا.. مرت اللحظات سريعة.. مرحبا بكن «سيداتي».. رن هاتفه المحمول.. أمسك بحقائبنا.. جرها خلفه، ونحن وراءه.. سمعته يقول : هلاّ وصلوا.. توقف أمام سيارة مرسيدس سوداء.. قذف في مؤخرتها حقائبنا.. فتح باب السيارة.. جلسنا خلفه.. وانطلق. الطريق من المطار إلي مكان إقامتنا علي شاطئ البحر الميت، والذي سنقضي به ليلتين يستغرق خمسة وأربعين دقيقة.. لم نشعر بمرورها.. فقد جعلنا السائق «بلال».. وهذا اسمه أن نركز كل انتباهنا علي معالم الطريق، وما يحمله كل مخرج منه، وبدايته ونهايته من مكان.. وكل مكان له حكاية.. وكل حكاية لها تاريخ بدأ قبل التاريخ، فآثار الحضارات المتعاقبة علي أرض الأردن مازالت مائلة.. البترا التي تشير إلي عمق الحضارة الفينيقية.. ومدينة «جرش»، وهي إشارة مهمة إلي الحضارة الرومانية، ناهيك عن الحضارة اليونانية المتمثلة في قرية «أم قديس».. وتحدث عن المدينة عمان التي لن نستطيع زيارتها الآن لضيق الوقت، وضرورة تسليمنا في مكان إقامتنا، وكيف أن عمان مقامة علي سبعة جبال.. والبحر الميت أكثر منطقة في العالم منخفضة تحت سطح البحر. وهنا.. سكت «بلال» وتوقفت السيارة.. والتقط هاتفه المحمول وقال : نعم وصلنا سيدي. وفي مكان إقامتنا : استقبلتنا بوجه بشوش امرأة جميلة مرحبة.. تصورت أنها واحدة من منظمي المهرجان لما لديها من معلومات، وما قدمته من مساعدات.. ودار بيننا حديث استغرق الطويل من الوقت.. وبعدها اكتشفت أنها ليس لها علاقة بالمهرجان، وأنها فقط مسئولة العلاقات العامة بمكان إقامتنا واسمها عبير. في نفس يوم الوصول كان موعد حفل أو لقاء التعارف بين ضيوف المهرجان من فنانين من مختلف الدول العربية ومثقفين وإعلاميين أردنيين وعرب والقائمين علي تنظيم المهرجان. ورغم الزحام واختلاف اللهجات والمفردات.. إلا أن التواصل كان السمة الأكثر تميزا للقاء.. فعلي مدار خمس ساعات بين وقوف وجلوس.. تعارفنا، تقاربنا وتبادلنا أرقام التليفونات والإيميلات علي أمل ووعد بلقاء جديد في أي مكان علي وجه الأرض. مهرجان «جوردن أوردز» هو أول جائزة ثقافية فنية من نوعها في الأردن، في أول مبادرة قامت بها مجموعة قنوات البث الأردنية بهدف خلق حراك فني ثقافي عربي.. تتطلع هذه الجائزة الثقافية الفنية الأردنية العربية إلي تكريم الفنان والمبدع الأردني والعربي. وفي كلمته قال الدكتور فطين البداد - رئيس مجلس إدارة قنوات البث الأردنية - : «ولأن المبدع الحقيقي يستحق الدعم والتكريم.. كانت جائزة JORDAN AWARDS التي تحتفي بالمبدعين وتكرمهم علي إبداعاتهم ونجاحاتهم.. وهي تحية من الأردن إلي كل فنان جعل من فنه رسالة هدفها خدمة الثقافة الإنسانية. الجائزة «تايكي» الجائزة الأردنية تمثلها الإلهة «تايكي».. وكانت أكبر الآلهة في المرحلة الهيلننستية الرومانية، حيث طغت علي كل الآلهة وانتشرت انتشارا واسعا في الشرق، وتحديدا في الأردن، وكانت تمثل الحظ والقوة والنصر والحماية والشجاعة والازدهار.. فالإلهة «تايكي» إلهة الحظ التي أحبها الإله زيوس حبا شديدا، وكانت تحمل معها دائما دولاب الأقدار والأبراج التي أصبحت مسئولة عنه باعتبار أن الحظ يرتبط ببرج الشخص الذي يولد فيه، فصارت «تايكي» تمثل مفهوم الحظ، وكانت تظهر في الوقت المناسب لتحقيق السعادة المنشودة. كلنا نجوم ومع «تايكي» كانت الليلة الثانية بعد الأولي.. والتي جرت مراسم توزيعها في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات الذي افترش مدخله السجادة الحمراء. وأمام مقر إقامتنا وإقامة الضيوف ارتصت السيارات المرسيدس والرولزرويس الفارهة، والتي لا يقل طولها عن ستة إلي عشرة أمتار، بلونها الأسود والأبيض، والتي نقلت جميع الضيوف، ونحن معهم إلي قاعة المؤتمرات.. التفتنا خلفنا لنشاهد من زجاج السيارة هذا الموكب أو السرب من هذه السيارات الفارهة تصل الواحدة تلو الأخري بنظام، ينزل منها كل الضيوف سواء كان الضيف فناناً أو مثقفاً أو شخصية عامة أو إعلاميا أو كاتبا، وأيا كان هو.. فهو نجم مادام شارك في هذا الحدث الفني الثقافي العربي. بدأ الاحتفال بحفل استقبال علي التراث الخارجي للقاعة.. استمر ثلاثين دقيقة، بعدها تمت دعوتنا لدخول القاعة لبدء الافتتاح بكلمة مديرة المهرجان الإعلامية رنا سلطان التي رحبت بكل ضيوف الأردن في بيتهم وبلدهم تجمعهم الثقافة والفن علي شاطئ البحر الميت هذا المكان الساحر الذي لا يضاهيه سحر إلا حضور هذه الوجوه الجميلة والنجوم اللامعة في سماء وطننا العربي.. ووجهت الشكر العميق الممزوج بالحب والتقدير للأميرين المحبوبين صاحبي السمو الملكي الأمير علي بن الحسين والأميرة ريم علي لرعايتهما الكريمة لهذا الحفل. وعلي شاشتين كبيرتين علي جانبي القاعة تم الإعلان عن «تايكي» ومصممها النحات السوري العالمي مصطفي علي.. وصاحب هذا العرض للجائزة موسيقي خاصة قام بوضعها المؤلف الموسيقي والمصمم الصوتي طلال أبو الراعب. افتتحت الحفل فرقة إناتا الاستعراضية.. وهي فرقة سورية أسسها عام 1999 «جهاد مفلح» أحد أهم الأسماء السورية في مجال المسرح الاستعراضي الراقص.. تضم الفرقة مائة راقص وراقصة من جنسيات سورية وعربية وأيضا أجنبية. وربما كان أجمل ما في هذا المهرجان هي تلك الحميمية التي جمعت بين كل المشاركين الذين جاءوا من قلب وطن واحد، ينطقون لغة واحدة.. ويتمتعون بمستوي فني واحد.. وربما أيضا هذا ما جعل لجان التحكيم تعترف بحيرتها بين الأعمال التي تم ترشيحها، وأيضا الفنانين الذين أبدع كل منهم فيما قدمه.. ولمن فيهم تقدم الجائزة.. ولكن وفي النهاية كان عليها أن تختار وحددت الفائزين.. ووسط التصفيق والفرحة تم تسليم الجائزة.. ولم ينس المبدعون العرب دور مصر وفضلها.. فدوت القاعة بالتصفيق عندما ذكر ذلك النجم والفنان الأردني إياد نصار. الفائزون والمكرمون في المهرجان انطلق يوم الجمعة الماضي أول مهرجانات الأردن للفنون «الجوردن أورد» بقاعة الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في البحر الميت وتم به توزيع جوائز علي فناني الوطن العربي الذين تميزوا في عام2010 بناء علي استفتاء قامت بها مجموعة البث الأردني للإعلام وهي صاحبة الفكرة الرئيسية لإقامة هذا المؤتمر من خلال الجمهور ومجموعة كبيرة من النقاد والصحفيين والفنانين من جميع أنحاء الوطن العربي لكي يقيموا جميع الأحداث الفنية التي حدثت لمدة عام كامل مضي وكانت لجان التحكيم مكونة من المطرب محمد منير وأنوشكا ورغدة والصحفي ربيع هنيدي للدعوة نادية الجندي ورئيس قسم الفن بجريدة عكاظ علي فقندش. وقد أسفر هذا الاستفتاء عن حصول المطربة إليسا عن ألبوم «تصدق بمين» كأفضل مطربة عربية وكاظم الساهر كأفضل مطرب عن ألبوم «الرسم بالكلمات» ومسلسل «أهل كايرو» أفضل مسلسل إجتماعي وأفضل مسلسل تاريخي «سقوط الخلافة» و«عايزة أتجوز» أفضل مسلسل كوميدي. وقد حصل نجدت أنزور علي جائزة أفضل مخرج عربي عن مسلسل «ما ملكت أيمانكم» وسلافة معمار أفضل ممثلة عربية عن أدائها في نفس العمل، وقد حصل النجمان يحيي الفخراني وبسام كوسا علي جائزة أفضل ممثلين عربيان عن مسلسلي «شيخ العرب همام» للأول ومسلسل «وراء الشمس» للثاني. وكرم المهرجان مجموعة كبيرة من الفنانين منهم دريد لحام وزهير النوباني وعزت العلايلي ونادرة عمران وأنطوان كرباج. وقد حضر هذا الاحتفال محمود قابيل ورانيا يوسف ومحمد مختار وإسماعيل كتكت والمخرج مجدي أبو عميرة وفيصل ندا وسميحة أيوب ورغدة وداود حسين وميس ونادية الجندي وسامي العدل ومحمد العدل وتامر هجرس وصلاح الشرنوبي وتامر حبيب ورامي إمام ورانيا الكردي وإياد نصار وأرسلت إدارة المهرجان دعوات لنجوم ولكن لم يستجيبوا للدعوة مثل حسين فهمي وزوجته لقاء سويدان والكاتب أيمن بهجت قمر وجمانة مراد. وقدم الحفل الممثل نضال نجم وبدأ بالفرقة الاستعراضية إنانا وبعدها تم تقديم الجوائز التي كانت علي هيئة الإلهة «تايكي» «إلهة الحظ» التي أحبها الإله زيوس والتي كانت تحمل معها دائما دولاب الأقدار أو الأبراج الذي أصبحت مسئولة عنه باعتبار أن الحظ يرتبط ببرج الشخص الذي يولد فيه، فصارت «تايكي» تمثل مفهوم الحظ. وبعد ذلك رحبت مديرة المهرجان الإعلامية رنا سلطان بالحاضرين وكان يظهر عليها التوتر الشديد لأنه أول مهرجان ثقافي فني يقام علي أرض الأردن التي سمته «أردن الخير».