أعتقد أن المملكة المغربية اتخذت القرار الصحيح بطلبها تأجيل القمة العربية التي كان مقررا عقدها بها في مارس القادم نظرا لعدم توافر الظروف الموضوعية لنجاحها. قالت المملكة إن اجتماع القمة في هذا التوقيت سيجعل منها مناسبة لالقاء الخطب.. وقد جاء قرار المغرب بناء علي المشاورات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول العربية الشقيقة. لم تكتف المغرب بقرار تأجيل القمة. بل أعلنت في وقت لاحق اعتذارها عن استضافتها تماما!! القمم العربية السابقة قبل ثورات الربيع العربي لم تكن لها أية نتائج تدعم التعاون فيما بينها.. لا في النواحي السياسية ولا في العسكرية ولا في الاقتصادية أو الثقافية أو غيرها. كانت هذه القمم كما جاء في الأسباب التي أعلنتها المغرب مجرد مناسبة لإلقاء الخطب والبيانات.. وكانت كل دولة تأتي إلي هذه الاجتماعات وليس لديها أية خطة أو حتي مجرد اقتراحات لاتخاذ أية خطوة ايجابية يتفق عليها العرب في حل مشكلة ما!! بل إن هذه القمم كانت مجالا لهجوم بعض الدول العربية علي دول أخري فيها.. وكانت مجالا للتجريح وزيادة الخلافات اكثر منها للتقريب والصلح.. ولن ننسي الصدام الذي وقع بين المملكة العربية السعودية وليبيا اثناء وجود الرئيس الليبي السابق معمر القذافي عندما هاجم السعودية دون سبب ورد عليه خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله ردًا أفحمه. ولن ننسي أيضا أنه كانت هناك خلافات حادة بين الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وكان هناك شبه قطيعة بين البلدين لم تستطع القمة العربية رأبها.. ورغم ذلك كانت تصدر بيانات معدة مسبقا عن ايجابيات لم يتحقق شيء منها. الآن.. وفي وسط الظروف المأساوية التي تمر بها الأمة العربية والصراع المحتدم والتدخلات الخارجية من كل دول العالم والتي أصبحت لها الهيمنة علي مجريات الامور ولم يعد للعرب رأي فيها.. هل من الممكن إذا انعقدت القمة ان يكون للعرب دور في التأثير علي الاحداث التي تجري فوق أراضيها؟! فوق الأراضي العربية الآن وفي أجوائها توجد قوات للولايات المتحدةالأمريكية وحلفائها من الدول الغربية وبعض الدول العربية.. وتوجد قوات لروسيا.. وتوجد تنظيمات ارهابية متعددة وفي مقدمتها "داعش" فهل يملك العرب خيارا لأمرهم في هذه المعمعة؟! ليس ذلك فقط.. وانما هناك تأهب تركي للتدخل في سوريا.. يقابله تأهب ايراني للرد علي تركيا.. هناك تنظيمات ارهابية متعددة ومتنوعة.. وهناك اكراد.. وسنة وشيعة وحوثيون وهناك ارهاب لم يقتصر علي العراقوسوريا وليبيا وعمليات فردية تتم في شمال سيناء!! ولم تنج دول المغرب العربي مثل تونس والجزائر وأحيانا المغرب والصومال وغيرها من محاولات ارهابية لزعزعة أمنها!! إذن.. ما سيفعل العرب اذا انعقدت قمتهم وسط هذه الأحداث المأساوية؟! وماذا سيقدمون لدولهم؟! وكيف يتفقون وهم دائما مختلفون؟! وما هي المعجزة التي سيتم بموجبها القضاء علي الارهاب واقناع الدول الأخري بعدم التدخل في شئونها؟! المغرب منطقها صحيح.. والقمة العربية لن تقدم ولن تؤخر!!