لا أنكر نظرية المؤامرة. فليس من العقل ولا من المنطق تصور هذا العالم المضطرب بدون مؤامرة ومتآمرين.. لسنا في المدينة الفاضلة ولا نعيش في عالم الملائكة.. لكنني لا أركن إلي نظرية المؤامرة في تفسير كل الظواهر التي تمر بنا كما يفعل البعض لكي نريح أعصابنا ونخلي مسئوليتنا.. مادام لدينا المبرر جاهزا لكل المشاكل والأزمات بأن الآخرين يتآمرون علينا ونحن مستضعفون لا حول لنا ولا قوة. المؤامرة موجودة ومستمرة في عالمنا منذ بدء الخليقة.. والعيب ليس فيمن يتآمر.. العيب فيمن يعيش في غفلة ويستسلم للضعف والهوان والمؤامرة.. ولا يعرف كيف يواجهها بقوة ويدافع عن مصالحه ويحافظ علي أمنه القومي. وفي يناير الماضي صدر كتاب "المؤامرة الكبري.. من وثائق المخابرات الأمريكية والموساد وداعش" للكاتب الصحفي الأستاذ عاطف الغمري عن سلسلة "كتاب الجمهورية" التي يرأس تحريرها الزميل المثقف الأستاذ سيد حسين.. وقد حشد الأستاذ عاطف الغمري في هذا الكتاب أكثر من 50 مرجعاً أمريكياً وأوروبياً لأبرز الكتاب والمفكرين في المراكز البحثية المهمة بمصادرها الأصلية باللغة الانجليزية.. مستفيداً من وجوده في أوروبا وأمريكا لفترة طويلة.. حيث عمل مديرا لمكتب جريدة "الأهرام" في لندن ثم في الولاياتالمتحدة.. فجاء كتابه ثرياً فاضحاً مؤامرات الغرب ضد العرب والمسلمين. ويشتمل الكتاب علي كم هائل من الإثباتات المرصودة بدقة التي تؤكد وجود مؤامرة أمريكية اسرائيلية علي عالمنا العربي وعلي مصر تحديداً من أجل تنفيذ مخطط قديم جديد لإضعاف الدول العربية وتفتيتها وإشعال الحروب في كل بقعة فيها لاستنزاف ثرواتها وتشغيل مصانع الأسلحة الأمريكية.. ولضمان سيطرة اسرائيل وبقائها القوة الوحيدة المستقرة في المنطقة. وللأسف الشديد رغم اننا جميعاً نعرف المؤامرة إلا انها تنفذ أمام أعيننا بنجاح كامل تحت مسميات عدة تبدأ بإشاعة الفوضي الخلاقة ومكافحة الإرهاب وحروب الجيل الرابع والحرب بالوكالة التي لا تتورط فيها القوي الكبري وإنما تكتفي بإيجاد شركاء محليين ينفذون استراتيجيتها.. وتكتفي هي بتقديم الدعم المباشر أو غير المباشر. وقد كتب الزميل الأستاذ سيد حسين مقدمة إضافية ممتعة لهذا الكتاب لتأصيل فكرة المؤامرة وتأكيدها عبر الكثير من المفكرين القدماء والمحدثين حتي يستيقظ النيام لمواجهة المؤامرة ومقاومتها وعدم الاستسلام لها أو الانسياق إلي التعاون الاستراتيجي مع من نعرف انهم يتآمرون علينا قديماً وحديثاً. وينقل سيد حسين عن د. أنور عبدالملك المفكر المسيحي الوطني المنصف ان الغرب عدو للإسلام ويتآمرون علي المسلمين وعندما يريد ضرب المسلمين يبدأ بضرب مصر أولاً لأنها القائد الروحي للمسلمين ولذلك يتآمر الغرب ويعمل علي تنفيذ مؤامراته علي مصر.. وعندما تكون مصر قوية يكون العرب والمسلمون أقوياء. وتبرز المؤامرات الأمريكية الصهيونية في كتابات المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس الذي يضع الأسس الفكرية والاستراتيجية لتقسيم العرب والمسلمين خصوصاً في كتابه "أوهام الشرق الأوسط".. كما تظهر في كتاب "زبجينو بريجنسكي" مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر للأمن القومي "رقعة الشطرنج".. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1989 يسفر الرئيس الأمريكي نيكسون عن وجهه القبيح في كتابه "الفرصة السانحة" لينادي بأن الإسلام هو العدو الأخضر الذي يجب محاربته بعد انهيار الاتحاد السوفيتي العدو الأحمر.. ولن ننسي تقرير مؤسسة راند الأمريكية الذي قدمته للرئيس الأمريكي السابق بوش الابن والذي تقول فيه "ضرب العراق هدف تكتيكي وغزو السعودية هدف استراتيجي. أما ضرب مصر فهو الجائزة الكبري". وأكمل غداً إن شاء الله..