سواء أكدت وزارة النقل أو نفت أنها سوف تستعين بشركة أجنبية لإدارة هذا المرفق الحيوي.. وسواء كان الهدف مجرد الاستعانة بالخبرة الأجنبية فقط في إصلاح منظومة العمل في السكة الحديد كما أخذ المتحدث الإعلامي للوزارة يردد بعصبية لوسائل الإعلام المقروءة والمرئية.. أقول سواء كان هذا أو ذاك فإن الأمر خطير ويحتاج قدراً أكبر من الوضوح وليس مجرد النفي بعد التأكيد أو تغيير المسار من شركة للإدارة إلي بيت خبرة. أولاً الوزارة من خلال متحدثها الإعلامي أعلنتها صراحة أنها فشلت في إدارة هذا المرفق وبالتالي يصبح علي الفاشلين أن يرحلوا فماذا بعد الاعتراف؟! ثانياً إذا كان ما قيل أولاً عن الاستعانة بشركة أجنبية هو الصحيح فهذا معناه خصخصة السكة الحديد ولا شيء آخر مهما حاولوا تجميل المسميات.. فالخصخصة لها أوجه متعددة وليس البيع المباشر فقط ومنها خصخصة الإدارة فقط علي أن تبقي ملكية الأصول للدولة.. وهذا النوع من الخصخصة لا يقل خطورة عن البيع المباشر الذي عانينا منه منذ ثمانينيات القرن الماضي وقادنا إلي الخراب والفساد.. خصخصة الإدارة تكون لها تداعياتها السلبية المؤكدة علي العمالة وأسعار الخدمة المقدمة وفيها يغيب تماماً البعد الاجتماعي الذي تكون الدولة ملزمة به عندما تكون الإدارة في يدها. أما إذا كان الأمر هو مجرد بيت خبرة أجنبي يضع خطة إنقاذ هذا المرفق ويتابع تنفيذها فإن السؤال المطروح هو: هل عدمت مصر خبراتها الداخلية في هذا المجال خاصة إذا أعدنا ترديد المعلوم بالضرورة من أن عمر سكك حديد مصر يتعدي 165 عاماً وأن مصر كانت ثاني دول العالم التي تدخلها قطارات السكة الحديد بعد انجلترا والأولي طبعاً في افريقيا والشرق الأوسط.. أين الخبرات المتراكمة والمتناقلة عبر هذه السنوات الطويلة وأين أساتذة السكة الحديد في كليات الهندسة ومعهم خبراء الإدارة والاقتصاد ولماذا لا يتم تشكيل لجنة جادة من عدد من هؤلاء تعمل كبيت خبرة وفق إطار زمني محدد؟.. أم أنها عقدة الخواجه وأن زامر الحي لا يطرب وأن في الخبرة الأجنبية سبع فوائد ما بين السفر للتعاقد مع الخبراء الأجانب وبدلات السفر وغيرها؟! إنني أطالب البرلمان بالتدخل قبل أن نصحوا لنجد خطوط قطارتنا قد بيعت أو حتي يديرها أجانب.. كما أن من واجب البرلمان وفقاً للدستور أن يحاسب وزير النقل الذي اعترف متحدثه الإعلامي بفشله في إدارة الوزارة وعلي رأسها هذا المرفق الخطير الذي ينقل الملايين يومياً ويعمل به عشرات الآلاف.. فمن حق هذه الملايين أن تكون لهم قطارات آدمية وآمنة وبأسعار تناسب دخولهم المحدودة ومن حقهم علي الدولة ايضا أن تحسن اختيار من يحقق ذلك وأن تستبعد الفاشل بعد أن توجه له التحية علي صراحته في الاعتراف بالفشل.