مرفق السكة الحديد في مصر مترهل منذ عشرات السنين.. وحوادث القطارات لا تنقطع علي مدي هذا التاريخ.. وكم تسببت هذه الحوادث في إقالة أكثر من وزير للنقل وتغيير قيادات هذا المرفق المنكوب. لعل أول شيء نعتبره هو الجاني الأصلي في هيئة السكة الحديد هو سائق القطار.. فكل المصائب تعود إليه!! هل هذا نقص خبرة أم أن هؤلاء السائقين مدمنون يقودون قطاراتهم وهم علي هذه الحالة من عدم الوعي. ابحث عن السائق تجد أن المشكلة الرئيسية تنحصر فيه كأنه يقود القطار وهو نائم أو مغمي عليه.. لا يفرق بين الاصطدام بقطار واقف أو بين الاصطدام بالمصدات الخرسانية أو الحديدية!! كنا نسمع أن ركوب القطارات هي الوسيلة الآمنة لبلوغ الراكب إلي غايته.. لماذا؟ لأن هذا السائق كان لا يبلغ إلي تلك المكانة ليكون قائدا للقطار إلا بعد أن يأخذ عدة سنوات يكون فيها مساعدا للسائق الأصلي ويكون مؤهلا علميا لبلوغ هذه المكانة.. بل انه كان يعاد تدريبه بين فترة وأخري علي قيادة القاطرات التي تصل حديثا وتكون فيها تكنولوجيا متقدمة. أما السبب الثاني لكثرة حوادث القطارات فيكون نتيجة لعدم الصيانة.. من هو المسئول عن صيانة القاطرات والعربات؟! أليست هذه المعدات في حاجة إلي كشف دوري من متخصصين يعرفون ما طرأ عليها من عيوب.. وفي هذه الحالة لا يسمح لها بأن تغادر ورش الصيانة الا بعد التأكد من أنها أصبحت سليمة بنسبة مائة في المائة. لكن الغريب أنك تجد قاطرت سكة حديد تخرج من ورشة الصيانة وبمجرد خروجها تكون سببا في حدوث كارثة؟! لابد أن تبحث عن تدريب العاملين في ورش الصيانة.. وهل هم مؤهلون لذلك علميا وفنيا؟! أم أن الأمور تسير بالبركة كعادتنا نحن المصريين عندما نترك كل شيء للصدفة. أما المزلقانات فحدث عنها ولا حرج.. فهناك الآلاف منها.. وكم تحدث المسئولون عن تطويرها وتحديثها وغلقها أتوماتيكيا عندما يقترب القطار منها كشأن أية مزلقانات نراها في الخارج. لكن للأسف الشديد كنا نري هذا الوضع في الأيام الغابرة منذ ثلاثين أو اربعين عاما.. فلم تكن المزلقانات سببا في تعدد الحوادث بهذا الشكل حيث يروح ضحيتها مواطنون ابرياء وطلاب وطالبات مدارس وغيرهم.. سائق القطار لا يحسن التصرف وسائق السيارة أرعن وكلاهما مصدر للموت!! وددت أن أقول ان المزلقانات قديما كانت تغلق يدويا حيث لم تكن الاشارات الكهرباء قد اكتشفت بعد.. كان عامل المزلقان يعرف موعد وصول القطار بالدقيقة والثانية فيقوم بغلقه قبل مروره بخمس دقائق ثم يفتح المزلقان بعد ذلك للمرور. الدكتور سعد الجيوشي وزير النقل يتعرض لحملة شديدة ويطالب البعض باقالته!! هل هذا جزاء أن الرجل اعترف صراحة بعجز العاملين بمرفق السكة الحديد عن أداء واجباتهم بالصورة التي يرضي عنها الجمهور؟! لماذا لم يعترف المنتقدون للوزير بأن هذا المرفق متهالك منذ عشرات السنين وان حوادثه كارثية حتي أن أحد القطارات خرج عن القضبان واقتحم المنازل علي سكانها فلقي العشرات مصرعهم؟! هل يكمن العجز في الميزانية المخصصة لهذا المرفق بحيث تم اهماله علي مدي عشرات السنين واصبح عاجزا عن ارضاء الجمهور؟! وهل الخسائر التي حققتها السكك الحديدية كل عام وهي بالملايين كانت السبب وراء سوء حالة هذا المرفق؟ إذن.. لماذا تعترضون علي الجيوشي وهو يطالب بإدارة أجنبية للنهوض بالسكة الحديد بعد العجز الذي أصابنا واقعدنا عن تطويرها وتحديثها خاصة ان المرفق يعد من أقدم المرافق علي مستوي العالم.