* يسأل مراد علي من الإسكندرية: نقرأ ونسمع عن فتاوي عصرية تبيح تناول الخمر وأن القرآن لم يحرمها تحريما قاطعا؟ فما رأي ديننا الحنيف في ذلك؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: إن من فتن الزمان أن يتحدث الناس في الدين بغير علم. وأن يخرج علينا بين الحين والآخر من يحرم الحلال ويحلل الحرام. ومن مثل ذلك الافتراء الفتوي بعدم تحريم الخمر أو ما شاكلها من المواد المخدرة. ولتحريم الخمر والمسكرات في الإسلام حكاية طويلة. حيث كانت في أول عهد الناس بالإسلام. مباحة. حتي كثر سؤال الناس عنها. لوضوح مضارها. وكان السائلون هم الصحابة: عمر بن الخطاب. معاذ بن جبل. وسعد بن أبي وقاص. ونفر آخرون. إذ قالوا للرسول. صلي الله عليه وسلم: أفتنا في الخمر. فإنها مذهبة للعقل. مسلبة للمال. والميسر والقمار كيف يكون أو حكمهما. فبين أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير. من ارتكاب المحظور والقول الفاحش. "ومنافع الناس" من طرب ولذة بالخمر. واكتساب مال من الميسر. بغير نصب أو تعب. ومن بيع الخمر وصناعتها كذلك. "وإثمهما" لما فيهما من مفاسد. أكبر من نفعهما. فقال تعالي: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" "سورة البقرة. الآية 219 وقد رجحت الآية الإثم علي المنافع. وهو لا يعد تحريما قاطعا. ثم كان التنزيل بما يفيد الامتناع عن الخمر. قبل الصلاة: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون" سورة النساء. الآية 43 وسبب نزول هذه الآية الكريمة. أن رجلا شرب الخمر فسكر. فلما صلي قرأ ¢قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون.. ¢دون نفي فكانت هذه الآية. هي المرحلة الثانية في تدرج التحريم. بعد أن تم التمهيد لقبول التحريم في نفوس الناس. عندما عرفوا أن الإثم في الخمر. أكبر من النفع. بل إن هذه الآية الكريمة. جعلت وقت الشراب محدودا للغاية. إذ ليس بين صلاة الفجر والظهر. ثم الظهر والعصر. ثم العصر والمغرب. ثم المغرب والعشاء وقت طويل. ومن ثم يتجنب المسلمون الشراب في هذه الأوقات. وإن كان الوقت بين العشاء والفجر طويلا. إلا أن الشراب عندئذ قد لا يطول. مثلما هو الحال من الفجر حتي العشاء. ثم كان التنزيل بما يفيد الاجتناب التام. والتحريم القاطع: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" سورة المائدة. الآية 90 ولما علم عمر. رضي الله عنه. أن هذا وعيد شديد زائد علي معني ¢انتهوا¢. إذ أن الاجتناب يفاد منه التحريم القاطع. قال: ¢انتهينا¢. وكان هذا التحريم بعد غزوة الأحزاب. وهي السنة الخامسة للهجرة 627م وذكر ابن اسحاق أن التحريم كان في غزوة بني النضير. وهي في السنة الرابعة من الهجرة علي الراجح. وقال الدمياطي. في سيرته. كان تحريمها عام الحديبية. سنة ست هجرية. اللهم إنا نعوذ بك من الخمر وكل مسكر وكل من ضل الناس وأضلهم بغير علم أو أدخل عليهم ما يفسد به دنياهم ويكدر عليهم صفو قلوبهم يارب العالمين.