هل فكرت وزارة السياحة في إجراء دراسات وأبحاث عن التقلبات التي تحدث بالنسبة للحركة السياحية الوافدة إلينا؟ في رأيي أن هناك عدة أسباب وليس سببا واحدا.. لو عدنا قليلا بذاكرتنا إلي التسعينيات من القرن الماضي وأيضا إلي ما قبل 25 يناير 2011 لاكتشفنا أن الحركة السياحية كانت متعثرة في أحيان كثيرة.. وكانت هناك هجمات شرسة علي السياحة بصفة عامة.. ولكن وزراء السياحة بدءا من فؤاد سلطان.. والمرحوم ممدوح البلتاجي.. وأيضا زهير جرانة.. استطاعوا احتواء كل المواقف حتي لا يكون التأثير مرعبا كما هو حادث الآن وكان كل وزير يبذل قصاري جهده في علاج الأزمة وفي الوقت نفسه كانت هناك معارضة شديدة منهم لتخفيض الأسعار لأن الأسباب الخاصة بعدم كثافة الحركة السياحية لا علاقة لها بالأسعار.. ورغم ذلك كانت الفنادق والمنتجعات تخفض الأسعار للأجانب وترفعها للمصريين. وفي السنوات الأخيرة انتهز أحد الوزراء فرصة الأزمة الاقتصادية العالمية.. واحجام السياح عن السفر.. فقام بإنشاء أكبر جراج في الشرق الأوسط ومركز تدريب للسائقين.. بعد أن تعددت حوادث الاوتوبيسات السياحية.. وانتهزها فرصة أيضا لكي يخصص شركتين لفحص جودة الاطعمة والمشروبات في الأماكن السياحية والفندقية.. وراقب الخدمات ومنع ورفع أسعار الاقامة بالنسبة للسائح العربي عن الاجنبي بل انه اصدر قرارا بوضع صناديق للشكاوي المتعلقة بزيادة الأسعار داخل الفنادق. النتيجة ان عدد السياح الذين زاروا مصر عام 2010 بلغ أكثر من 14 مليون سائح.. وقد تم تحقيق هذا الرقم لأول مرة في مصر.. وايضا لم يكن هذا الرقم من بنات أفكار وزارة السياحة ولكنه كان رقما حقيقيا سجلته الأجهزة الاحصائية. وبعد 25 يناير 2011 اسرع السياح بصورة مزعجة إلي مغادرة البلاد.. حتي أصبحت الأماكن السياحية خاوية علي عروشها.. وامتنع السياح عن الحضور إلي مصر.. رغم كثرة سفريات وزراء السياحة الذين تعاقبوا طوال سنوات الثورة حيث لم تحقق اي فائدة.. ورغم مطالبتنا الدائمة بعدم سفر وزير السياحة ومجموعته للمشاركة في المعارض والمؤتمرات لانها عديمة الفائدة وتكاليف بدون مبرر.. لأن الأسباب لا دخل للسياحة فيها. حدث كل هذا إلي أن هدأت الأمور بعد ثورة 30 يونيه 2013 حيث انفرجت الأزمة بعض الشيء في شرم الشيخوالغردقة.. وذلك من خلال حضور الوفود السياحية الروسية.. وبعض الأفواج البريطانية وغيرها من أوروبا.. ولكن كان العدد الغالب والكبير من السياح الروس.. صحيح أن الأسعار التي أتوا بها لا مثيل لها في أي بلد في العالم لأن السائح الروسي كان يدفع في الليلة الواحدة مقابل الاقامة الكاملة مبلغ لا يزيد علي 20 دولارا.. وهو السعر الذي فرضته شركات السياحة الروسية المنظمة للأفواج. وبصراحة كانت السياحة الروسية مفتاح الفرج للفنادق والمنتجعات في الغردقةوشرم الشيخ فقط.. أما القاهرة والأقصر وأسوان فقد تراجعت السياحة فيها بنسبة عالية. والآن وقد انحسرت السياحة بصورة خطيرة عن المواقع السياحية بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء.. وأصبح لدينا فنادق اغلقت أبوابها وفنادق أخري توشك علي الاغلاق وهذه كارثة في حد ذاتها.. لأن إعادة التشغيل يتسم عادة بالمعاناة والصعوبات.. وهناك طبعا معاناة أخري يعاني منها العاملون في هذه القطاعات حيث انخفضت الدخول بنسب كبيرة. وحتي الآن لم تستطع وزارة السياحة أن تعالج هذه الأزمة.. كل الذي فعلته هو انها عهدت إلي احدي الشركات العالمية بالقيام بحملات الدعاية وكذلك السفر وحضور المعارض السياحية العالمية التي لا جدوي من مشاركتنا فيها. وبصراحة أقول إن أية دعاية أو مشاركة في معرض في ظل قرارات حظر السفر لرعايا روسيا وبريطانيا إلي مصر بلا معني علي الاطلاق.. بل هي مصروفات في الهواء وتكاليف لا مبرر لها. واعتقد أن المسئولية الأولي تقع بالدرجة الأولي علي أصحاب المصلحة.. وهم أصحاب شركات السياحة المنفذة أو المنظمة للبرامج وأصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية.. هؤلاء يجب القيام بدورهم في إعداد برامج سياحية مشجعة وهم الذين يقع علي عاتقهم مهمة السفر ولقاء الشركات المنظمة للأفواج السياحية.. والتفاهم معهم.. خصوصا وأن الشركتين المنظمة والمنفذة هما اصحاب مصالح حقيقية للترويج السياحي. لابد من اختراق كل الحواجز.. وإعداد برامج مدروسة دراسة جيدة لفئات مختلفة وقطاعات متنوعة في شتي بقاع العالم.. لأن الاكتفاء بالسياح القادمين من الغرب.. هو الذي يؤدي إلي حدوث عدم استقرار سياحي. نريد أيضا من الشركات أن تخلق مناسبات وتروج لها. الواقع يقول إننا لا نفكر.. ولا ندرس وألا نبحث في عمليات التسويق والانتشار السياحي كل الذي نفعله .. خاصة الوزارة.. هو انتظار الفرج وانتظار السماح للسياح الروس والانجليز أن يعودوا إلي الغردقةوشرم الشيخ.. وهذا قد يجعل الانتظار يطول.. وبصراحة لا يكفي لتعويض هذا الكم الهائل من الخسائر.. بل يجب العمل في ايجاد فرص أخري لتعويض ما خسرته السياحة المصرية.