مرة أخري أعود للحديث عن أزمة السياحة التي تعرضت لها المناطق السياحية المصرية. وكانت الحركة السياحية تسير سيرا حسنا في شرم الشيخوالغردقة حتي يوم 13 أكتوبر الماضي.. عندما استيقظ العالم علي حادثة سقوط طائرة روسية وعليها نحو 227 سائحا.. كانوا في إجازة لهم في شرم الشيخ. وقع رد فعل سريع لهذا الحادث حيث قررت بريطانيا إعادة السياح الانجليز إلي بلدهم ومنع سفر سياح آخرين بدون مبرر.. فعلت بريطانيا ذلك في حين لم يكن علي هذه الطائرة أي سائح أو راكب بريطاني.. وفي الحال توجهت الطائرات خالية من الركاب إلي مطار شرم الشيخ.. وفوجئ السياح بهذا التصرف السريع وأسرعوا إلي جمع أمتعتهم في هلع وخوف وقطع بعضهم الرحلة وعادوا علي الفور بينما فضل آخرون البقاء حتي نهاية البرنامج. وفي اليوم التالي مباشرة كانت المفاجأة التي أتت من جانب روسيا حيث فعلت كما فعلت بريطانيا وأصبحت شرم الشيخ خلال 72 ساعة خاوية من السياح الروس.. وقد نفذوا كل التعليمات الخاصة بالعودة مع امتناع كامل من شركات الطيران والسياحة الروسية عن تنظيم رحلات إلي شرم الشيخ ثم امتد الامتناع ليشمل الغردقة ثم زادت القرارات ومنعت روسيا سفر طائراتها إلي كل مطارات مصر.. والأكثر أنها قامت بمنع الطائرات المصرية من الهبوط في المطارات الروسية وكانت حيثيات هذه الإجراءات "حتي تتم مراجعة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية". وهذه أول مرة ربما في التاريخ.. أن يمتنع السياح الروس عن الحضور إلي شرم الشيخ أو الغردقة.. فقد كانوا دائما وفي كل الأزمات التي تتعرض لها السياحة المصرية متواجدين وبأعداد كبيرة.. ولهذا كانوا السند والمنقذ.. للمنتجعات السياحية من الركود. وبالتالي نحن لسنا سببا مباشرا لامتناع السياح عن الحضور.. فالأسعار مازالت عادية لم ترتفع والخدمات التي تقدم في المستوي المطلوب.. ولم تفرض قيود علي تأشيرات الدخول.. بصراحة كانت السياحة المصرية ضحية لحادث لا ذنب لها فيه.. خصوصا أن كل الاتهامات التي وجهت لمصر.. لا يوجد عليها أي دليل ولكنها اتهامات مقصود توجيهها لمصر.. وعلي ذلك لا أري أي سبب لكي يسرع وزير السياحة باطلاق حملة الدعاية في الوقت الحالي.. لأنه لن يجد من يستمع إليه. وأتذكر أنه في عام 1996 عندما وقع الحادث الإرهابي عند معبد الدير البحري بالأقصر وراح ضحيته عدد من السياح اليابانيين وغيرهم من الجنسيات الأخري.. أن سافرت إلي اليابان وقد كان في طوكيو معرض "الجاتا" للسياحة اليابانية وكان المترددون علي المعرض يمرون علي الجناح المصري.. وعندما عرفوا انه جناح مصر.. انصرفوا ولم يدخلوه واضطرت هيئة تنشيط السياحة إلي إغلاقه وعودة الوفد المصري إلي القاهرة. إذن نحن لسنا في حاجة إلي انفاق أي دولار واحد علي الدعاية لمصر في الوقت الحالي ويلزم أن توفر وزارة السياحة هذه المبالغ الطائلة المخصصة لحملات الدعاية.. بل أعتقد أنه من المناسب أن تقتصر المشاركة في المعارض الدولية التي تقام في الشهور المقبلة علي مشاركة رمزية لاتحاد الغرف السياحية لكن اشتراك الوزير وشلة الوزارة وعقد مؤتمر صحفي لسيادة الوزير لا ينشر منه شئ إلا إذا كان اعلانا مدفوع القيمة.. فهذا انفاق لا مبرر له.. والمنطق يقول إن السياحة لن تعود إلي طبيعتها إلا إذا ألغت بريطانياوروسيا قرارات منع السفر للسياحة في مصر.. وأن تسمح للسياح ولشركات الطيران والسياحة باستئناف الرحلات إلي المطارات المصرية. وبصراحة.. أقول مرة أخري إن أسلوب الدعاية الذي تتبعه وزارة السياحة هو أسلوب ساذج... وانفاق غير معقول لأن السياحة لا تقوم علي الشعارات.. ولكنها تقوم علي واقع.. ما هذه الشعارات الهزلية التي تطلقها وزارة السياحة علي حملاتها الدعائية.. مثل "نورت مصر" ومصر في قلوبنا ثم ما أعلنه الوزير مؤخرا بإطلاق حملة تحت عنوان : "هي دي مصر" وأنا أسأله بدوري.. بجد هي.. دي مصر ولا بلد آخر!!