في القرن الثالث عشر والذي كان يموج بالصراعات الدينية بين المسيحيين والمسلمين وأقرانهم من طوائف وشيع وملل.. في هذه الفوضي ظهر جلال الدين الرومي العالم الإسلامي الجليل.. العاشق الهائم.. وتعرف علي شمس الدين التبريزي الدرويش الرحالة غريب التصرفات وباندماج العلاقة بين الصديقين تحول الرومي من مجرد عالم للدين إلي شاعر عاشق.. صوفي ملتزم وابتدع رقصة الدراويش أو )المولاوية( نسبة إليه فقد كان يلقب )بمولانا( وفي ظل الصراعات الدينية تلك كان يدعوا للروحانية.. كان يدعو لحرب ما يسمي بالأنا.. رافضا ما كانوا يسمونه بالحرب علي الكفار. كان الرومي يري أن الجهاد الداخلي هو مخلصنا من الفتن والحروب الخارجية.. جهاد النفس وقهرها.. ولأن دوام الحال محال.. بدأ الناس من الحقدة إفساد ما بين الرومي والتبريزي لتخريب صداقة غريبة بالنسبة لهم.. فلم يكن مألوفا حالة الحب والسلام تلك بين صديقين علي اختلاف مشاربهما.. وحل محل الوئام التخوين والذم ورغم تلك النهاية المأساوية إلا أن هناك خيطا رفيعا عبر التاريخ والسنوات واستمر مؤرخا لحالة من العشق ودعوة لم تمت ولن تموت.. هي جهاد النفس.. الطريق الأوحد للخلاص من الفتن والدسائس والوقوع في الحروب. وفي عصر الفتن الذي نعيشه الاف شمس الدين التبريزي. وآلاف جلال الدين الرومي.. كل يبحث عن الآخر.. بعض يبحث عن الكل والاكتمال بالحب.. فهل نستطيع نبذ الفرقة وعدم الاستسلام؟ في حياتنا أناس نصادفهم.. نحبهم.. نؤمن بهم ونبارك تصرفاتهم ونتبني أفكارهم وأحلامهم ونتجاوز عن بعض عيوبهم.. ولكن دون مقدمات يختلفون ويغيرون وجهتهم حتي دون تقديم المبرر.. لكنها النفس الأمارة بالسوء والشيطان الذي يسعي لبث الفرقة والكراهية والذكي المؤمن حقا هو من يوقف نزف نفسه الخبيثة.. من يكبح جماح هذا الهدير بالحقد والكراهية.. من ينجح حتي في مجرد تثبيت الصورة.. فقد تعود المياه لمنابعها وإن لم تعد فلا أقل من مساحة يتنفس فيها الود القديم.. لعل أحدهم ذات لحظة يحتاج لأخيه. القليل ممن يصطفيهم الله قادرون علي هذا.. أما من باع نفسه لهواها ولشيطانه فهو يقبح ويفجر ويمزق كل الأربطة.. فتضيع الألفة والاحترام وتسود الكراهية ويصبح للحياة مذاق مختلف أقرب للمر والفوضي أو كما قالت "آلييف شقاق" عندما تخبر أحدهم بالحقيقة فإنه يكرهك وكلما تحدثت عن الحب إزدادت كراهيته والسبب من وجهة نظري أنه يري عجز نفسه أمام الحب بمعناه الشمولي وليس هناك أصعب من العجز النفسي والإيماني بالحب وللحب. هي دعوة أخري للحب.. للعدل.. للجمال.. بل دعوة للحياة.