رواية "قواعد العشق الأربعون" ومسلسل "مولانا العاشق" والعلاقة بينهما!!!. ترتكز رواية "قواعد العشق الأربعون" الشهيرة للكاتبة التركية "إليف شفق" والتي حظيت بانتشار واسع في مصر والعالم العربي على العلاقة ما بين العالم الإسلامي الجليل "جلال الدين الرومي" الملقب "بمولانا" المحاط بآلاف المريدين والمفتونين به، والذي يقيم بمدينة "قونية" والصوفي العاشق المتيم بالحب الإلهي "شمس التبريزي" والذين التقيا خلال القرن الثالث عشر، المليء بالصراعات والحروب والنزاعات المختلفة هنا وهناك، وكيف أن شمس صحح الكثير من المفاهيم لجلال الدين الذي كان يبحث عمن يملأ فراغا يعانيه ونقصا يستشعره ويتوق إلى صديق ورفيق درب يبحر معه في دنيا العشق ويغوص معه تحت قشرة الدين بعيدا عن سطحية التحريم والتجريم والمنع والكبت. في حين أن مؤلف المسلسل الكاتب والسينارست أحمد عبد الفتاح جعل من الخطوط العريضة للمسلسل العلاقة بين سلطان العاشق للمدح والذكر الصوفي "مصطفى شعبان" والشيخ الدرويش المتسامح لأقصى درجة والفيلسوف حتى النهاية "محمد ريحان". وفي المسلسل تجد علاقة متباينة بين سلطان والدراويش والمجازيب من أهل الخان.!! في الرواية هناك الحشاش "رأس الواوي" الذي يمتهن القتل والاغتيال بأجر معروف وهو يقتل لا لضغينة ولكنها مهنته التي اختارته ولم يخترها لكنه الذي أتقن عمله جيدا فهو لم يخذل زبائنه قط، غير أن القتل جعله هائما بلا روح ولا هدف يشعر بالضياع وبالممات يتنفسه. وهناك علاقة نفعية بين هذا القاتل الأجير وصاحبة ماخور خنثى، وبعض البغايا لديها، والتي منهن فتاة غاية في الجمال والرشاقة "وردة الصحراء" لكنها تشعر بالضياع في هذا العالم الذي لا تنتمي إليه والذي دخلته مجبورة مضطرة بعد معاناة مركبة أول مراحلها اليتم فتلوذ بالفرار من واقعها بالعشق الإلهي ومتابعة خطب وخطوات جلال الدين الرومي ثم شمس التبريزي. وفي المسلس تجد نفس الشخصية لكراكون "محمد لطفي" الذي يعمل هو الآخر قاتلا مأجورا، الذي كان هائما في ضياع نفسي ولا مبالاة يحياها حتى قابل البغي "وعد" التي جسدتها "ميساء مغربي" والشيخ المتصوف الفيلسوف الذي كان مأجورا عليه ليقتله ولكنه وقع في أسر الافتتان به والانشغال بفلسفته وآرائه. كما وأن له علاقة وثيقة بصاحبة مبغى "دينا" وبناتها المومسات ومنهن "وعد" التي تحاول اقناعك أنها دفعت إلى ذلك الطريق دفعا وجبرا وتحاول مرارا الفرار من صاحبة الدار المتجبرة المتسلطة تماما كما في الرواية. شخصية كراكون هي مزيج صنع من تفاصيل شخصيتين برواية "قواعد العشق الأربعون": شخصية "رأس الواوي" القاتل المأجور و"بيبرس" الحارس المتعصب والمتعلق بالبغي وردة الصحراء تعلقا غريبا حتى جن جنونه عندما علم بهروبها من الماخور الذي تعمل به. زكما في الرواية حيث تجد البغي صعوبة في ولوج طريق التوبة وتقبل الناس لها ولتوبتها ورجوعها عن طريق العهر والضياع، تجد البغي "وعد" صعوبة هي الأخرى في غفران المجتمع لها وتقبلها ومساعدتها على التوبة والاستقامة. كل ذلك لم يأت عرضا ولم يحدث مصادفة، بل إن الأمر لم يقف عند هذا الحد.!! في الرواية يحتضن الورمي فتاة فقيرة لأسرة كادحة ترغب في العلم والتعلم "كيميا" فاتخذها ابنة له وأتى بها لبيته وسط عائلته.. وفي المسلسل أيضا نجد البطل سلطان يحتضن فتاة هي بالأساس شابة لم يعد من أهل لها غير سلطان الذي اعتبرها مجازيا قطعة من قلبه على حد تعبيرها وتعبيره في أحد المشاهد!! في الرواية تجد جلال الدين الرومي صاحب شعبية كاسحة وشهرة واسعة كذا سلطان الذي يصر الجميع على مناداته بمولانا طوال الوقت فشعبته تعدت اهل الخان الذين يرون فيه ملاذهم وسندهم ويستشهدون بأقواله في حضوره أحيانا وفي غيابه دائما وباستمرار!! وهو الذي أصبح تاجر سلاح وعلى علاقة بالمافيا وهو ما عمل أحمد عبد الفتاح على إضافته للمسلسل بشكل يخرج عن الخطوط العريضة للرواية التي اعتمد عليها اعتمادا كليا ويدخل المسلسل في إطار الخطوط التي تسير عليها الدراما المصرية خاصة في الآونة الأخيرة من حديث عن المخدرات والسلاح وذلك البطل الذي يثري بأي طريقة مبررا لنفسه ما يفعل موهما إيانا بأنه دفع مضطرا إلى السرقة والنهب والاتجار في كل ما هو ممنوع ومحرم. ليس المجال هنا أن أقص لك أحداث المسلسل أو أنتقد قصته ومحور القضية أو القضايا التي يدور في فلكها وإنما أن أطرح لك عدة تساؤلات عن حقيقة ما يدعيه البعض من إبداع وموهبة هي في الأساس مسروقة ومنزوعة من عمل آخر دون الإشارة لهذا العمل الآخر من قريب أو بعيد!! وكذا أتساءل عن حق مؤلفة الرواية الشهيرة في الحفاظ على عملها وجهدها من السرقة والانتحال وحق المشاهد والمتلقي في أن تحترم عقليته وتقدم له المعلومة باحترافية وأمانة. رواية قواعد العشق الأربعون "لإليف شفق" عمل أدبي بارع ومتقن وممتع تم اجتزاء بعضه لصناعة مسلسل!! فبدا الأمر كمن صنع قبعة رديئة أو شورتا قصيرا من فستان حريري أنيق ونفيس فلا هو "أحمد عبد الفتاح" ترك العمل الأصلي بجماله وروعته ولا حوله لدراما رائعة عميقة ومختلفة، ولا أشار للعمل الأصلي "المسروق من قريب أو بعيد، معتمدا ومراهنا على أن جمهور المسلسلات خاصة الحالية غير جمهور الرواية والكتاب، الجمهور الذي يقرأ ويقلب الصفحات بحثا عن المتعة واللذة، والحقيقة أنه رهان شبه مضمون فالجمهوران مختلفان وخطوط التقائهما متباعدة، غير أنه صدف أن فعلت وقرأت الرواية وشاهدت المسلسل وربطت بين الاثنين ربطا سريعا وحقيقيا ملخصه أننا نعيش أزمة ضمير وأمانة منعدمة وموهبة مدعاة ومختلقة مع شديد الأسف.