رغم الجدل الواسع الذي يدور في المجتمع المصري حول تصريحات المستشار هشام جنينة عن حجم الفساد في مصر الذي بلغ مقداره 600 مليار جنيه في سنة واحدة هي 2015 ورد لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس عبدالفتاح السيسي لكشف ملابسات هذا التصريح.. أقول رغم كل هذا الجدل فإن بعض موظفي الدولة لم يتعظوا من كل هذا الذي يجري وأصر المنحرفون منهم علي أن يمارسوا فسادهم ظنا منهم أنهم بعيدون عن عيون الأجهزة الرقابية. هيئة الرقابة الإدارية تمكنت من القبض علي مدير إدارة مكافحة التهرب الجمركي بجمارك ميناء الإسكندرية متلبساً أثناء تقاضيه مبلغ 250 ألف جنيه علي سبيل الرشوة من صاحب إحدي شركات القطاع الخاص. مقابل تسهيله إجراءات الإفراج الجمركي عن إحدي الرسائل الخاصة بها. وذكر المصدر الرقابي أن هذا المدير الذي يرمز إلي اسمه بحرفي "ن. ح" قد اعتاد الحصول من صاحب الشركة علي مبالغ مالية علي سبيل الرشوة بصفة منتظمة!! قررت النيابة العامة حبس مدير إدارة مكافحة التهرب الجمركي علي ذمة التحقيق مع ضبط واحضار باقي المتهمين الذين كشفت عنهم القضية. وإذا كانت الرقابة الإدارية تقوم بدورها في كشف الفاسدين فإن مباحث الأموال العامة لها نفس الدور حيث تمكنت من ضبط مأمور ضرائب استولي علي مبالغ مالية علي سبيل الرشوة مقابل تخفيض الضريبة المستحقة علي هذه المنشآت. أبلغ صاحب إحدي المنشآت الصناعية عن هذا المأمور الذي كان يقيم في مدينة 6 أكتوبر. فتم إعداد كمين له بعد تسجيل محادثاته التليفونية مع صاحب المنشأة. وضبطوه متلبساً بالصوت والصورة.. وأمرت النيابة بحبسه. وتعود الرقابة الإدارية لممارسة مهامها في ضبط الفاسدين.. وهذه المرة ضبطت مسئولاً بالجهاز المركزي للمحاسبات بتقاضي رشوة من إحدي الجمعيات.. بعد أن رصدت جميع تحركاته وتم القبض عليه أثناء تلقيه الرشوة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده. ولم يخل جهاز تعمير سيناء أيضاً من الفاسدين حيث تم القبض علي مهندس يرمز لاسمه بالحروف الآتية "أ. م. أ" أثناء تقاضيه رشوة قدرها 40 ألف جنيه من أحد المواطنين مقابل تسهيل تركيب مرافق لمنزله بمدينة القنطرة شرق الواقع ضمن نطاق جهاز التعمير.. أما الراشي فيرمز لاسمه أيضاً بالحروف "ك. م. م" وتم ضبط المرتشي أثناء تسلمه المبلغ.. وأبلغت أيضاً النيابة العامة بالواقعة. ولأن الداخلية التي تواجه الإرهاب بكل أشكاله وتضحي من أجل هذا الهدف بدماء أبنائها إلا أنها أعلنت أكثر من مرة أنها لن تتستر علي أي منحرف ممن ينتمون إليها وقررت النيابة حبس معاون مباحث قسم مدينة السلام 15 يوماً علي ذمة التحقيقات لتقاضيه رشوة قدرها 15 ألف جنيه من صاحب صيدلية نظير عدم تحرير محضر ضده لحيازته كميات كبيرة من المخدرات داخل صيدليته!! نلاحظ في هذه الوقائع التي اكتفينا بذكر أمثلة لها أن المرتشين كلهم يتبعون جهات مهمتها الأصلية محاربة الرشوة.. مدير مكافحة التهرب الجمركي.. مأمور ضرائب مسئول بالجهاز المركزي للمحاسبات.. مهندس بجهاز تعمير سيناء.. وأخيراً ضابط شرطة!! هل هؤلاء لا يقرأون الصحف ليعرفوا أن المجرم مهما تنكر لابد أن يأتي اليوم الذي يقع فيه تحت طائلة القانون؟! أم أنهم من الجهالة بحيث لا يتابعون يومياً ما ينشر عن جرائم الرشوة؟! وما هو مصير من يتورط فيها؟! هل هؤلاء الناس استوي لديهم الحرام والحلال بحيث لا يستطيعون التفريق بينهما؟! أم هو طمع النفس ورغبة الفساد الكامنة فيها والتي تظهر عند أول فرصة تتاح لهم لأخذ مالي لا يستحقونه؟! يبدو أنها طبيعة النفس الأمارة بالسوء!! وتحية للرجال الذين لا تغمض عيونهم عن كشف الفاسدين.