ما حدث في ميدان الرفاعي بالعريش في شمال سيناء يفوق التخيل والقدرة علي الاحتمال.. صحيح أننا ندرك ان لكل ثورة ثمن يجب ان ندفعه كرهاً لقاء التحرر من قبضة نظام غشيم عادة لكن شمال سيناء خارج حسابات أجهزة الأمن تماماً بعد الثورة ومسرح كبير لفراغ يملؤه المغامرون سواء من داخل مصر أو من خارجها.. الاهتمام كله مركز علي التحرير مع ان الميدان مضبوط إيقاعه رغم كل المشاحنات والتلاسنات اللفظية التي لا تتعدي الحناجر. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ما يحدث في شمال سيناء من عنف وعمليات تفجير لأنابيب الغاز المتكررة صدي لما يحدث في القاهرة والإسكندرية؟ نعم بالطبع.. لكن أيضاً دعونا نكن صرحاء مع أنفسنا إذ أن العريش هكذا أصبحت دولة داخل الدولة أو بالأحري خارجها.. لا تخضع لأي قوانين حاكمة ولا أي نوع من هندسة الفوضي الحاصلة بعد الثورة فيما القاهرة والاسكندرية والسويس وغيرها من المحافظات تنتظم في قانون الفوضي الخلاقة ان جاز التعبير. من هنا يجب الالتفات إلي شمال سيناء قليلاً.. وحبذا لو ان الثوار الهادرة أصواتهم في جميع ميادين وشوارع مصر ينظمون رحلات أو هجرات مؤقتة إلي شمال سيناء لانقاذها من هذا العبث والخطر الداهم علي الأمن القومي المصري في صميمه. لماذا لا نفكر في هذا الحل فعلاً؟ فإذا كان ما يحدث في الدلتا والقاهرة في بعض أوجهه خناقة علي شكل المستقبل الذي ستكون عليه الدولة المصرية فإن الأوقع في مثل هذه الحالة التي نحن عليها ان نسارع لانقاذ جزء عزيز علي أرض مصر وان نوجه بعض طاقاتنا لانقاذه خاصة أننا قدمنا آلاف الشهداء للدفاع عنه "أكثر من شهداء ثورة يناير بآلاف المرات" فما الذي يمنعنا من ان نستشعر الخطر ونسارع قبل وقوع المحظور؟ مطلب خيالي..؟ لا.. لو فكرنا بالفعل سيتضح لنا أننا نحاول انقاذ الثورة في القاهرة بينما تضيع منا أهم قطعة من أرض مصر. هناك حل آخر.. ان يعتصم المتظاهرون في القاهرة بحبال الصبر قليلا وان يرشد الإخوة السلفيون من تصريحاتهم التي يطلقونها في كل اتجاه لأنها تجد صداها بكل تأكيد هناك في شمال سيناء علي اعتبار ان الشواهد الأولية تدل علي ان منفذي أحداث العريش رفعوا الرايات السوداء أثناء اقتحام ميدان الرفاعي واطلاق الرصاص وأطلقوا شعارات دينية متشددة. مطلوب ان يرأف أبناء مصر بمصرهم العزيزة حتي تمر الفترة الانتقالية بأقل الخسائر الممكنة.. هل من يسمع وهل من يستجيب؟!