يعيش أهالي مساكن الري بمنطقة الناصرية وسط افتقاد تام للخدمات الأساسية. فهم بدون صرف صحي ويعتمدون علي أبيار قاموا بإنشائها يدوياً. ويمشون علي طرق ترابية وعرة وغير ممهدة لم تمتد عمليات رصف الطرق إليهم. رغم أنهم يعيشون بهذه المساكن منذ أكثر من ثلاثين عاماً. إضافة لافتقاد المنطقة لأعمدة الإنارة الليلية. ومع مرور السنوات ارتفع مستوي سطح الأرض. حتي أصبحت مداخل المنازل أقل من سطح الأرض بقرابة المتر الكامل. كما أدت عوامل المناخ إلي تشقق الجدران والأسقف. فأصبحت المنازل مهددة بالانهيار فوق رءوس سكانها. ولكون السكان من العاملين بري النوبارية فقد شرعت وزارة الري في طرد أغلبهم من مساكنهم بحجة انتفاء سبب الحصول علي السكن. بعد خروج المنتفع إلي المعاش.. وهو ما دفع السكان للمطالبة بحث امتلاك هذه المنازل. بالإضافة إلي الأرض.. إلا أن مسئولي وزارة الري أكدوا لهم أن الأرض مملوكة لشركة مريوط الزراعية التابعة لوزارة الزراعة. وأشاروا إلي أن وزارة الري تستأجرها منذ سنوات عديدة.. مما وضع السكان في حيرة لا تنته بين الوزارتين من جهة. وقرارات الطرد التي أصبحت تهدد أمنهم وأمن أسرهم بصورة مستمرة وبشكل يومي. "المساء" التقت عدداً من السكان لنقل صور المعاناة التي يعيشونها.. * في البداية تقول شيماء عيد عبدالمنعم "23 سنة": بعد انفصالي عن زوجي. عدت للعيش بمنزل أبي. واصطحبت معي ابنتيّ الاثنتين. وأصبحت بلا مصدر دخل سوي معاش والدي الذي أحصل علي جزء صغير منه وبالكاد يكفي متطلبات الحياة. خاصة أنني لا أحصل علي نفقة شهرية من زوجي بعد أن فصل القضاء برفض دعواي بالحصول علي نفقة منه. تضيف شيماء.. يسكن معي في نفس المنزل أشقائي الأربعة وشقيقتي وزوجها وأبناؤهم. وقد بلغ عدد أفراد أسرتنا أكثر من عشرين شخصاً مقيمين في منزل واحد. نحلم بامتلاكه رغم سوء حالته. حيث تم بناؤه منذ أكثر من ثلاثين عاماً ودفع أبي ثمنه من عرقه. ولقي حتفه وهو يعمل ملاحظاً للعمال بإدارة ري النوبارية. إلا أن الإدارة تريد طردنا. ورغم أن مكان عمله مازال شاغراً. ولم يسكن حتي الآن وترفض إدارة الري تعيين أحد أشقائي مكانه. أضافت.. استمراراً لمعاناتي أصيبت أمي بجلطة في المخ. وأخري في القلب.. ورفضت إدارة الري إدراجها في التأمين الصحي مكان والدي.. ومازلنا جميعاً ننتظر الطرد في أي لحظة!!! * وتقول تهاني نورالدين حلمي أرملة : توفي زوجي مفتدي زكريا السيد منذ عدة سنوات وترك لي ثلاثة أبناء أحدهم بالصف الأول الثانوي والآخر بالثالث الإعدادي. أما ابنتي فهي ضريرة وتبلغ 13 عاماً. وأعاني من مصاعب الحياة. حيث أتقاضي معاشاً شهرياً قدره 140 جنيهاً بعد أن اضطررت للاقتراض من البنك حتي أستطيع الحياة مع أبنائي الثلاثة. وابنتي ذات الحالة الخاصة. تضيف: مسكني عبارة عن غرفتين ومطبخ وحمام صغيرين.. ونحيا فيه رغم أنفنا. بعد أن رضينا بالمرار. إلا أن مسئولي وزارة الري والموارد المائية يرفضون إقامتنا في هذا المسكن ويصرون علي طردنا منه بحجة أن العامل بالوزارة والمنتفع بالمسكن قد انتفي سبب انتفاعه بمجرد وفاته. وتشير إلي أن مسئولي وزارة الري يتحججون بأن وزارة الزراعة المالك الأساسي للأرض المقام عليها المنازل لم توافق علي تمليك قطع الأرض لوزارة الري. لتستمر حلقة الطرد مما يهدد أسرتي وفقاً لأهواء ورغبات كبار المسئولين بالوزارتين. وتضيف.. لمن ألجأ خاصة أنني لا أقدر علي أتعاب المحامين؟!! * سميرة علي النويشي "46 سنة": أعيش مع أبي في المسكن أنا وزوجي وأبنائي الثلاثة منذ أن تزوجت منذ أكثر من عشرين عاماً. فأكبر بناتي أتمت واحد وعشرين عاماً ومعي أشقائي الثلاثة وأزواجهم وأبناؤهم. وبناتهم في نفس المنزل. حتي أن عدد سكان المنزل بمساحته التي لا تتجاوز 49 متراً مربعاً بلغ "21" فرداً. وأصبحنا كعلبة السردين. أما تشققات الجدران والتي تتساقط منها مياه الأمطار فوق رءوسنا. وفي الصيف تتسرب منها شتي أنواع الزواحف والفئران والثعابين التي تهدد حياتنا!! تشير إلي أن المجاري مجرد بيارات قمنا بحفرها يدوياً. لتعود مياه الصرف لمنازلنا بشكل دائم. مما يصيبنا بالأمراض. خاصة أن المنازل أصبحت كلها تحت مستوي الأرض.. ولا أعلم متي يرحمنا هؤلاء المسئولين من محاولات طردنا. بالإضافة إلي رجال الشرطة الذين يقتحمون منازلنا لتنفيذ الطرد بالقوة الجبرية دون مراعاة لحرمة بيوتنا. وكأننا أعداء في هذا الوطن. * أما سعيد عزيز سعد "41 سنة" مراجع حسابات بإدارة ري النصر.. فيقول: أعيش في منزل والدي الذي أنهي خدمته بري النوبارية وخدم فيها لمدة 36 عاماً مع زوجتي وابني وأخي وزوجته وأبنائه الثلاثة في القبر الذي يطلق عليه مسكن لضيق ذات اليد. وسط المجاري والشوارع غير الممهدة والمظلمة ليلاً. يضيف: أصيب ابني كيرلس ذي الأربع سنوات بالتهابات مزمنة في قدميه بسبب الرطوبة الشديدة بالمنطقة ولا نستطيع الوصول لمنزلنا إلا عبر درجات لبعده عن سطح الأرض بقرابة المتر. ويطالب أبوكيرلس بضرورة وضع حل جذري لمشكلتهم المستمرة المتمثلة في محاولات الطرد التي لا تنته. * ويشير السيد سعيد علي "مساعد ميكانيكي بري النوبارية" "32 سنة" إلي أنه يتحصل علي 240 جنيهاً شهرياً وليس له مأوي إلا في منزل والده الذي يشاركه فيه أشقاؤه الثلاثة وزوجاتهم وأبناؤهم. وكل ما نرجوه أن يتركنا المسئولون في حالنا وألا يحاولون طردنا من منزلنا. * ويضيف محمد إبراهيم محمود عبدالنبي "طالب بدبلوم التجارة" "18 سنة".. لا مستقبل لي حتي الآن خاصة بعد إتمامي لهذا العام الدراسي. حيث سأنهي دراستي. وربما أحلم بوظيفة أعلم أنني لن أدركها. إلا أن شقيقي وزوجته وابنه إبراهيم عام ونصف العام ليس لهم أي ذنب في شيء. ولا أعلم لماذا يصر المسئولون علي طردهم وطردي من مسكننا. مشيراً إلي أن والدهم كان يعمل بوزارة الري أكثر من 24 عاماً وبعد هذه المدة يصرون علي طردنا من مسكننا. ولا نعلم لمن نذهب؟!.. خاصة أن كل المسئولين لا يشعرون بمعاناتنا. وكأننا نعيش في عالم آخر.