حادث كوبري قليوب.. سلط الضوء وفتح الملف

يوم بعد الآخر.. تنكشف جراح جديدة في شبكة الطرق المصرية في القاهرة الكبري والمحافظات. إهمال النوات. والتعامل بعشوائية مع المشكلات المرورية علي الطرق الرئيسية والسريعة والوصلات والكباري وضعنا أمام "مطب كبير" فأغلب الطرق الآن أصبحت في حالة يرثي لها. حتي جهود الصيانة الجبارة التي تتم الآن لم تعد قادرة علي ملاحقة المشاكل والانهيارات التي تتوالي علي الطرق من قبلي إلي بحري. وبالحديث مع الخبراء والمسئولين ومستخدمي الطرق. الكل أجمع تقريباً علي أن الحمولات الزائدة للنقل الثقيل هي أم الكوارث التي تعجل بانهيار شبكة الطرق وتجعلها كلها اتجاهاً واحداً إلي "الأخرة".
سلطت حادثة انهيار كوبري مشاه قليوب علي طريق مصر- اسكندرية الزراعي الضوء علي حالة الكباري والطرق بصفة عامة بطول مصر وعرضها. فلولا ستر الله عز وجل لوقع عشرات الضحايا في هذا الحادث ولكن الله سلم.
الحادث ليس الأول ولن يكون الأخير.. فماذا نحن فاعلون؟!
* يقول د.ناصر درويش "أستاذ انشاءات بكلية الهندسة جامعة الاسكندية": اصطدام سيارة نقل محملة بارتفاعات زائدة بكوبري كفر أبوجمعة بقليوب أدي إلي انهيار الكوبري ورغم انه علي المستوي العام بمعظم الكباري تسبقها منشأة حماية هي بمثابة انذار أو حاجز تصطدم به المركبة التي تفوق حمولتها الحد المسموح به حتي تقف ولا تستطيع المرور أسفل الكوبري فمن الواضح ان هذا الكوبري لم يسبقه منشأة الحماية أما بالنسبة للصيانة فجميع الكباري والطرق في مصر في حاجة ملحة الي إصلاح وعمران وهذه الحادثة بستر من المولي عز وجل انها وقعت دون ضحايا ومع الأسف الشديد نحن لا نفيق إلا إذا وقعت كارثة مروعة لذلك هذه الحادثة تعد جرس إنذار للمسئولين لعمل الصيانات اللازمة ورغم ان المنصورة وقعت بها حادث مشابه إلا أننا لم نتعظ!!
* د. عيسي عبدالله "أستاذ طرق ومرور بهندسة جامعة عين شمس": هناك تحقيق قائم حول حادث سقوط كوبري المشاه بقليوب الذي يعد كارثة بكل المقاييس فإما ان السبب في ذلك ان انشاء الكوبري غير مطابق للمواصفات وهناك خلل في التحميل عليه أو ان سيارة نقل تزيد ارتفاعتها وحمولتها عن المسموح مما أدي إلي الاصطدام بالكوبري ومن ثم انهياره.
أشار إلي ان هناك العديد من الكباري تحتاج الي إعادة النظر إليها سواء الاشترطات البناء وعدم تطابقها للمواصفات أو ان بها خللا نتيجة عدم الاهتمام بصيانتها وتهالكها مع قدم عمرها.
أوضح ان هناك تريلات ومركبات نقل ضخمة تسير في طرق وتحت كباري بحمولات ذات ارتفاعات كبيرة تمثل خطورة كارثية فاحتكاكها من الأسفل بأحد الكباري قد يؤدي الي تفجير الكوبري وسقوطه لذلك يجب منع مثل هذه الشاحنات غير الملتزمة بالحمولات المقررة.
أضاف ان معظم انشاءات القوات المسلحة من كباري وطرق بحال أفضل بكثير من الكباري والطرق التي قامت الدولة بانشائها نظراً لان الجيش يهتم بأدق التفاصيل في مثل هذه الأمور ويقوم بالادارة والمتابعة دون أدني خطأ أو مخالفة واستلامها علي أكمل وجه لذلك يجب ان نتبع نفس تلك النظرية لتحقيق الأمان وتجنب الكوارث.
* المهندس عاطف البلك "رئيس قسم تصميم الكباري بمكتب محرم باخوم ورئيس الهيئة العامة للطرق والكباري الأسبق": يشرح ان تصميم طريق أو كوبري يتطلب ان يكون هناك عناصر المالك والاستشاري والمقاول وجميعهم يعملون تحت منظومة الأكواد العالمية أو المصرية وبالنسبة للتنفيذ يجب ان يكون هناك اشراف من المكتب الاستشاري بكل مراحل وخطوات التنفيذ وكذلك من الضروري ان يكون المقاول مؤهلاً لهذا العمل والنقطة الأهم في هذه المسألة الصيانة والتي تعتبر صفراً ومعدومة في مصر!!
أوضح ان الكباري نوعان أحدهما تابعة لهيئة الطرق والكباري والنوع الآخر يتبع المحافظات والمحليات والكارثة في ذلك تتمثل في عدم وجود جهة محددة مسئولة عن صيانة الكباري أو الطرق فمثلاً كوبري أكتوبر نفترض ان يلقي صيانة جيدة فهو ممتد بين القاهرة والجيزة فالقاهرة تقوم بصيانة الجزء الخاص بها والجيزة تهتم بالجزء الواقع لديها ومن هنا يحدث تداخل في الاختصاصات لذلك يجب تحديد هيئة أو جهة مختصة بالصيانة وتقوم بمتابعة دورية لجميع الكباري والطرق ومطلوب أيضاً ان تكون داخل هذه الجهة مكاتب استشارية تقوم بكتابة تقارير بحالة الكباري والطرق حتي وان كات جيدة ويتم ذلك بشكل شبه سنوي.
أشار الي ان المحافظات والأحياء مظلومة في عملية الصيانة حيث يرصد لهم ميزانية ضعيفة جداً يصعب اصلاح أي خلل أو عيوب بالكباري أو الطرق من خلالها.
أكد ان المصيبة الأكبر في الالتزام بمواصفات الأحمال سواء ارتفاعات أو أحمال فكوبري قليوب الذي سقط مبني علي أرتفاع عالي وهذا دور الشرطة في تنظيم الارتفاعات والاحمال مشيراً إلي ان تحصيل الغرامات من مركبات النقل مهما بلغت لا تعادل نسبة 1% من الاضرار التي تتسبب فيها الكباري كما انها لا توازي شيئاً فيما يجب انفاقه في حالة اصلاح الكباري.
* د. ضياء الدين ابراهيم "أستاذ هندسة جامعة عين شمس": الكباري تعاني مشاكل هائلة حيث تعد ميراثاً قديماً وبعضها تهالك لذلك مشكلة الكباري أو الطرق في مصر تحتاج الي سجل لكل كوبري يتضمن زمن انشائه واختبارات الأحمال عليه وفقاً للأكواد العالمية مشيراً الي ان أي منشأة مع تقدم عمرها والاهمال الذي تتعرض له تحتاج الي صيانة ويجب رصد ميزانية مناسبة وجدول صيانة لكل كوبري وفقاً لاحتياجاته..
أوضح ان من أخطر الملاحظات هي المرور الذي يجب ان يطبق اجراءات صارمة بشأن كل طريق أو كوبري وتحصيل غرامات من النقل الذي تتجاوز حمولته الحد المسموح مع عدم السماح له بالمرور وهناك طرق موازية للكباري في علوم النقل في كل دول العالم لسير النقل الثقيل عليها.