تصدرت مصر المراكز الأولي في عدد ضحايا حوادث الطرق والكباري نتيجة الإهمال فمنذ عام 1992 وخلال عشرين عاما أصبح الناتج 245الف قتيل ومصاب في 73الف حادث بمعدل 25ضعفا للمعدلات العالمية. فقد تزايدت في الآونة الأخيرة حوادث انهيار الكباري, وكان أخرها انهيار كوبري الأورمان بطريق المنصورة- جمصة الدولي, مما يدق ناقوس الخطرتجاه تردي أوضاع الكباري التي تعتبر بمثابة شريان الحياة بالنسبة للمواطنين. وفقا لآخر إحصائيات الجهاز المركزي والتعبئة العامة والإحصاء, يبلغ عدد الكباري 1530 كوبري بجميع المحافظات، نصفها علي الاقل في حالة شديدة التردى وقابلة للانهيار في أي وقت نتيجة لقلة أو انعدام الصيانة الدورية والتي تعتبر بمثابة المتهم الرئيسي في مسلسل انهيار الكباري، بالإضافة الي الحمولة الزائدة والتخطيط السيئ في انشاء عدد كبير من الكباري . إن الإهمال بالكباري قد يتسبب بشكل واضح في حدوث شروخ بالأجزاء الخرسانية به، والصيانة حاليا تحتاج إلي استخدام أجهزة حديثة وإعداد مهندسين متخصصين قادرين على إجراء الصيانة، ونحن نعاني من ضعف شديد في عمليات الصيانة، وللأسف لا نتحرك إلا بعد وقوع الحوادث ليكلفنا ذلك أضعاف المبالغ المطلوبة. ولقد تحولت مشكلة الفواصل وانهيار أسوار الكباري وزيادة حوادث الطرق الي أزمة بجانب تسرب الرطوبة داخل الخرسانة المسلحة مما قد يتسبب في حدوث صدأ حديد التسليح المكون للكوبري وتآكله بمرور الزمن لنرى فى يوم من الأيام انهيار أحد الكباري أمام أعيننا ومن هنا علينا حل المشكلة قبل أن تحدث كارثة. والحقيقة الموْكدة أنة كان يجب ان نستفيد من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال, فمنذ عدة سنوات قامت بعض الدول بالتوقف عن عمليات إنشاء الكباري وتم تخصيص هذه الميزانية لعمليات الصيانة. في البداية قال الدكتور سعد الجيوشي رئيس الهيئة العامة للطرق والكباري السابق, حذرت كثيرا اثناء رئاستي للهيئة من تردي أوضاع عدد كبير من الكباري مما يجعلها معرضة للانهيار في اي وقت، خاصة مع عدم وجود صيانة مما يضاعف المشكلة مما يستلزم وقفة مسئولة لعلاج هذه المشكلة . واكد أنه لم يطلق اي تصريحات منذ البداية الا بناء علي العديد من الوثائق والمستندات التي تدل علي حالة اغلب الكباري المتهالكة وواصل منفعلا وهذا لم يكن كلامي وحدي بل تقارير عديدة من هيئات دولية محترمة من بينها تقرير هيئة المعونة اليابانية الجايكا. وأكد دكتور سعد انه يتمني فتح هذا الملف مع المسئولين وايجاد حلول مجدية مثل مضاعفة عمليات الصيانة وتعديل بعض الأخطاء الإنشائية التي تجعل الكباري هدفا للانهيار. اما دكتور ممدوح حمزة الخبير والاستشاري الهندسي, فيري ان مشكلة انهيار الكباري ورثناها من الماضي فهي ليست وليدة اللحظة , وأنه سبق وحذر كثيرا من الكباري المتهالكة. ويؤكد حمزة خطورة الحمولة الزائدة علي الكباري مما يستلزم وقفة لتقنين حمولة السيارات النقل لأنها أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الكباري ووقوع الحوادث عليها بالإضافة الي الأخطاء الإنشائية العديدة، لذلك يجب ان يوكل لوزارة النقل فقط عملية بناء الكباري وذلك لضمان تطبيق المواصفات الدقيقة في البناء وضمان الإشراف الحازم من المسئولين، واشار الي ان تنفيذ اي مشروع لبناء كباري لابد ان يتم من خلال مهندس استشاري مستقل ويكون من المفيد الرقابة المتبادلة بينهما لضمان جودة الانشاء والبناء.
الطريق الزراعي والحمولات الزائدة والحقيقة إننا لن نستطيع حصر جميع الحوادث الجلية التي تعرضت لها مصر في السنوات الأخيرة ولكننا سنرصد أشهر حوادث الكباري وأكثر المناطق تأثيرا في وقوع الحوادث. فالطريق الزراعي علي سبيل المثال يمثل أحد أسباب الحوادث اليومية حيث أدي تردى حالة الكباري المنتشرة على طول الطريق أبرز المخاطر التي يواجهها مرتادو الطريق الزراعي، ما يقرب من 18 «كوبري» على الطريق الدائري، يعانى معظمها من سوء وإهمال ومخالفات في الإنشاء وعيوب في الفواصل بين أجزاء الكوبري ينتج عنها كثير من الحوادث. وما أكثر الهبوطات الأرضية التي تواجهها مصر كل سنة بسبب الحمولات الزائدة، ففي ديسمبر من عام 2013 وقع هبوط أرضى على الطريق الدائري بالجيزة، ما أسفر عن تعطل الحركة المرورية، وتبين أن الهبوط عبارة عما يقرب من متر ونصف نتيجة الحمولة الزائدة أعلى الكوبري. وفي نفس الشهر أيضا من ذات العام حدث هبوط أرضي أمام قرية أبو مشهور نتيجة تساقط الأمطار على عمق 50 سم تعطلت حركة المرور على الطريق الزراعي السريع مصر إسكندرية بشكل جزئي. وفي 21 مارس 2013 أصيبت مدينة بركة السبع بمحافظة المنوفية بحالة من الشلل المروري وذلك بعد هبوط مفاجئ لمنتصف الكوبري العلوي المار بالمدينة على طريق مصر إسكندرية الزراعي في الاتجاه القادم من القاهرة بسبب أيضا الحمولات الزائدة. ولا ننسى كوبري المنيب الذي شهد العديد من الحوادث مؤخرًا والطرق العلوية المرتبطة بالدائري مثل محور المريوطية ومحور يوليو على طول امتداده، ولا ننسى كوبري مايو وأكتوبر.
ضعف عمليات الصيانة ومن ناحية أخري حذر دكتور محمد عمارة استاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة من استمرار ضعف عمليات صيانة الكباري بل وانعدامها احيانا ،واكد ان الأصل وجود صيانة دورية كل 6 اشهر لضمان سلامة الفواصل والوقوف دائما علي حالة الكوبري مما يمنع انهياره المفاجئ، واكد دكتور عمارة ان المشكلة الرئيسية هي الاهتمام بانشاء كباري وطرق جديدة بدلا من التفكير في صيانة وعلاج الكباري المتهالكة الموجودة بالفعل والتي تمثل عصب الحياة للمواطنين. وأوضح ان أي كوبري عبارة عن 3اجزاء اولها جسم الكوبري وهو خرساني لا يحتاج إلى صيانة دورية والجزء الثاني هو العلامات والاشارات والجزر الوسطي والأسوار وهي تحتاج الي صيانة كل 5سنوات بينما الجزء الأهم هو الخاص بالأسفلت والرصف والفواصل ويحتاج هذا الجزء الي صيانة دورية دائمة لضمان عدم وقوع حوادث أو انهيار الكوبري. كما علينا ان ندرك ان هبوط الطريق الدائري يختلف عن مشكلة كوبري أكتوبر والتي تتعلق بفواصل التمدد، فعندما تم بناء رصيف الكوبري تم إغلاق منفذ فاصل التمدد، ولذلك عند معالجتها تم عمل فاصل للتمدد. فالكوبري يتم تنفيذه عن طريق بلاطات خرسانية يفصل بينها أجزاء صغيرة ، تسمي بفواصل التمدد .. لامتصاص تمدد الأرض صيفا وشتاء كي لا يحدث خلل في الأرض أسفل السيارات لضمان سيولة المرور. وباختصار يجب تصميم أي كوبري على أكبر حمل وعمل اختبارات وصيانة للكوبري، مع ضرورة تفعيل قانون إدارة المرور بالتعاون مع الهيئة العامة للطرق والكباري، بالإضافة إلى ضرورة إصدار تشريع لمنع الحمولات الزائدة على الكباري.