قبل إنتخاب الرئيس الامريكي باراك أوباما "مواليد 1961" عام 2008 كانت فكرة اختيار رجل اسود رئيسا للولايات المتحدةالامريكية قد اصبحت مقبولة فقد اسهمت وسائل الاعلام الامريكية والسينما بصورة خاصة في تمرير هذه الفكرة وكذلك لعبت الرواية والبرامج الكوميدية التليفزيونية بدور رئيسي في صنع رؤساء سود قاموا بلعب ادوارهم ممثلون لهم جماهيرية ولديهم قبول بالنسبة للشعب. واشتهر في هذا المجال عدد من النجوم لعبوا أدواراً رئيسية وقدموا محاكاة كوميدية خيالية سهلت وصول الفكرة وقبولها. وكان من بين أهداف هذه الاعمال تقليل الفجوة الثقافية في الثقافة الشعبية الامريكية بين ما يمثله الامريكي الابيض وبين الامريكيين من أصول افريقية. كان أول من لفت الانظار الممثل الكوميدي الاسود دينيس هايسبرت في برنامج كوميدي بعنوان "24" فتح افئدة الناس وقلوبهم لشخصية لطيفة وقريبة من القلب وتستحق الاعجاب والحب. وبعد انتخاب اوباما بث التليفزيون الامريكي برنامجا معروفا ب"كوسبي شو" قدم صورة طيبة وحانية للامريكي الاسود بعيدا عن دوائر عصابات الشوارع والصدامات العرقية وفتح المجال امام معالجات درامية لعائلات من السود تتسم بالاحترام وتستحق الاعجاب ووصل البعض الي اعتبار هذا البرنامج احد العوامل التي اسهمت في نجاح "أوباما". فكرة القبول برجل اسود علي قمة السلطة في الولاياتالمتحدة بدأتها السينما عام 1933 من خلال فيلم بعنوان روفوس جونز "Rufus Jones" لعب بطولته سالي دافيد الابن وكان عمره سبع سنوات ولكنه كان يحلم بالرئاسة ولم تجد امه غضاضة في قبول الفكرة واعتبارها ممكنة. وبعد ذلك بسنوات قليلة انتجت هوليود فيلما استعراضيا بعنوان "اولاد في برودواي" عام 1941 ارتدت فيه الممثلة جودي جارلاند ملابس الرجال ولعبت دور امريكي اسود وغنت اغنية لاول رئيس اسود علي الشاشة فرانكلين ديلافو جونز. ولايمكن تخيل حجم الدور الذي لعبته وسائل الاتصال الجماهيرية وبصورة خاصة السينما والتليفزيون في حرث الادمغة لاي من الافكار التي من شأنها ان تصنع تغييرا في مواقف الناس ليس فقط في الداخل وانما علي مستوي العالم. وفي عام 1972 قامت السينما باقتباس رواية مهمة بعنوان الرجل The Man وحولتها الي فيلم ومع التغييرات التي طرأت علي المناخ السياسي حينئذ اخرجت المخرجة السوداء ليزي يوردون فيلما بعنوان ولدت وسط اللعب 1983 من افلام الخيال العلمي حيث تناولت شخصية رئيسية وليست رئيس تلعب دورها إمرأة ثورية ومتمردة من الديمقراطية استطاعت ان تصل الي مقعد الرئاسة واعتبروها اول سوداء في تاريخ الولاياتالمتحدة ولكن ذلك خيال علمي والرؤساء السود عموما طهروا قبل "أوباما" من خلال هذه النوعية التي تسرح في احداث مستقبلية بدت وقت الانتاج بعيدة المنال. وفيلم المخرجة السوداء تعرض لموضوع التمييز العنصري وعلاقات الاجناس والشذوذ في المجتمع الامريكي بعد تحوله مستقبليا الي مجتمع ديمقراطي اشتراكي!! ومن اشهر النجوم السود الذين لعبوا دور الرئيس الامريكي داني كلوفر في مسلسل 14 "2003" التليفزيون ومورجان فريمان في فيلم تأثير عميق .1998 وفي عام 2012 قدم المخرج رونالد اميرتش شخصية رئيس امريكي اسود لعب دوره داني جلوفر. فالترفيه الجماهيري والثقافية الشعبية عموما تعتبر من المسكرات بالنسبة للجمهور الامريكي اي من بين اكثر عوامل التسلية جاذبية واستهلاكا والفيلم كوسيط فني يعد الاكثر نفوذا. وقد ظهرت افلام كثيرة بعد انتخاب اوباما فعلا عام 2008 ومنها اعمال تسجيلية اخرها فيلم عن باراك ومشيل اوباما وعندما سألوا زوجة الرئيس عن رأيها فيمن يمكن ان يقوم بدور زوجها علي الشاشة.. كان اول ماجاء علي بالها اثنان من أقوي النجوم الامريكيين السود وهما ينزل واشنطن وويل سميث وبعد تفكير قليل اضافت إن ويل لديه أذنان يمكن ان يعطياه بعض الحدة. ورغم اختيارها الا ان الدور ذهب للمثل الشاب باركر سويرز "31 سنة" لان الفيلم يتناول اول موعد رومانس بين أوباما ومشيل في شيكاجو عام 1982 وقصة الفيلم تدور احداثها خلال يوم واحد. والاثنان مازالا في حالة تعارف وقد توسم كل منهما في الاخر شريكا مناسبا. ورغم ان مشيل في ذلك الوقت كانت تتفوق عليه وتشرف علي احد مشاريعه بينما الاثنان يدرسان القانون كما نعلم الا ان انجذابها اليه واستجابتها لاعجابه كان واضحا. ** لقد صورت السينما الرئيس الاسود كرجل ديمقراطي طيب ينبذ التعصب والتمييز ويؤمن بحقوق الانسان وبالحريات السياسية الخ هذه الاوهام وبالفعل ظل اوباما ابن باراك الافريقي نصف المسلم يمثل هذا الدور بثقة فهل تقوم السينما بتعديل الصورة بعد سبع سنوات من حكمه وسنة واحدة علي رحيله بعيدا عن حكم اقوي قوة في العالم تاركا العالم غارقا في "الحرب علي الارهاب"؟؟