زيارة الوفد الفني المغربي لمصر من الأحداث المهمة كما أن الحفل المشترك بين المطربين المغاربة والمصريين بمصاحبة فرقة عبد الحليم نويرة بقيادة المايسترو صلاح غباشي من النتائج الطيبة لهذا الحدث ولكن الأمر المميز حضور الفنان عبد الوهاب الدوكالي ووقوفه غدا علي مسرح دار الأوبرا في مصر التي بدأ شهرته في المشرق العربي منها في أوائل السبعينيات عندما شدا بأغنيته الشهيرة "مرسول الحب" التي رغم لهجتها المغربية تفاعل معها الجمهور المصري بإيقاعاتها ولحنها المميز الذي مازال عالقا في ذاكرة جيل بكامله اعتقد أن معظمهم سوف يشهد حفل الغد علي أمل سماعها من الدوكالي الذي يعد من كبار الموسيقيين في المغرب ملحنا ومطربا وعازفا لآلة العود.. وعبد الوهاب الدوكالي يعد الوحيد من المطربين العرب الذي اشتهر في مصر بلحن وكلمات من بلده وذلك لأن هذا الفنان يعد علامة فارقة في تاريخ موسيقي المغرب تمرد علي الموروث ولكن بوعي وثقافة لم يقلد الغرب بل استلهم تراثه وابتكر ايقاعات وأساليب جديدة في التناول اللحني قفزت من خلاله الأغنية المغربية إلي عالم الحداثة ويعد من أكثر من وظفوا الصوت البشري حيث يضيف إلي لحنة توزيعا صوتيا ليس فقط آهاات بل همهمات وصيحات مميزة وتقريبا جميع مطربي المغرب غنوا من ألحانه التي عندما نتتبعها نجدها تتضمن نضجا موسيقيا وتطورا وأيضا تنوعا في الموضوعات.. والدوكالي من مواليد 1941 بمدينة فاس وتلقي تعليمه الموسيقي منذ الصغر وأول تسجيل له كان لأغنية "مول الخال" عام 1959 وبعد هذه الأغنية ب 15 يوما فقط سجل أغنية "يالغادي في الطومبيل" التي كان لها صدي لا مثيل له في رصيد الأغنية المغربية حيث حققت مبيعات أكثر من مليون اسطوانة وفي آواخر الستينيات وأوائل السبعينيات قام بجولته في المشرق العربي واستقر لفترة في القاهرة حيث اكتشف لياليها الساحرة واستقبل بحفاوة وخاصة في حفلاته التي أذيعت بالتليفزيون المصري وهنا بلغ الدوكالي أوج شهرته وحاز علي العديد من الجوائز والأوسمة كما فاز بالأسطوانة الذهبية عن أغنيته "ما أنا بشر" ويعد من أكثر الفنانين عطاء نظرا لتواجده علي الساحة الفنية أكثر من نصف قرن.. ورغم أن الدوكالي أبدع أكثر من أربعين لحنا غناها بصوته بخلاف العديد من الألحان لمطربين آخرين إلا أن أغنية "مرسول الحب" مازالت من أكثر الأغاني التي تحظي بشعبية كبيرة سواء في المغرب أو خارجها والأغنية من كلمات حسن المفتي ولحن وغناء الدوكالي وتمثل وهجاً وومضة الفنان الساحرة التي تتجلي فيها موهبته وتدور عن البحث عن الحب وافتقاده . والأغنية حملت الكثير من التجديد مع الاهتمام بالموروث ونغمات أوتار العود التي ارتبطت بها وبمعظم أغاني الدوكالي الذي نرحب به في مصر وأعتقد أنه سوف يكتسب بغنائه في الغد جمهورا مصريا جديدا ربما لم يتعرف عليه من قبل .