أحال المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المخالفات المالية والقانونية لوزارة المالية عن عقودها مع شركة "إي فاينانس" إلي النائب العام. كان قطاع المراجعة بالجهاز قد رفض الحيثيات التي وردت بتقرير الوزارة لتبرير المخالفات التي تم ارتكابها وعدم تصحيحها علي مدي السنوات السبع الماضية تنفيذاً للتحفظات المتتالية التي كان يرسلها الجهاز الي الوزارة للتصحيح أو الرد. إلا أن وزارة المالية كانت تهمل الرد عليها وبعدما نشرت "المساء" حملتها ضد هذه المخالفات اضطرت الوزارة لإرسال رداً تأخر لأكثر من خمسة أشهر ولكن الجهاز رفض هذا الرد وأعقبه بإحالة الملف كله الي المستشار نبيل صادق النائب العام. علي الجانب الآخر علمت "المساء" أن طارق عامر محافظ البنك المركزي استجاب لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بضرورة اغلاق حساب الخزانة الموحد. وأمهل طارق عامر وزارة المالية حتي نهاية ديسمبر الجاري علي أن يتم اغلاق هذا الحساب اعتباراً من أول يناير القادم. كان الجهاز المركزي للمحاسبات قد اعترض علي حساب الخزانة الموحد لأنه تسبب في تعطيل صدور التقرير الختامي الذي يعده الجهاز عن العام المالي 2014/2015 نتيجة عدم قدرة الجهاز علي الفصل بين الايرادات التي تحققها كل مصلحة علي حدة مقارنة بالمستهدف منها.. حيث إن حساب الخزانة الموحد يدرج كل الايرادات معا دون أن يكون لكل منها بند خاص بها مما أعاق قدرة جهاز المحاسبات علي مراقبة أداء الجهات الإيرادية علي مدي السنوات الثلاث الأخيرة. كانت وزارة المالية قد رفضت من قبل طلب الجهاز المركزي للمحاسبات باغلاق هذا الحساب أو اصدار اللائحة التنفيذية لقانون الخزانة الموحد حتي يلزم الوزارة "بتبنيد" الإيرادات وإدراجها بالحساب الموحد "مبندة" كما رفضت الوزارة توصية البنك المركزي بعدم إدراج كافة الايرادات الخاصة للجهات المختلفة في حساب موحد. كانت "المساء" قد طلبت خلال حملة مكبرة علي أربع صفحات في أيام متتالية باحالة وزير المالية ومخالفات الوزارة وشركة "إي فاينانس" إلي النائب العام للتحقيق في هذه المخالفات التي تسببت في إهدار 72 مليار جنيه من أموال الشعب وذلك لعدم التزام الوزارة بالرد علي تحفظات جهاز المحاسبات علي العقود السبعة التي وقعتها المالية مع شركة "إي فاينانس" ومنها العقد الخاص بدعم المواد البترولية "الكارت الذكي للبنزين" وعقد الخزانة الموحد وإنشاء مركز الدفع والتحصيل الالكتروني وغيرها. وكذلك ما سجله الجهاز من المخالفات المالية والقانونية التي ارتكبتها الشركة عند تنفيذها للعقود ووافقت عليها المالية خلال مرحلة توقيع العقود وخلال مرحلة التطبيق. كما لم تلتفت وزارة المالية الي تنبيهات الجهاز بوجود أناس بوزارة المالية يسهلون للشركة الحصول علي مستحقاتها المالية كاملة دون أن تلتزم الشركة بشروط العقود ولا توقيتات الأداء حيث تعدت المبالغ التي حصلت عليها الشركة من المالية عن عقود بالأمر المباشر مبلغ "50 مليار جنيه" عن خدمات أغلبها لم ينفذ بل إن جانباً من تنفيذ بعض تلك العقود ذو أثر ضار بالسياسة المالية للدولة وإيرادات الدولة. وفي مقدمتها عقد مركز التحصيل والدفع الالكتروني الذي تحول فجأة من عقد لبناء مركز التحصيل الالكتروني بالمالية الي عقد لتقديم الخدمات وكانت النتيجة أن انتهت مدة العقد وهي سبع سنوات ولم يبن المركز في الوقت الذي حصلت فيه الشركة علي مستحقاتها المالية بالكامل.. لتجد المالية نفسها مضطرة لتجديد عقد الحصول علي الخدمات الالكترونية من شركة "إي فاينانس" وإلا يكون البديل هدم منظومة التحصيل الالكتروني للضرائب والجمارك ومنظومة التسديدات الحكومية لكل مرتبات العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات والتوريدات الحكومية وأيضا هدم منظومة الدعم للمواد البترولية. علي الجانب الآخر أكد مصدر بالجهاز المركزي للمحاسبات أن ما ورد من تصريحات نشرتها "المساء" أيضا في إطار حملتها بشأن المخالفات التي ارتكبت في تنفيذ عقود وزارة المالية مع شركة "إي فاينانس" علي لسان أحد أهم مستشاري الوزير من تهكم والذي أرجع الاسباب في عدم الرد علي تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الي أن الوزارة ليس لديها وقت للرد علي التقرير وخاصة لو كان معداً عن غير فهم. وسؤاله لرئيس الجهاز : لو كنت مطمئنا لما جاء بتقرير الجهاز عن عقود المالية و"إي فاينانس" لماذا لم تحله للنائب العام دون استئذان لا من رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب كما أحلت من قبل وزير المالية وفقا لتقرير الجهاز أيضا عن السندات الدولارية والذي حفظه النائب العام.. قال المصدر إن تلك التصريحات أثارت حفيظة رجال الجهاز المركزي للمحاسبات ولاسيما أنه الجهاز الرقابي المالي للشعب. ولرجاله سمعتهم الطيبة علي مستوي العالم كما أنه المراقب الأصيل عن أداء كل الجهات الحكومية وشركات القطاع العام والأعمال وتقرر إحالة الملف الي المستشار النائب العام. أصر المصدر المسئول بالجهاز المركزي للمحاسبات ان يكشف لقراء "المساء" عن الأسباب وراء تحفظ النائب العام في شأن السندات الدولارية حيث أكد أن الموضوع يمثل حلقة في مسلسل المخالفات المتكررة لوزارة المالية للقوانين المالية المسئولة عن تنفيذها. وفي هذه المرة كانت المخالفة لقانون الضرائب حيث أصدرت الوزارة عام 2012 سندات دولارية وأعفتها من الضرائب بينما السندات وفقا لقانون الضرائب تخضع للضريبة.. وعندما اكتشف الجهاز تلك المخالفة حاولت المالية تصحيح الخطأ بموجب توصية من المستشار القانوني للوزير بأن يتم اصدار السندات شاملة للضرائب علي أن تسدد المالية الضريب وبالفعل قامت المالية بتسديد الضريبة عن المشترين للسندات الدولارية بالدولار بأثر رجعي عنها الأمر الذي اعتبره الجهاز إهداراً للمال العام وتحايلا علي القانون فتم احالة الموضوع الي النائب العام الذي تحفظ علي التقرير ليس لأن المالية لم تخالف ولكن لأن المالية بررت في تقريرها اضطرارها الي إصدار السندات الدولارية بدون ضريبة نظرا لاحتياجها الي الدولارات لعجز الموارد من العملة الصعبة وارتفاع الفائدة علي سعر الدولار بالبنوك الأمر الذي كان يلزم بأن يكون السند الدولاري ذا ميزة الاعفاء الضريبي وهو ما يعني أن النائب العام لم يحفظ الإحالة لأن المالية لم ترتكب المخالفة لقانون الضرائب وإهدار المال العام وإنما لاعتبارات سياسية فقط.