السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    تعرف على أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    بإجمالي 134 مليون جنيه، رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات مدينة ناصر وجهينة    القاهرة الإخبارية: تقدم ملحوظ في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    "3 تغييرات".. التشكيل المتوقع للأهلي ضد الجونة في الدوري المصري    إصابة 8 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز بسوهاج    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    «البدوي»: الدولة تتبنى خطة طموحة للصناعة وتطوير قدرات العمال    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    روسيا تسقط 4 صواريخ أتاكمز أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم.    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    جيش الاحتلال يقصف أطراف بلدة الناقورة بالقذائف المدفعية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    وزير المالية: الاقتصاد بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    أمر اداري لمحافظ الأقصر برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن والمديريات فترة الاعياد    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    سفاح فى بيتنا.. مفاجآت فى قضية قاتل زوجته وابنه    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    أسعار البيض اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 بدائل فقط للخروج من أزمة سد النهضة
نشر في المساء يوم 12 - 12 - 2015

مع انطلاق اجتماعات اللجنة السداسية من مصر والسودان وأثيوبيا أمس بالخرطوم لبحث أزمة سد النهضة ما هي البدائل المتاحة أمامنا لتجاوز هذه المشكلة الكبري وهل أهملنا في التعامل مع القضية من البداية والأيدي الخفية وراء استمرارها والعديد من القضايا والموضوعات كانت محور النقاش مع د.محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية الأسبق وأحد الخبراء المتميزين في هذا المجال.
* ما هي الخلفية والأسباب التي أدت إلي وصول أزمة سد النهضة الأثيوبي إلي ما هي عليه الآن؟
- رغبة الجانب الأثيوبي في إقامة السد ليست جديدة أو وليدة اليوم بل تعود إلي خمسينيات القرن الماضي بدعم واضح من أمريكا وبالتحالف مع السودان وأوقف عبدالناصر هذه المحاولات وهدأت الأمور ثم عادت أيام الرئيس السادات وساعتها هدد تهديداً مباشراً بضرب السد عند إقامته فتوقف التفكير في إقامة السد وفي العقدين الأول والثاني من حكم الرئيس الأسبق مبارك تم إثارة القضية من جديد وأيضاً نجحت مصر في إيقافه إلي أن تكرر الأمر في عام 2005 وتحديداً من خلال ما عرف بمبادرة حوض النيل التي اختصت بتصريف المياهمن حوض النيل الشرقي وللأسف نجح الأثيوبيون من خلال هذه المبادرة من الحصول علي موافقة مصر علي قيام الجانب الأثيوبي بإجراء الدراسات الفنية الخاصة بالسد والأخطر أن د.محمود أبوزيد وزير الري والموارد المائية الأسبق أرسل خطاباً رسمياً إلي البنك الدولي يتضمن موافقة مصر علي قيام البنك بتمويل هذه الدراسات مما يعني الموافقة ضمنياً علي إقامة السد.
* ماذا كان الوضع عندما توليت مسئولية وزارة الري في عام 2009؟
- الوضع كان سيئاً حيث بدأت الأمور تنفجر بصورة أكبر نتيجة الخطأ الذي ارتكبناه بالموافقة علي إجراء دراسات إنشاء السد في 2007 وبصراحة لم تكن الرؤية لدي القيادة السياسية واضحة فعلي سبيل المثال كان يتم إنشاء سد آخر أصغر وهو سد تكيزي منذ عام 2005 ومصر لم تعترض أو تثير القضية بحجة عدم الإساءة للعلاقات مع أثيوبيا وأيضاً كان هناك سد تنابلسي وأيضاً لم تعترض مصر والمهم أنني عندما توليت المسئولية قمت بإعداد ملف كامل عن القضية وقمنا برفع موقع السد علي خرائط دقيقة من خلال الأقمار الصناعية وتم رفع تقرير مفصل إلي القيادة السياسية في ذلك الوقت لكن المشكلة أن مصر كانت قد تنازلت في فترات سابقة عن شرط الأخطار المسبق لإقامة أي مشروعات علي مجري النهر قبل القيام بها كما أنها وافقت علي إقرار مبدأ التوافق حول أي مشروع بدلاً من الأغلبية والحق الوحيد الذي تمسكت به هو عدم المساس بحصتها من مياه النيل وفي هذه الأثناء اجتمعت دول حوض النيل لإقرار اتفاقية عنتيبي التي ترفضها مصر ونجحنا في إيقاف قرارها بشكل نهائي حيث أقنعنا بروندي والكونغو بعدم التوقيع علي الاتفاقية ومن ثم أوقفنا مؤقتاً بناء سد النهضة.
* كيف جرت الأمور بعد ثورة 25 يناير؟
- كانت الأوضاع في مصر غير مستقرة واستغلت بعض الأطراف حالة الضعف التي وصلنا إليها وفوجئنا بنجاح الطرف الآخر في إقناع بوروندي بالتوقيع علي اتفاقية عنتيبي لتدخل حيز التنفيذ فسارعنا بتكليف أساتذة الجامعات المتخصصين في كل ما يتعلق بالسدود بدراسة الأمر وأكدوا أن بناء السد له آثار كارثية علي مصر وتم رفع الأمر إلي وزارة الخارجية ومجلس الوزراء وتم رفض الدراسات التي أجرتها أثيوبيا حول السد فأعادوا إجراءها بشكل متعجل ولا تختلف كثيراً عن الدراسات السابقة فتم رفضها أيضاً وقام مجلس الوزراء بتكليف وزير الخارجية في ذلك الوقت السفير أحمد أبوالغيط وفايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي وقتها بالسفر إلي أثيوبيا لإقناعها بوجهة نظر مصر ومقابلة مليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا السابق رغم أنه ألقي في ذلك الوقت خطاباً شديد اللهجة حول أحقيتهم في بناء السد إلا أننا نجحنا في إقناع الجانب الأثيوبي بالتوقف مؤقتاً عن البناء لإجراء دراسات أكثر لكن هذا لم يمنع أثيوبيا بشكل نهائي من التفكير في بناء السد بل إنها قامت من خلال تسريبات صحفية في جريدة اديسا فورنش الأثيوبية بالإعلان عن رغبتها في مارس 2011 ببناء ما أطلقت عليه سد أطلقت عليه "أكس" ثم في أبريل 2011 أعلنت عن بناء سد الألفية العظيم بسعة 60 مليار متر مكعب وبعدها بشهور أعلنت عن آخر اسم للسد وهو النهضة بسعة 74 مليار متر مكعب ورفعت القدرة الكهربائية المولدة منه إلي 4 إلي 6 آلاف كيلو ميجاوات مستغلين كما قلت الأوضاع بعد الثورة في مصر وقام مليس زيناوي بوضع حجر الأساس للسد الحالي.
* هل تم ذلك رغم الضجة التي صاحبت زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية عقب ثورة 25 يناير ولقاء زيناوي؟
- هذا الوفد ضم شخصيات كانت مرشحة للرئاسة وبعض رموز الإخوان وللأسف هذا الوفد أساء أبلغ إساءة إلي مصر حيث تباري أعضاء الوفد أثناء لقاء زيناوي في توجيه الشتائم والإهانات إلي الراحل عمر سليمان والرئيس الأسبق مبارك ووافقوا علي وصف زيناوي لهما بالشيطان الأصغر والشيطان الأكبر وكانت نتيجة ذلك أن وعدهم زيناوي علي مضض كما صرح بعدم التصديق بصفة نهائية علي اتفاقية عنتيبي وبعد ذلك سافر د.عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق وفايزة أبوالنجا إلي أثيوبيا في مايو 2011 وفوجئنا بشرف يصرح بتصريحات تعني موافقة ضمنية علي السد و تم الاتفاق علي تشكيل لجنة ثلاثية واجتمعت في أغسطس وأعاد زيناوي طلبه لمصر بالتوقيع علي اتفاقية عنتيبي وأيضاً لم تسفر المفاوضات علي شيء وفي أيام د.هشام قنديل تم الاتفاق علي تشكيل لجنة تضم ممثلين لكل دولة من مصر والسودان وأثيوبيا و4 خبراء دوليين بالتوافق فيما بينهم وتم اختيارهم من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وجنوب أفريقيا وفي مايو 2012 التقت اللجنة من خلال 6 اجتماعات وكانت أثيوبيا تعرض الدراسات حول السد بالقطعة أي كلما انتهت من جزئية عرضتها علي اللجنة وانتهت اللجنة في 31 مايو 2013 إلي أن الدراسات غير مكتملة من جميع الجوانب ومنها السلامة الإنشائية وإنه إذا تم ملء السد أثناء سنوات الجفاف سيكون وبالاً علي مصر والسودان وأوصوا بإعادة الدراسات.
* هل كان الاجتماع الشهير للرئيس الأسبق محمد مرسي حول السد الذي ضم بعض الأحزاب كان له تأثير سييء علي مسار المفاوضات؟
- بكل تأكيد حيث أظهر مدي ضحالة الفكر بل والأخطر أن أثيوبيا استغلت من جديد ضعف مصر في هذه المرحلة وقاموا في أواخر أيام مرسي بتحويل مجري النيل فعلياً وتواكب ذلك مع قرار الاتحاد الأفريقي بتجميد عضوية مصر مما ساعد علي سوء الموقف المصري.
* ماذا كان الوضع بعد ثورة 30 يونيو علي مسار المباحثات حول السد؟
- عندما تم انتخاب الرئيس السيسي حدثت انفراجة في الأزمة حيث أعلن في يونيو 2014 عن إعلان ملابوا الذي نص علي العلاقات الطيبة بين الشعبين المصري والأثيوبي وتشكيل لجنة ثلاثية دائمة لبحث القضية ومبدأ عدم الإضرار ولكننا وقعنا في خطأ فادح وهو النص علي أن عمل اللجنة الثلاثية عمل فني بحت وليس سياسياً والخطأ ينبع من أن الرأي الفني يمكن أن يكون دائماً مجالاً للشد والجذب والحجج والحجج المضادة وأخطأنا في أغسطس 2014 وشاركتنا في ذلك السودان عندما تنازلنا معاً علي وجود خبراء دوليين في اللجنة وفي مارس 2015 أعلن وزير الري الحالي عن خارطة الطريق لحل القضية واجتمعت اللجنة سواء في القاهرة أو الخرطوم أو أديس أبابا عدة مرات وحدثت خلافات عديدة في جولات المفاوضات خاصة حول المدة التي تستغرقها الدراسات حيث طالبت مصر بألا تتجاوز مدتها 6 شهور ورأي الجانبان السوداني والأثيوبي أن تستغرق عاماً ونصف العام إلي أن ذهب الرئيس السيسي إلي اجتماع الاتحاد الأفريقي بعد إلغاء تجميد عضوية مصر وتم الاتفاق علي أن تستغرق الدراسات سنة واحدة وفي هذه الاجتماعات تم الاتفاق علي ما سمي بإعلان المبادئ والذي تضمن في رأيي اعترافاً بالسد ونص علي مبدأ عدم الإضرار مع عدم تحديد مرجعية لهذه الأضرار والاستخدام المنصف والعادل لمياه النهر وهو ما يعني إعادة النظر في حصة مصر التاريخية وهو ما يجب أن ترفضه تماماً وكلنا تابعنا بعد ذلك المباحثات وتعثرها والخلاف حول المكاتب الاستشارية والتعنت الأثيوبي دون أن نصل إلي نتائج إلي أن أعلن وزير الري ضرورة وجود دعم سياسي يتواكب مع المباحثات الفنية ولذلك تم الاتفاق علي اللجنة السادسية التي تضم وزيري الري والخارجية في الدول الثلاث والتي بدأت أولي اجتماعاتها أمس بالخرطوم.
* تضاربت آراء المتخصصين حتي في مصر بين الأضرار والتداعيات الناتجة عن اكتمال إنشاء السد فما هو رأيك في ذلك؟
- المشكلة في هذه القضية أنه يتعرض لها الكثير من غير المتخصصين ولهذا نجد من يقول ما المشكلة في إقامة السد إنه عبارة عن بناء هندسي ستدخل المياه فيه من جانب لتخرج من الجانب الآخر وتولد الكهرباء لأثيوبيا ثم تأتي المياه لنا ومن ثم لا توجد مشكلة لكن الحقائق العلمية مختلفة عن ذلك تماماً فلكي تحصل علي أعظم من أي سد يجب أن يتوافر عاملان هما ارتفاع السد إلي أكبر درجة ممكنة ووجود مخزون هائل من المياه خلفه يضمن تدفقها فيما يعرف بالضاغط المائي بالإضافة إي أن أي سد في بداية تشغيله يقوم بإنشاء خزان مياه جوفي تتراوح سعته من 10 إلي 15 مليار متر وبحسبة بسيطة لكي يعمل السد في أحسن صورة مطلوب تخزين 74 مليار متر مكعب سعته الأصلية وحوالي من 10 إلي 15 ملياراً الخاصة بالخزان الجوفي أي حوالي 90 ملياراً ولو تم تخزينها في 10 سنوات فرضاً وليس 3 أو 5 سنوات كما تريد أثيوبيا فهذا معناه سحب 9 مليارات مكعب سنوياً من رصيدنا أي ببساطة سيتم نقل السد العالي من مصر والذي تبلغ سعته أيضاً 90 مليار متر مكعب إلي أثيوبيا لأننا سننقل تدريجياً المخزون خلف السد العالي إلي خلف سد النهضة وسواء في سنوات الجفاف أو الفيضان فإن ذلك سيؤدي في المتوسط إلي عجز دائم في حصتنا المائية لا تقل عن 5 مليارات متر مكعب وعجز 40% في الكهرباء المولدة من السد العالي ونقص حصة مصر سيؤدي إلي تبوير مئات الآلاف من الأفدنة وتشريد آلاف الأسر وما يؤدي له ذلك من عدم استقرار اجتماعي واقتصادي وخلل أمني وأيضاً شحط السفن السياحية وتوقف حركة البواخر النيلية عن العمل تماماً كما أن محطات رفع المياه من النيل لن تعمل بسبب انخفاض المنسوب وسيتراجع مخزون المياه الجوفية بما يتراوح من متر إلي مترين وبالتالي زيادة مياه البحر الملاحية في المياه الجوفية كما أن كميات مياه الصرف الزراعي ستقل وبالتالي زيادة الملوحة في البحيرات الشمالية وما يستتبعه ذلك من ضياع للثروة السمكية وتراجعها بشكل غير مسبوق.
* قمتم بسبب خطورة هذا الوضع بتشكيل مجموعة حوض النيل من شخصيات مصرية فهل يمكن أن تقدم جهداً في هذا المجال؟
- هذه المجموعة تطوعية ليس لها أي صفة رسمية وهي تتكون من أساتذة وخبراء من جامعات عين شمس والقاهرة وأسيوط سواء في العلوم الهندسية والمائية أو العلوم السياسية والاقتصاد والاجتماع والقانون الدولي بالإضافة إلي مجموعة من المفكرين مثل د.مصطفي الفقي ومكرم محمد أحمد ونشاطها يتضمن التشاور حول مشاكل حوض النيل وتقييم الموقف من النواحي السياسية والقانونية والتباحثية وتداعيات سد النهضة علي مصر سواء من الناحية القومية أو الإقليمية أو الدولية وأعددنا توصيات في كل هذه الأمور ورفعناها إلي رئيس الجمهورية لكنني لست في حل من ذكرها لأنها تتعلق بالأمن القومي وأصبحت في حوزة مؤسسة الرئاسة.
* لكن كأحد الخبراء المعدودين في هذا المجال كيف تري الخروج من أزمة سد النهضة؟
- دعونا نتفق علي أن المسار الحالي حقق فشلاً كبيراً ولم يؤد إلي أي نتائج ايجابية بالنسبة لمصر ومن ثم لابد من البحث عن بدائل أري أن أولها التدخل السياسي المباشر من رئيس الجمهورية للاتفاق مع أثيوبيا علي ضرورة التوقف أولاً ومباشرة عن عملية البناء واستدعاء الخبراء الذين قاموا بتقييم الأمر من قبل وأكدوا وجود خطورة لإعادة الدراسات في مدة لا تزيد علي 3 شهور وتكون بمثابة دراسة مبدئية سريعة فإذا ثبت وجود خطر حقيقي علي دولتي المصب مصر والسودان يستمر توقف العمل وتستكمل الدراسات أما إذا لم يثبت وجود الخطر من خلال الخبراء فليس هناك مشكلة في عودة البناء والبديل الثاني هي إدخال طرف دولي في المعادلة خاصة أن مطالب مصر عادلة ولا يمكن ألا تجد قبولاً من أي طرف محايد خاصة أننا أعلنا مراراً أننا موافقون علي أي عمل تقوم به أثيوبيا بشرط عدم الإضرار بمصالحنا والبديل الثالث هو اللجوء لمجلس الأمن للوصول إلي حل نهائي للنزاع.
* ومن تراه اللاعب الرئيسي في زيادة حدة المشكلة وتعثر المباحثات وعدم الاتفاق علي حل نهائي للأزمة؟
- هناك العديد من الأطراف يهمها استمرار المشكلة يأتي علي رأسها تركيا التي من مصلحتها بالتأكيد توتر علاقة مصر بأثيوبيا واستمرار هذه المشكلة بكل تداعياتها بالنسبة لمصر ولهذا تقوم بتزويد أثيوبيا بالسلاح وأنظمة صواريخ علي أعلي مستوي والطرف الثاني إسرائيل المتواجدة بقوة في أثيوبيا حيث تتخلل بها من خلال مخابراتها والمشروعات التي تقيمها وكذلك مد أثيوبيا بالسلاح والطرف الثالث أمريكا التي تدعم الدول التي تقوم بإنشاء السدود بحجة أن هذا يمثل حفاظاً علي البيئة وأخيراً قطر التي نجدها تقوم بدور كبير في اشعال أي أزمات وهذه هي الدول التي تظهر أصابعها بوضوح في المنطقة وما خفي كان أعظم لأن حركة البناء ومعدلات التنفيذ تؤكد أن التمويل المستخدم كبير وهو ما لا يتناسب مع إمكانيات أثيوبيا.
* وكيف تري الموقف السوداني من الأزمة خاصة أن هناك العديد من الأخطار التي يمكن أن تلحق بها من اكتمال السد؟
- بصراحة أشعر أن هناك تباعداً شديداً بيننا وبين السودان واستغرب من غياب عنصر المكاشفة والمصارحة بين الطرفن وأري أن السياسة المصرية الخارجية فيما يخص العلاقات مع السودان غير فعالة وقوية لرأب الصدع فيها وعموماً فالموقف السوداني ينطلق من مصالحها الخاصة حيث إن أثيوبيا لها اتصال قوي بالمتمردين في جميع مناطق السودان وتقوم قواتها بالفصل بين الشمال والجنوب ومن المعروف أيضاً أن أثيوبيا لها اليد العليا في جنوب السودان كذلك قامت السودان بمنح أثيوبيا منطقة في بورسودان لتكون بمثابة منفذ لها علي البحر والسودان أيضاً من أكبر المستثمرين العرب في أثيوبيا وكل هذ المصالح تمثل محددات الموقف السوداني
* ما رأيك في الآراء التي تطرح مشروع مد نهر الكونغو إلي مصر كبديل عن نهر النيل لتخفيف حدة الأزمة مع أثيوبيا؟
- من يروجون لهذا الأمر ويلحون عليه يشبهون الشخص الذي قام ببيع التروماي لأحد السذج في الماضي لأن هناك شبه استحالة في تنفيذ هذا المشروع لأسباب عديدة منها أن قانون الكونغو نفسها يمنع نهائياً تصدير أي نقطة مياه خارج أراضيها وحتي لو تم التغلب علي ذلك فهناك موانع مالية وفنية للمشروع منها أن تكلفته التقديرية لن تقل بحال من الأحوال عن 4 تريليونات دولار وتنفيذه يستغرق علي الأقل من 30 إلي 40 عاماً علاوة علي أنه يحتاج إلي مد آلاف الكيلومترات من المواسير الضخمة من الكونغو إلي مصر وستمر هذه المواسير من خلال مناطق مليئة بالتوترات والصراعات بداية من الكونغو ومروراً بجنوب السودان وانتهاء بالسودان كذلك سوف نحتاج إلي إقامة ما لا يقل عن 7 أو 8 سدود ضخمة مثل السد العالي علي مسار النهر فهل يمكن بعد كل هذه الصعوبات والعقبات يمكن أن نطرح مثل هذا المشروع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.