لا أدري سر الاكتشافات الرهيبة التي أعلنها كل من توقيق عكاشة النائب والإعلامي المشهور ويوسف زيدان الكاتب والمبدع والمفكر الكبير بشأن المسجد الأقصي.. والتي انتهت بهما إلي أن المسجد القائم الآن في القدسالشرقية ليس هو المسجد الأقصي المقصود في سورة "الإسراء".. وليس هو أولي القبلتين وثالث الحرمين ومهبط الإسراء ومنطلق المعراج. والحقيقة أنني لا أدعي مضارعة الرجلين في قدراتهما البحثية والعلمية.. فالأول ضليع ومفجر للثورات ونائب بالبرلمان تحميه الحصانة.. والثاني نجم بازغ في الفضائيات وراءه جيش من المعجبين والمساندين والمخططين والمنفذين.. بينما أنا مواطن بسيط.. ليس لي من حطام الدنيا غير الورقة والقلم وهذه المساحة والستر.. وعقل أحافظ عليه من التبعية والإنقياد إلا لله وصالح الوطن. لكنني فقط أسأل الرجلين الخطيرين: لماذا استهدفتما المسجد الأقصي تحديداً بجهودكما البحثية.. ولماذا الآن؟! هل هذا اجتهاد وإبداع؟! أم هو نوع من تجديد الخطاب الديني المطلوب لملاءمة العصر؟! لاشك أنهما يعرفان كما يعرف العرب والمسلمون والعالم أجمع أن إسرائيل التي صارت اليوم أكثر نفيراً تفعل كل ما تستطيع هي وحلفاؤها من أجل هدم المسجد الأقصي لكي تبني هيكل سليمان مكانه.. وتحاول بكل الطرق اقناع العالم بأن هذا المسجد بني فوق الهيكل المزعوم.. وقد حان الوقت لرد الاعتداء وبناء الهيكل في مكانه وذلك علي الرغم من أن أعمال الحفر التي قامت بها علي مدي السنين الماضية لم تثبت أية آثار للهيكل. لماذا يخرج عكاشة الآن ليعرض ما وصفه بفيلم وثائقي عن المسجد الأقصي الحقيقي تحت الأرض ب16 درجة.. وهو الذي صلي فيه الرسول بالأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج.. وفيه حجر داوود "لاحظ الربط" وهو الذي وصف النبي حوائطه لكفار قريش حينما كذبوه في الإسراء والمعراج.. أما المسجد القائم الذي عليه الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهو مجرد مسجد بناه الوليد بن عبدالملك بن مروان؟! ولأن الأخ عكاشة وصل إلي هذا الاكتشاف الرهيب بمساعدة إسرائيلية بشهادته هو.. حيث حصل علي تصريح من السلطات الإسرائيلية بالتصوير في ساحة المسجد.. واتصل به تليفونياً وزير الداخلية الإسرائيلي ليسهل له مهمته.. وجاءه مدير الأمن في القدس القديمة "إسرائيلي أيضا" فإن الاكتشاف علي ما يبدو قد شجعه علي أن يوجه عبارات مهينة إلي الأزهر وغيره من المؤسسات التي لم تصل إلي ما وصل إليه من نتيجة مؤداها أن المسجد الأقصي الحالي ليس هو المسجد الأقصي الحقيقي. أما الأخ المفكر الكبير يوسف زيدان فقد ذكر في مقابلة تليفزيونية أن المسجد الأقصي الحقيقي الذي ذكر في القرآن يوجد علي طريق "الطائف".. لكن المسجد الموجود في فلسطين لم يكن موجوداً من الأساس في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم.. مؤكداً أن الحرب مع إسرائيل حول القدس لا معني لها.. وأن ما يحدث الآن هو صراع سياسي حول أرض ولا يوجد علاقة للدين به". وكان الدكتور سعدالدين الهلالي قد سبق الرجلين عكاشة وزيدان في هذا الطريق الوعر.. حين قال في مداخلة تليفزيونية إنه لا يجب أن ندافع عن المسجد الأقصي حتي لا ندخل في حرب دينية مع إسرائيل.. فالإنسان أهم من الكعبة ومن المسجد الأقصي. وليس بوسعنا إزاء هذا المنطق المعكوس إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.. هل هذا هو المنتظر من النخبة المثقفة أن تخذل الأمة الجريحة الضعيفة المفككة وهي تحارب معركتها الأخيرة؟! معركة الحفاظ علي الهوية والمقدسات ووحدة الموقف والصف لاسترداد الحق العربي والإسلامي والفلسطيني في معركة غير متكافئة مع عدو شره شرس. أنا لا أكفر أحداً.. ولا أخون أحداً.. ولا أحرض علي أحد.. حتي لا يدعي البعض ما لا نقله ولا نقبله.. أنا فقط أقول للجميع اتقوا الله في شعوبكم وفي أوطانكم.. واجعلوا مثل هذه الآراء والاكتشافات الشاذة في مكانها الصحيح بالمراكز العلمية والبحثية.. ولا تمزقوا الصفوف أكثر مما هي عليه من التمزق والتشرذم.