حالة من الاستياء تسيطر علي الوسط السينمائي بعد قرار وزير الثقافة حلمي النمنم بزيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية بدور العرض من عشر إلي خمس عشرة نسخة. وفي الوقت الذي دافع فيه البعض وعلي رأسهم فاروق صبري رئيس غرفة صناعة السينما عن القرار مؤكدا انه مؤقت لمدة ستة أشهر فقط ويهدف إلي منع غلق دور العرض السينمائي وتسريح العاملين فيها هاجم عدد من المخرجين والفنانين والمنتجين القرار وأصدروا بيانا أكدوا فيه علي ضرورة إعادة النظر في القرار الذي يدمر صناعة السينما في مصر ويزيد من حالة الضعف والركود التي يعاني منها الفيلم المصري بالأساس. "المساء الأسبوعي" استطلعت الآراء حول القرار: * فاروق صبري رئيس غرفة صناعة السينما: هذا القرار كان محور حديث ومناقشات الغرفة لمدة عام كامل وكنا جميعا في البداية ضد أي قرار بالزيادة ولكن للأسف الشديد تناقص الإنتاج السينمائي المصري جعل الكثير من دور العرض تغلق أبوابها وتقوم بتسريح العاملين فيها بسبب عدم وجود ما تعرضه علاوة علي الارتفاع الشديد في تكاليف دور العرض بشكل عام في أعقاب الثورات التي مرت بها مصر مما جعل هذه الدور تعاني أزمة شديدة إما الغلق وتسريح العمالة بها وإغلاق بيوتهم وتشريدهم أو البحث عن حل لانقاذ ما يمكن انقاذه. وأمام كل هذا كان لابد من نقل المشكلة إلي وزير الثقافة الذي استمع إلي جميع أطراف القضية. واقترح مشكورا بحل وسط وهو زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية من عشر إلي خمس عشرة لمدة مؤقتة هي ستة أشهر فقط. وهو القرار الذي وافقنا عليه "مجبر أخوك لا بطل" لانقاذ ما يمكن انقاذه. مضيفا أن الكرة الآن في ملعب المنتجين المصريين وعليهم العمل علي زيادة المنتج من الأفلام لتحل محل الفيلم الأجنبي. مشيرا إلي أن قرار الوزير اتسم بالدقة والاعتدال خاصة وانه لم يفتح الباب علي مصراعية للفيلم الأجنبي فتضيع بذلك هوية الفيلم المصري. وفي نفس الوقت لم يغلق الباب فيضيع العاملون في دور العرض وتتشرد أسرهم. مشددا علي ضرورة وجود ضوابط لبناء دور العرض السينمائي. مؤكدا ان العشوائية المنتشرة حاليا والتي يتم بها بناء الدور خاصة في أماكن تواجد المولات والحدائق وغيرها هي السبب الرئيسي في تلك الأزمة. * المخرج محمد فاضل: غرفة صناعة السينما ونقابة المهن السينمائية كان لابد أن يكون لهما رأي أكثر حسما. فالنقابة ليست فقط مسئولة عن الموضوعات المتعلقة بالصحة والعلاج والمعاشات واقامة سرادقات العزاء. بل أنها مسئولة بالأساس عن حماية مصالح أعضائها ومحاربة أي قرارات تضر بهم. وهذا القرار بالتأكيد سيتسبب في ضرر كبير لجميع الأعضاء الذين سيعانون بسبب قلة الانتاج السينمائي الذي هو قليل بالأساس. وسيجعل أي منتج يفكر ألف مرة قبل انتاج فيلمه نظرا لعدم وجود منافذ أو دور للعرض أو التوزيع. مضيفا أن فتح الباب للأفلام الأجنبية من أجل عيون ومصالح بعض الاشخاص أصحاب دور العرض هو أمر مرفوض وسيضر بالانتاج السينمائي بشكل غير مسبوق حتي ولو كان بشكل مؤقت. أضاف: اعتقد أن جملة لمدة ستة أشهر فقط ما هي إلا خدعة وهدفها تهدئة السينمائيين المعترضين. ولكني أقول لهم إن الحل ليس في الخداع والتهدئة بل في البحث عن علاج دائم لمشكلة الانتاج التي باتت تؤرق الجميع. واعتقد أن ا لحل يكمن في دعم الدولة لدور العرض التي تملكها بحيث لا تتساوي في تكاليفها كالكهرباء والماء والضرائب وغيرها من الخدمات مع دور العرض الأخري الاستثمارية. قال: نحن ندفع الثمن وللأسف الشديد القائمون علي شئون الثقافة والإعلام في مصر لا دراية لهم بشئون الثقافة أو الإعلام ولذلك فلا عجب لأن فاقد الشيء لا يعطيه. * المخرج شكري أبو عميرة: القرار له العديد من السلبيات أبرزها هدم صناعة الفيلم المصري وتقويضها تماما خاصة وأن أي فيلم وطني لن يجد دور العرض المناسبة لطرح أفلامه. واعتقد أن غرفة صناعة السينما اخطأت بالموافقة علي هذا القرار الذي كان يجب أن يكون تقليلاً لنسخ الفيلم الأجنبي وليس الزيادة. مضيفا: مع احترامي لكافة الآراء التي تحدثت عن أهمية القرار ومدي إفادته للعاملين في دور العرض السينمائي إلا أنها جميعا آراء تحتاج لإعادة النظر فيها والتوصل لاتفاق أولا مع نقابة المهن السينمائية التي يعاني السينمائيون فيها من ضعف الانتاج السينمائي خاصة في ظل عزوف الدولة عن الانتاج أو حتي المساهمة فيه. وتعجب أبو عميرة من تجاهل الدولة للانتاج السينمائي قائلا: الفنانون كلهم والمثقفون خلف القيادة السياسية وتدعمها بكل ما أوتوا من قوة ورغم هذا لا يلقون إلا التجاهل وعدم الالتفاف لمطالبهم وصناعاتهم التي تتواري يوما بعد الآخر بعد أن احتلها اصحاب المصالح والتجار. واعتقد أن وزير الثقافة بدوره كان يجب عليه الوقوف مع صناعة السينما وانتاجها الذي يمر بمرحلة من أخطر ما يكون. وهي صناعة سيكون لها مردود اقتصادي وثقافي كبير ليس علي القائمين عليها فحسب بل علي مصر كلها. * المنتج محمد العدل وأحد الموقعين علي بيان رفض القرار أكد رفضه القاطع للقرار الذي وصفه بأنه الضربة القاضية للسينما المصرية. وفيه قتل لفكرة الانتاج السينمائي المصري وتشجيع استيراد الأفلام الأجنبية. مشيرا إلي أن تشابك المصالح بين الانتاج والتوزيع وملكية دور العرض هي التي أوصلت الحال لما نحن عليه. موضحا أن الفيلم المصري لم يصل بعد في كفاءته للمنتج الأجنبي ولذلك فالحل هو تجنب المخاطرة بالسينما وصناعتها عن طريق تشجيع المنتجين لزيادة الانتاج مع الاهتمام بفتح أسواق توزيعية جديدة بالخارج لتحقيق منافسة عادلة مع الفيلم الأجنبي. * الفنانة فردوس عبدالحميد قالت: للأسف الشديد القرار استمرار لغياب دور الدولة في حل أزمة صناعة السينما المصرية. وهو سيمنح التجار وأصحاب المصلحة الحق في ضرب صناعة الفيلم المصري. وسيستسهل العاملون في هذا المجال شراء الفيلم الأجنبي لأنه أرخص ولن يكلفهم إلا القليل "ومش مهم بقي الفيلم المصري". مضيفة الدولة عليها الآن عبء كبير يتمثل في ضرورة استرجاع وتحسين دور العرض التابعة لها ولوزارة الثقافة. والاهتمام بها وتطويرها لاستيعاب الأفلام المصرية المنتجة. بحيث يشعر المنتج وقتها أن افلامه سيكون لها دور عرض قوية تنافس دور العرض الخاص. وأن أفلامه لن تتعرض للظلم وبذلك يتم تشجيعه علي الانتاج. مشيرة إلي ضرورة أن تقدم وزارة الثقافة والجهات المعنية كل الدعم المادي والعيني وكافة التسهيلات للمنتجين لانتاج أفلام قادرة علي المنافسة وتحقيق الربح المادي والثقافي للدولة حتي ولو كان أبطالها من الشباب. * الفنان صبري فواز أحد الموقعين علي بيان رفض القرار قال: إن زيادة النسخ من الأفلام الأجنبية سيكون علي حساب المنتج المصري الذي يعاني أصلا من الضعف. وقال: "احنا أصلا في عرض فيلم جديد ينتج". وبعدها يمكننا التحول لأسواق أخري أجنبية أو أمريكية كما نريد. لكن صناعة الفيلم المصري هي الأساس. مضيفا: حتي ولو كان القرار بشكل مؤقت فالضرر سيكون هو الغالب. وعلي كل فكل جهة تنظر للأمر من وجهة نظرها وسيكون علينا الانتظار حتي نري مدي فاعلية القرار وتأثيره الحقيقي علي الفيلم المصري وصناعة السينما المصرية بشكل عام. * المخرج السينمائي سامح فهمي: الأفلام الأجنبية تعرض طوال العام وليست مرتبطة بمواسم مثل الفيلم المصري فتقوم بسد عجز الانتاج في مصر و تقوم بتنشيط السينمات الكبيرة بأي مصدر دخل اضافي وبما أن الانتاج المصري عشوائي وحسب الحالة الداخلية وموسمي وفي الأعياد تحديدا لذلك تمت المطالبة بزيادة المعروض من النسخ الأجنبية. واعتقد أن هذا شيء ايجابي لدور السينما المصرية إنما الانتاج المصري أزماته أكبر من ذلك بمعني أن الانتاج المصري ضعيف عددا لأن هناك شبه احتكار من منتج أو اثنين والسينما اصبحت فقيرة من حيث التقنية إلي حد ما ولكن في وجود الفيلم الأجنبي ستتجه الأنظار إليه ويفقد مجال السينما المشاهد المصري حتي مع الاثنين المنتجين المحتكرين أقصد الانتاج السينمائي المصري. وبخصوص المقارنة بين الفيلم الأجنبي والفيلم المصري فكل نوع وله جمهوره والمثقفون يفضلون الفيلم الأجنبي لأن وجهة نظري الشخصية أن الأفكار المصرية معظمها هش أو مقتبش من أفلام اجنبية.. وإذا كان هناك سينما حقيقية فلن نخشي من المنافسة مع الأفلام الأجنبية. * الفنانة الكبيرة لبني عبدالعزيز تقول: زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية في مصر تأتي في المقام الأول لصالح الفيلم المصري من حيث تشغيل دور السينما وكل دور العرض والعاملين فيها خاصة وأن هذه الأفلام تساعد علي تنوير العقول المصرية وتوسيع الخيال وتنشيط الفكر ولكن يشترط أن يكون اختيار الفيلم الأجنبي نفسه مناسبا للذوق المصري ليستفيد من عرضه ولابد أن يكون هناك دور عرض للأفلام الأجنبية تختلف عن الأفلام المصرية من حيث الامكانات. * الكاتبة فايزة هنداوي: قرار وزير الثقافة بزيادة نسخ الفيلم الأجنبي إلي 15 نسخة يخدم مستوردي الأفلام وأعضاء غرفة صناعة السينما ويعود بالخراب علي صناعة السينما وهو يشبه تماما الاعتماد علي المنتج الصيني وإغراق الأسواق به. * الفنانة تيسير فهمي: مما لا شك فيه أن وزير الثقافة لا يريد الضرر للسينما المصرية ويريد الصالح العام ولا يجب علينا أن نأخذ الموضوع بعاطفة دون دراسة علمية دقيقة والبحث عن مدي تأثير هذا القرار علي دور العرض وعلي السينما ويتم معرفة المردود علي الفيلم المصري لدي المتلقي.. ولا استطيع بالمنطق العلمي أن أجيب لأنه يجب أن يكون هناك احصائية دقيقة من قبل المتخصصين. وهل سيكون هناك تأثير علي الفيلم المصري أم لا؟ وهل عدد الأفلام المصرية لدينا تقوم بتغطية جميع دور العرض طول العام أم أن هناك احتياجا للأفلام الأجنبية. وإذا لم تؤثر علي السينما المصرية فمرحبا. بشرط أن يتم اقتناء أفضل 15 فيلم أجنبي لعرضها.. والأهم هو عدم التأثير علي الفيلم المصري والرأي الأهم في ذلك للموزعين لأنهم الأكثر دراية. * الفنانة عفاف شعيب: أين الفيلم المصري من ذلك القرار؟ واعتقد أن هذا سيعود بالضرر علي الفنانين لأنه يتيح بذلك تركيز الجمهور علي المنتج الأجنبي والابتعاد عن المنتج المحلي.. ويجب أن نهتم بصناعتنا أولا لأن صناعتنا أولي من أي شيء في الدنيا وكفاية كده فهناك الكثير من الفنانين يجلسون بلا عمل ويجب الاهتمام بهم حتي لا تتأثر السينما وعلي الرغم من الانتقادات التي توجه لبعض المنتجين مثل السبكي إلا أنني أري أن لهم أهمية كبيرة في صناعة السينما ولهم الكثير من الأعمال الناجحة وبتنفيذ هذا القرار ستنقرض الأعمال المصرية في السينما أكثر ما هي منقرضة. * داليا مصطفي: هذا القرار يعد غريبا ويعتبر دمارا للسينما المصرية لما يحمل بداخله من سلبيات علي الوسط الفني ككل واعتقد انه إذا كانت هناك أفلام تعرض في السينما حاليا فبعد تنفيذ هذا القرار لن يكون هناك معروض مصري لاتجاه الجمهور لمثل هذه الأفلام الأجنبية والتي بطبيعة الحال أكثر تقنية من حيث التكنولوجيا وتعتمد علي الإبهار بعيد عن المضمون. * المخرج السينمائي عادل عوض: قرار زيادة نسخ الفيلم الأجنبي يعتبر كارثة لأن هذا سيؤثر بالسلب علي السينما المصرية ويخرج شهادة وفاة لها. لأنه بالاعتماد علي المنتج الأجنبي سيتم تهميش المنتج المحلي الذي هو أساسا في الانعاش ويحتاج من يبث فيه اكسجين لتحيا ثانية. وقد علمنا أن نقابة السينمائيين ستنقعد في جمعية عمومية طارئة لمناقشة هذا القرار والبت فيه. فنتمني العدول عن هذا القرار لما ينتج عنه من تدمير للسينما المصرية.