ستكون جهود السعودية لتوحيد جماعات المعارضة السورية المسلحة في اجتماع بالرياض الأسبوع القادم اختبارا كبيرا لطموحاتها في المنطقة بعد سنوات من المشاحنات فيما بين تلك الجماعات ووسط تحفظات شديدة بشأن المبادرة بين القوي الكبري المشاركة في الحرب. ومنذ تولي الملك سلمان السلطة في يناير سعت الرياض لأن تضع نفسها موضع الزعيم للسنة في الشرق الأوسط الذين يريد أغلبهم رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة وكبح نفوذ حليفته إيران. تري الرياض الآن فرصة سانحة للتأثير في الحرب في سوريا بعد أن أحيا التدخل الروسي وأزمة اللاجئين في أوروبا وهجمات باريس المشاركة الدولية في الصراع. وقال دبلوماسي غربي كبير في الخليج "هذا المؤتمر يهدف لتغيير الوضع علي الأرض" مشيرا إلي ضرورة تعزيز ما وصفها "المعارضة المعتدلة" في سوريا التي تعارض الأسد وتنظيم داعش. ويحضر اجتماع الأسبوع المقبل نحو 65 عضوا من المعارضة السياسية والمسلحة بما في ذلك 15 ممثلا لجماعات مسلحة. ولم توجه دعوة لتنظيم داعش ومن غير المتوقع أيضا توجيه دعوة لجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة. لكن في ظل انتقاد إيران للاجتماع بوصفه ضارا بفرص السلام وقلق تركيا من احتمال وجود الأكراد وقلق الدول الغربية في الوقت نفسه من الدور الذي سيلعبه الإسلاميون فإن السعودية قد تجد صعوبة في تحقيق ذلك. وبالنسبة للسعودية فإن سوريا تأتي هذا العام في المرتبة الثانية بعد اليمن الذي أصبح المسرح الرئيسي للصراع الشامل علي النفوذ في المنطقة مع إيران لكن أسرة آل سعود الحاكمة لا تزال تعتبر الحرب الأهلية السورية ساحة المعركة المحورية في المنافسة. وتضع الحرب الجيش السوري وفصائل متحالفة معه بينها مقاتلو جماعة حزب الله اللبنانية بدعم من إيرانوروسيا في مواجهة عدد من جماعات المعارضة والمقاتلين المتشددين. وتفاقمت الانقسامات بين المقاتلين المعارضين علي الأرض بسبب الأجندات المتنافسة لمن يدعمونهم من دول الخليج وتركيا والدول الغربية. كما أن المعارضة السياسية السورية في المنفي لا تتمتع بنفوذ يذكر داخل البلاد الأمر الذي يزيد من تعقيد مساعي تشكيل جبهة موحدة ضد الأسد. ويتفق الداعمون الخارجيون لقوي المعارضة المسلحة علي وصف تنظيم داعش بأنه عدو لدود في حين تراه الدول الغربية الخطر الأكبر والأكثر إلحاحا بينما لا تزال تركيا ودول الخليج تعتبر الأسد المشكلة الأساسية. ورغم أن السعودية ساعدت العام الماضي في حشد مجموعة من الدول العربية لدعم الضربات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد داعش فإن دورها العسكري في التحالف رمزي في معظمه. ويقول دبلوماسيون إنه رغم استمرار السعودية في القيام ببعض المهام ضد التنظيم هذا العام فإن دورها تراجع إلي حد بعيد لأسباب منها عدم الارتياح إزاء استراتيجية التحالف وتركيز قوتها العسكرية بشكل كبير علي الحرب في اليمن. أضاف الدبلوماسي الغربي ومصدر سعودي مطلع إن آخر ضربات جوية سعودية في سوريا يتذكرانها حدثت قبل أكثر من شهر. وقال دبلوماسي غربي كبير آخر في الخليج إن السعودية لا تزال تنفذ بعض العمليات. وتريد الرياض الآن التركيز علي حشد المعارضة السورية في كيان متماسك يمكن أن يشكل محاور جادة ويدحض حجة الأسد وإيرانوروسيا بأن المتشددين يهيمنون علي المعارضة. لكن الوصول إلي نوع ما من الاتفاق في الاجتماع الذي سيضم طيفا واسعا من جماعات المعارضة لن يكون المشكلة الوحيدة حيث ربما تكون المهمة الأكبر هي إقناع حلفاء الرياض بقبول أي نتيجة تتمخض عنها المحادثات. وقال الدبلوماسي الغربي الثاني "مجرد تنظيم هذا "الاجتماع" هو إنجاز كبير. كان هناك الكثير من التحفظات بشأن من ستوجه له الدعوة. إنه نقاش آخذ في التطور بين السعوديين والأمريكيين والأتراك وآخرين. هناك الكثير من القضايا تتعلق بجماعات مختلفة." ولتركيا أسباب واضحة للقلق. فأنقرة لا تواجه خطرا من داعش فحسب بل أيضا احتمال أن يظل الأسد في السلطة بحماية من روسياوإيران بينما يحقق المقاتلون الأكراد بدعم من الولاياتالمتحدة مكاسب علي الأرض.